واشنطن تمسك بخيوط الاقتصاد الليبي... إنعاش موقّت أم إدارة للأزمة؟

شمال إفريقيا 15-10-2025 | 06:00

واشنطن تمسك بخيوط الاقتصاد الليبي... إنعاش موقّت أم إدارة للأزمة؟

في مؤشر إلى دخول القبضة الأمنيّة على خطّ الاقتصاد، أغلقت السلطات في العاصمة طرابلس سوق المشير، أحد أكبر أسواق تجارة العملة في ليبيا. 
واشنطن تمسك بخيوط الاقتصاد الليبي... إنعاش موقّت أم إدارة للأزمة؟
أشخاص يمرّون أمام الباعة في العاصمة الليبية طرابلس. (أ ف ب)
Smaller Bigger

تبدو سلسلة الإجراءات التي اتّخذتها السلطات الليبيّة أخيراً منسّقة بتدخّل مباشر من الولايات المتحدة، إذ أسهمت في تحسّن مؤشّرات اقتصاد أكبر دولة نفطيّة في أفريقيا وتعافي عملتها المحليّة، لكنّ السؤال يبقى مطروحاً بقوّة حول مدى استدامة هذا التحسّن، أم هو مجرّد حالة وقتيّة سرعان ما ستعود إلى التراجع.
وبعد نحو عام على إنهاء أعنف صراع على السيطرة على مصرف ليبيا المركزي وتعيين المصرفي ناجي عيسى رئيساً لمجلس إدارته، يسعى الأخير إلى معالجة أزمات ماليّة عدّة تواجه ليبيا، أبرزها شحّ السيولة وانهيار العملة.
وفي مؤشر إلى دخول القبضة الأمنيّة على خطّ الاقتصاد، أغلقت السلطات في العاصمة طرابلس سوق المشير، أحد أكبر أسواق تجارة العملة في ليبيا. وأظهرت صور وفيديوهات رجال الأمن وهم يفرضون طوقاً أمنيّاً في محيط السوق بعد إغلاقه، لكنّ الإجراء لم يشمل ملاحقة كبار المضاربين المعروفين بالاسم في البلاد، ما أثار الشكوك حيال جديّته. وخلال الأشهر الأخيرة، ارتفع سعر صرف الدينار الليبي إلى ما دون 7 دنانير للدولار الواحد، بعدما كان قد تجاوز 9 دنانير.
ويتواكب تحرّك المصرف المركزي الليبي مع محادثات تقودها واشنطن، ارتفع مستواها خلال الأسابيع الأخيرة، لحضّ الحكومتين المتنازعتين في شرق البلاد وغربها على التنسيق في الملفات الماليّة، ولا سيّما في ما يتعلّق بضغط الإنفاق وتوزيع الإيرادات.

 

أكوام من أوراق الدينار الليبي من فئات عدة معروضة بجانب ورقة نقدية من فئة 100 دولار أميركي. (أ ف ب)
أكوام من أوراق الدينار الليبي من فئات عدة معروضة بجانب ورقة نقدية من فئة 100 دولار أميركي. (أ ف ب)

 

