مؤثرات يخلعن حجابهن تباعاً بمصر… تخلص من "أغلال الصحوة"؟

شمال إفريقيا 24-11-2025 | 20:14

مؤثرات يخلعن حجابهن تباعاً بمصر… تخلص من "أغلال الصحوة"؟

من أحدث تلك الحالات وأكثرها إثارة للجدل: سلمى عبدالعظيم.
مؤثرات يخلعن حجابهن تباعاً بمصر… تخلص من "أغلال الصحوة"؟
سلمى عبد العظيم - (انستغرام)
Smaller Bigger

في الحقبة الممتدة من سبعينات القرن الماضي الى تسعيناته، أعلنت نجمات لامعات في سماء الفن مثل عفاف شعيب، وشهيرة، وسهير رمزي، وشمس البارودي، ارتداء الحجاب. 

كان يصاحب كل حالة صخب إعلامي وسجالات دينية محتدمة وموجهة، ما أحدث ضجة هائلة بالمجتمع، وخلف شكوكاً لدى كثيرين في صحة تدينهم. 

اتهم المتشددون المصريين بالابتعاد عما وصفوه بـ"صحيح الدين"، وركز ما يناهز 70 بالمئة من خطابهم على زي المرأة، وشؤونها، وتحريض الرجال على النساء، وتحميلهم مسؤولية تقويمهن باعتبارهن "ناقصات عقل ودين". 

أحدث ذلك الخطاب الحاد تحولاً جذرياً في المجتمع المصري الذي كانت غالبية نسائه، ولاسيما منهن المتعلمات -بمن فيهن طالبات جامعة الأزهر- لا يرتدين الحجاب. 

 

صورة متداولة (تم تعديل ألوانها) لطالبات بجامعة الأزهر في ستينات القرن الماضي - (تويتر) 

 

وبعد عقود مما أطلق عليه المتشددون اسماً يراه باحثون كثر مضللاً، وهو "الصحوة الإسلامية"، تغيرت المنظومة الفكرية لقطاعات واسعة من المصريين، وحلت رؤية أحادية ضيقة الأفق لفهم الدين، مكان رحابة التنوع الفكري الذي يحظى به التراث الإسلامي المتراكم عبر القرون والظروف والبيئات المتباينة، كما بات أكثر من 80 بالمئة من النساء المصريات محجبات أو منقبات.

ارتداد عكسي؟
في الآونة الأخيرة، حدث أمر معاكس، بحيث توالى إعلان مؤثرات خلع الحجاب، وتكرر الصخب المصاحب لكل حالة، ولكن بطريقة تتماشي مع عصر الإنترنت الذي يشارك فيه الجمهور برأيه، ولا يكتفي بدور المتلقي أو المستمع. 

من أحدث تلك الحالات وأكثرها إثارة للجدل: سلمى عبدالعظيم، التي اعتبرها البعض "آخر واحدة يتوقع أن تتخلى عن حجابها"، وكذلك "وفاء" التي حرصت على الظهور مع طفلتها بالحجاب لوقت طويل، والفنانة منال عبد اللطيف التي ارتدت الحجاب 12 عاماً ثم تخلت عنه، أخيراً، وأسماء جلال، موديل ملابس المحجبات، التي دخلت عالم الفن والأزياء من دون غطاء الرأس.

 

 

سيطرة ذكورية
يفسر أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية-اليابانية الدكتور سعيد صادق الصخب المصاحب لقرار كل سيدة معروفة تقرر التخلي عن حجابها، بأن الحجاب هو آخر أدوات سيطرة الرجال على النساء بمصر.

ويقول لـ"النهار": "امتلكت النساء قوة اقتصادية، ومن ثم استقلالية في قرارهن بعدما التحقن بسوق العمل. والحجاب هو آخر أداة يتمسك بها الرجل للسيطرة على المرأة في مجتمع ذكوري، تدعمه آراء دينية متشددة، تتبنى وجهة نظر أحادية لفهم الدين". 

 ويستبعد صادق أن تكون هذه الموجة مؤشراً على انتهاء سيطرة المتشددين على العقل الجمعي للمصريين، ويقول: "لا يمكن اعتبار اتجاه بعض النساء لخلع الحجاب، نهاية لتأثير الجماعات الإسلامية في المجتمع، لأنهم لا زالوا متواجدين ومؤثرين".

