إثيوبيا تتهم مصر بـ"زعزعة استقرار" القرن الأفريقي… ما سر التوقيت؟
أثارت اتهامات إثيوبيا لمصر بأنها تقود "حملات لزعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، بما في ذلك إثيوبيا" ردودَ فعل غاضبة في الأوساط السياسية والشعبية المصرية، كما طرحت تساؤلات حيال توقيت صدور تلك الاتهامات.
ورغم مرور قرابة 24 ساعة، وحتى كتابة هذه السطور، لم يصدر ردٌّ رسمي من القاهرة.
وزعم البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية أن "مصر تسعى إلى خلق دول تابعة ضعيفة ومجزأة تنفذ توجيهات القاهرة في المنطقة" عبر تلك الحملات.
وشهدت العلاقات بين البلدين توتراً سياسياً متصاعداً منذ نهايات عام 2023، بعدما أنهت مصر المسار التفاوضي مع إثيوبيا، بسبب "تعنتها" ورفضها توقيع اتفاق ملزم مع دولتي المصب (مصر والسودان) لإدارة وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
وخَلَّف البيان الذي اتهم القاهرة بأنها "ترفض الحوار بشكل قاطع" موجةَ انتقادات شديدة، باعتبار أن مصر خاضت مساراً طويلاً من المفاوضات المضنية مع أديس أبابا منذ عام 2011 دون نتيجة.
ووصف النائب البرلماني المصري مصطفى بكري الاتهامات الإثيوبية بأنها "استمرار لخطاب الزيف والأباطيل الذي تتبناه إثيوبيا، في محاولة لكسب الرأي العام بداخلها، خاصة مع ازدياد حالات السخط تجاه ممارسات حكومة آبي أحمد".
ووصف أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي التصريحات الإثيوبية بأنها "خادعة ومذعورة من التواجد المصري في القرن الأفريقي".
/p>
قلب للحقائق
يقول الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية سابقاً السفير أحمد حجاج، لـ"النهار"، إن "الحكومة الإثيوبية اعتادت على قلب الحقائق؛ فهي على سبيل المثال من وضعت سداً للتحكم بمياه نهر النيل (الأزرق)، ثم تدّعي أن مصر هي التي ترغب في الهيمنة على النيل".
ويشير السفير حجاج إلى أن "مصر مستمرة في شرح موقفها العادل في المحافل الدولية، وتؤكد تمسكها بحقها في مياه نهر النيل، وكشف مخالفة إثيوبيا للقانون الدولي الذي وضع مبادئ متفقاً عليها لتنظيم الأنهار الدولية".
توقيت التصريحات
أثار توقيت الاتهامات الإثيوبية تساؤلات بشأن دوافع صدورها.
وبينما فسّرها البعض بأنها نتاج أزمات داخلية في إثيوبيا ومحاولة من آبي أحمد لافتعال "معركة خارجية" بهدف "إلهاء شعبه"، فإن آخرين يعتقدون أنها ترتبط بتحركات مصرية على المستويين الإقليمي والدولي للمطالبة بحقوق مصر المائية.
وكان وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي أكد خلال لقائه أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني على "ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي في ما يتعلق بالموارد المائية المشتركة، والتعاون على أساس التوافق والمنفعة المشتركة لتحقيق مصالح كافة دول حوض النيل".
كما شدد على "رفض الإجراءات الأحادية المخالفة للقانون الدولي في حوض النيل الشرقي"، مؤكداً أن "مصر ستتخذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي لحماية المقدرات الوجودية لشعبها".
وتنظر مصر إلى مياه النيل – التي تشكل أكثر من 90 بالمئة من مواردها المائية – بوصفها مسألة وجودية، وتعتبر أن انفراد أديس أبابا بإدارة سدها الضخم يهدد أمنها المائي كما يهدد السودان، سواء في مواسم الجفاف أو في فترات الفيضانات التي أغرقت قرى سودانية ومساحات من الأراضي المصرية بعدما فتحت إثيوبيا السد لتصريف المياه بقرار منفرد ومن دون التنسيق مع دولتي المصب.
نبض