بيان السيسي يرسي سابقة في مصر: إبطال انتخابات 19 دائرة وانضباط مرتقب في المرحلة الثانية
شكل بيان الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن الأحداث التي وقعت في بعض الدوائر الانتخابية، أخيراً، سابقة سياسية مهمة في مصر، وقد تلقته الدوائر السياسية والشعبية بارتياح كبير وترحيب واسع، شمل حتى شخصيات معارضة.
وكان البيان الرئاسي نشر عبر الصفحة الرسمية للرئيس المصري بموقع "فايسبوك"، مساء يوم الاثنين، عشية إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات، النتائج الرسمية للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري لعام 2025، والذي صدر مساء الثلاثاء.
وتلزم المادة 139 من الدستور المصري، رئيس الجمهورية بأن "يرعى مصالح الشعب"، وهو ما اعتبر محللون أنه تجسد بوضوح في بيان السيسي، حيث أعطى الأولوية لإرادة الناخبين ووضعها فوق المصالح الضيقة لبعض المرشحين.
إرادة الناخبين
وقال السيسي في بيانه الذي حظي بنحو نصف مليون تفاعل، وعشرات الآلاف من المشاركات والتعليقات: "وصلتني الأحداث التي وقعت في بعض الدوائر الانتخابية التي جرت فيها منافسة بين المرشحين الفرديين، وهذه الأحداث تخضع في فحصها والفصل فيها للهيئة الوطنية للانتخابات دون غيرها، وهي هيئة مستقلة في أعمالها وفقاً لقانون إنشائها".
وطالب السيسي الهيئة بـ"فحص لأحداث والطعون المقدمة بشأنها، وأن تتخذ القرارات التي تُرضى الله -سبحانه وتعالى- وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية، وأن تُعلي الهيئة من شفافية الإجراءات من خلال التيقن من حصول مندوب كل مرشح على صورة من كشف حصر الأصوات من اللجنة الفرعية، حتى يأتي أعضاء مجلس النواب ممثلين فعليين عن شعب مصر تحت قبة البرلمان".
وشجع السيسي الهيئة المختصة على ألا تتردد في اتخاذ القرار الصحيح عند تعذر الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية، سواء بالإلغاء الكامل لهذه المرحلة من الانتخابات، أو إلغائها جزئياً في دائرة أو أكثر من دائرة انتخابية، على أن تجرى الانتخابات الخاصة بها لاحقاً.
"إبطال" 19 دائرة
وبعد ذلك بساعات، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، الثلاثاء، إبطال الانتخابات تماماً في 19 دائرة بـ7 محافظات، وتحديد موعد لإعادة الاقتراع فيها لاحقاً. والدوائر الملغاة تشكل ما يناهز 27 بالمئة من أصل 70 دائرة في 14 محافظة شملتها المرحلة الأولى من الانتخابات.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي جمال رائف لـ"النهار" إن "قرارات الهيئة انسجمت مع ملاحظات القيادة السياسية، ما يؤكد أن الجميع يعمل لصالح الوطن، ومن أجل إعلاء قيم الدستور والقانون، تحقيقًا للإرادة الشعبية".
جمال رائف
وقال مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد البنداري، في لقاءات إعلامية، قبيل إعلان النتائج، إن الهيئة تلقت 88 طعناً في 34 دائرة انتخابية، فيما لم ترد أي طعون في 36 دائرة أخرى.
وتنافس 1283 مرشحاً بالنظام الفردي على 142 مقعداً. ووفق ما أعلنته الهيئة، فقد فاز عدد من المرشحين، فيما سيخوض عدد منهم جولة إعادة ، كما حصدت "القائمة الوطنية من أجل مصر" المقاعد المخصصة لنظام القوائم، وعددها 142 مقعداً، في المرحلة الأولى. وتضم القائمة 12 حزباً سياسياً.
تفاؤل ملحوظ
وأشاع بيان الرئيس المصري أجواء من التفاؤل في أوساط السياسيين والمراقبين المصريين، ودفع الكثيرين منهم للرهان على أن المرحلة الثانية من هذه الانتخابات ستشهد انضباطاً والتزام المرشحين بالقواعد المنظمة للاستحقاق الانتخابي المهم.
ويقول رائف: "على مستوى الأحزاب والدوائر السياسية، تم استيعاب الدرس السياسي الذي تضمنه بيان الرئيس السيسي، وتأكد أن الرئيس يعلي قيمة العملية الديموقراطية، وقيمة الإرادة الشعبية على المصالح الضيقة لبعض المرشحين، ما سيكون له انعكاساته الإجابية في المرحلة التالية من الانتخابات".
وأشار الكاتب إلى أنه "بالنسبة لبعض دوائر المعارضة المصرية الوطنية، فقد استقبلت البيان الرئاسي بالترحيب، خاصة وأنها تحدثت عن بعض التجاوزات في العملية الانتخابية، وناشدت الرئيس بالتدخل".
واختتم حديثه بأن "تدخل الرئيس سيكون له انعكاساته الإيجابية على المرحلة التالية، لا سيما وأن التدخل الرئاسي كان له تأثيره الإيجابي على المزاج الشعبي، ومن ثم سيؤثر على حجم المشاركة في الجولة المقبلة".
نبض