 

 

صراع قديم
يرجع الباحث في حركات الإسلام السياسي عمرو عبد الحافظ الردود الصاخبة، إلى صراع فكري قديم. ويقول لـ"النهار": "لدينا لحظتان ظهر فيهما أثر صراع تاريخي بين فئتين يعود الى القرن التاسع عشر: من يتصورون أن النهضة تأتي بمحاكاة الغرب، ومن يعتقدون أنها بالعودة الى التراث الإسلامي”. 

ويضيف الباحث الذي ألف كتاب "الخروج من سجن الإخوان" بعد انشقاقه عن الجماعة، قبل سنوات: "الفترة الأولى كانت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، مع عودة الإسلامويين الى واجهة النشاط العام. أما الفترة الثانية فأتت بعد 30 حزيران/يونيو 2013 إثر إطاحة حكم الإخوان".

ويشير إلى أنه "في الأولى انتشر غطاء الرأس، وغطاء الوجه (النقاب) بتأثير موجة من الدعاية الإخوانية والسلفية، فانزعج خصومهم التقليديون، في حين انزعجت فئة ثالثة، وهم المعتدلون، من انتشار غطاء الوجه، وقبلوا انتشار غطاء الرأس مع الإبقاء على حرية المرأة في ممارسة نشاطها العام في المجتمع".

 

 

ويلفت إلى أنه "بعد إطاحة الإخوان وتراجع شعبيتهم في الشارع المصري؛ تخلى بعض النساء عن غطاء الرأس. لقد ظل الإخوان لعقود يحاولون نشر نمط بعينه من ملابس المرأة، وظل السلفيون يحاولون نشر نمط بعينه من ملابس النساء.. حتى أصبح المتابع قادراً على تحديد انتماء المرأة المحجبة فكرياً من نمط ملابسها، فقد أخرج الإسلامويون المسألة من بعدها الديني إلى بعد سياسي تنافسي، بينهم وبين غير الإسلامويين تارة، وفي داخل الدائرة الإسلاموية تارة أخرى".

بعيداً من كل هذا السجال، حسبما يرى عبد الحافظ، "ما يزال القطاع الأوسع من الشعب المصري يدرك أن هناك فرقاً بين الاحتشام والحجاب بالمعنى الديني من جهة، والتوظيف السياسي المتعسف للمسألة من جهة أخرى".

تفاضل مجتمعي
علقت سلمى المشوادي، وهي إحدى مستخدمات "فايسبوك" على صفحتها بالموقع، على ما يدور من سجالات محمومة، بقولها إن "من يرتدي الحجاب أو يخلعه هو فرد، بينما من يحكم عليه هم جماعة". 

 

 

وأضافت: "الجماعة ترى نفسها مسؤولة عن ضبط سلوك الفرد. رقابة ووصاية اجتماعية عالية، حولت الموضوع الى ضغط مجتمعي أكتر من كونه فرضاً دينياً!". 

وتساءلت: "إلى متى (تستمر) هذه الهستيريا… الهستيريا المجتمعية وصلت إلى حد أن غير المحجبة -من باب التفاضل الاجتماعي- تهاجم  من خلعت الحجاب حديثاً! تحت راية ادعوا لي ربنا يهديني! بات هناك سباق: "من الأتقى؟" و"من الأوعى؟" رغم أن هذا أمر ديني خالص، المفروض يبقى بين العبد وربّه".

وقالت: "إلى متى يظل مجتمع كامل يتعامل مع قرار شخصي، عواقبه فردية، كأنه تهديد ثقافي أو معركة وجود؟".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 11/24/2025 8:20:00 AM
مصدر إسرائيلي: "حكومة لبنان لن تقوم بمهمة إضعاف حزب الله ولن ننتظر"...
النهار تتحقق 11/24/2025 2:09:00 PM
ستشاهدون روائع. سبائك ذهب وتماثيل ذهبية وصناديق أثرية. ما القصة؟
لبنان 11/24/2025 12:40:00 PM
وكالة الصحافة الفرنسية: مصدر قريب من "حزب الله" يقول إن الحزب منقسم بين رأيين حالياً يفضّل أحدهما الرد على اغتيال الطبطبائي ويدعو الآخر للامتناع عن ذلك
لبنان 11/24/2025 2:26:00 PM
على رأسهم الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، يليه النائب محمد رعد