ويرى الخبير الاقتصادي الليبي عبد الرحيم شيباني، في تصريح لـ"النهار"، أنّ دخول واشنطن بقوّة على خطّ الملفَّين الاقتصادي والأمني يهدف إلى "خلق حالة من الاستقرار"، لكنه يشدّد على ضرورة أن يأتي هذا التحرّك، الذي يقوده مستشار الرئيس الأميركي مسعد بولس، "تحت مظلّة خطة الموفدة الأمميّة هانا تيتيه لحلّ الأزمة الليبيّة"، مشيراً إلى أنّ "العملية السياسيّة هي القاطرة التي تقود سائر المسارات".
ويضيف شيباني: "حتى الآن، لا يزال الوضع السياسي يكتنفه الغموض، ولم نلحظ أيّ تقدّم فعلي في تنفيذ خطة تيتيه".
أمّا الخبير الليبي في الشؤون الماليّة والمصرفيّة سامح الكانوني، فيحمّل المجتمع الدولي، وفي مقدّمته الولايات المتحدة، "المسؤوليّة المباشرة عمّا تعانيه بلاده من انقسام وصراعات".
ويقول الكانوني لـ"النهار": "لا شكّ في أنّ الانقسام السياسي ينعكس على الوضع الاقتصادي"، مستبعداً "أيّ تحرّك جدّي من المجتمع الدولي لإصلاح الأوضاع وتوحيد المؤسّسات".
في المقابل، يشيد الكانوني بإصلاحات المصرف المركزي منذ مطلع العام "للسيطرة على سوق العملة الأجنبيّة والقضاء على السوق السوداء التي تحوّلت إلى منفذ لتهريب الأموال وجرائم تبييض الأموال"، معتبراً أنّ استخدام العصا الأمنيّة في إغلاق أسواق بيع العملة الرئيسيّة "رسالة شديدة اللهجة إلى تجّار العملات الأجنبيّة، مفادها: إمّا أن يعملوا ضمن الأطر القانونيّة تحت مظلّة المركزي، أو يواجهوا الملاحقة".
لكنّ شيباني يُشكّك في جدّية هذه الإجراءات الأمنيّة ضدّ تجّار العملة، موضحاً أنّ "الأسواق التي أُغلِقت هي مجرّد حلقات لبيع كميّات محدودة من النقد الأجنبي، بينما الكميّات الكبيرة التي تصل إلى التجّار والمضاربين تُدار في الخفاء وعبر وسائل الاتصال، لا بشكل علني". ويرى أنّ معالجات المصرف المركزي "وقتيّة وغير فاعلة على المدى البعيد، لأنّ المعضلة الرئيسيّة تتعلّق بالإنفاق الحكومي المتضخّم مقارنة بالإيرادات النفطيّة، وعدم وجود موازنة موحّدة".
من جانبه، يؤكّد أستاذ الاقتصاد علي الشريف أنّ مصرف ليبيا المركزي "يتحرّك منفرداً في مواجهة أزمات السوق وسط غياب التنسيق مع مؤسّسات الدولة الأخرى، خصوصاً في ملفّ الإنفاق العام، ما يعكس حجم التعقيدات التي تواجه العمل المؤسّسي في البلاد".
ويضيف الشريف، لـ"النهار"، أنّ المركزي "شرع في تنفيذ عدد من الإجراءات التصحيحيّة المهمّة في محاولة للسيطرة على السوق الموازي، من بينها تنظيم عمل شركات الصرافة، إلا أنّ تأثير هذه الإجراءات لا يزال محدوداً مقارنة بحجم السوق الموازي". ويتابع: "رغم أننا نسير في الاتجاه الصحيح، فإنّ النتائج الفوريّة غير متوقّعة نظراً إلى عمق الأزمة الاقتصاديّة المتراكمة منذ أكثر من 12 عاماً نتيجة السياسات الخاطئة".
ويرى الشريف أنّ ما يساعد حالياً في الحفاظ على استقرار سوق النقد "هو هدنة غير معلنة ناتجة عن تجميد الإنفاق الحكومي"، محذّراً من أنّ "أيّ استئناف للإنفاق الضخم سيعيد الضغط على سعر الصرف".
ويختم بالقول إنّ "المعركة الحقيقيّة التي يخوضها المصرف المركزي ليست فقط ضدّ المضاربين، بل أيضاً ضدّ الطلب الحكومي الكبير على العملة الأجنبيّة وتعدّد قنوات الإنفاق".

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/13/2025 1:59:00 AM
حكومة بنيامين نتنياهو تجري مشاورات هاتفية عاجلة بشأن تعديلات على قوائم الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم في إطار خطة ترامب.
المشرق-العربي 10/14/2025 6:00:00 AM
 لماذا استغرق التوصّل إلى اتفاق كل هذا الوقت فيما أُهدرت فرص سابقة وهل كان من الممكن إبرام صفقة في وقت أبكر عندما كان عدد أكبر من الرهائن على قيد الحياة، وقبل مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين؟
النهار تتحقق 10/14/2025 12:15:00 PM
"القناة الـ13 الاسرائيلية" عن بلدية كريات شمونة: "أصوات انفجارات سُمِعت في المنطقة في الصباح الباكر"
صحة وعلوم 10/14/2025 10:48:00 AM
وزارة الصحة: الإجراء المتخذ بحق "تنورين" يُلغى فوراً اذا اتخذت جميع الإجراءات الضرورية لجودة المياه