"الجولة الأهم" في شرم الشيخ... تقدّم في مفاوضات غزة ودور محوري للاستخبارات المصرية
تكشف المؤشرات والمعلومات الواردة من المحادثات غير المباشرة بين وفدي حركة "حماس" وإسرائيل في شرم الشيخ أن المفاوضات تسير "على نحوٍ جيد". ويتوقّع مراقبون أن تستمر الجلسات لأيامٍ عدّة.
وكانت المحادثات التي تناقش بنود خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الـ20 لوقف الحرب في قطاع غزة، قد انطلقت أمس الاثنين بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة ومصر وقطر.
وتوقّع الرئيس الأميركي التوصّل إلى اتفاقٍ قريب بشأن إنهاء الحرب التي اندلعت قبل عامين. وجاءت تصريحات ترامب للصحافيين في المكتب البيضوي بعد ساعاتٍ قليلة من بدء المحادثات.
كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال بودكاست مع الإعلامي الأميركي بن شابيرو في اليوم ذاته، إنه يتوقّع أن تنتهي الحرب قريباً.
تطوّرات إيجابية
ويصف وكيل الاستخبارات العامة المصرية السابق اللواء محمد إبراهيم الدويري، في حديث مع "النهار"، المفاوضات بأنها "من أهم الجولات التي تُعقد منذ اندلاع الحرب" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
ويقول الدويري، في حديث مع "النهار"، إنه "يجب أن نتعامل مع الوضع الحالي في أزمة غزة ونحن على قناعة بأننا لا نزال في خضمّ الأزمة، وأن التطورات الإيجابية التي حدثت مؤخراً - والتي تمثّلت في خطة ترامب والرد الإيجابي عليها من قبل الدول العربية والإسلامية وكذلك حركة حماس - لا زالت لم تدخل حيّز التنفيذ حتى الآن".
ويضيف: "من ثمّ تصبح كل الاحتمالات واردة حتى تتّضح الصورة كاملة خلال الأيام القليلة المقبلة، لا سيما مع استمرار القصف الإسرائيلي العنيف ضدّ مناطق عدّة داخل مدينة غزة".
ويشير ضابط الاستخبارات المصري السابق إلى أن "القاهرة حرصت على استثمار هذه التطوّرات الأخيرة في أن تبدأ جولة مفاوضات في شرم الشيخ، أرى أنها من أهمّ جولات المفاوضات منذ بداية الحرب، نظراً لأنها ترتبط بالتسوية النهائية لأزمة غزة واليوم التالي للحرب، ولا تتحدث فقط عن الهدنة كما كان الأمر من قبل".

أين تتركز المفاوضات؟
تحظى أزمة غزة باهتمامٍ كبير على المستويين الشعبي والسياسي في مصر، ويقول الدويري: "لا شكّ أن القاهرة تبذل أقصى الجهود الممكنة، بل تسابق الزمن من أجل التوصّل إلى وقفٍ لإطلاق النار وإنهاء الحرب كمدخلٍ رئيسي لحلّ كافة المشكلات التي تعاني منها غزة، ثمّ التحرك في المسار السياسي".
ويضيف: "من الواضح أن التركيز الرئيسي للمفاوضات ينصبّ حالياً على كيفية وضع الآليات المطلوبة من أجل حلّ مشكلتين رئيسيتين في البداية، المشكلة الأولى هي مسألة تسليم الرهائن المتواجدين داخل غزة، في مقابل الإفراج عن أعدادٍ كبيرة من الأسرى الفلسطينيين، أمّا المشكلة الثانية فهي خطوط الانسحاب الإسرائيلي داخل القطاع ومدى قبول حماس بذلك، وهي كلها مسائل فنية قابلة للحلّ رغم صعوبة الوضع العام في غزة".
وتُعطي مشاركة مبعوثين أميركيين بارزين في المحادثات ثقلاً كبيراً لها، بحسب محلّلين، وبشكلٍ خاص جاريد كوشنير، صهر ترامب، وستيف ويتكوف، مبعوث الشرق الأوسط. ويقول الدويري: "تسعى مصر إلى أن تُسفر جولة شرم الشيخ عن نتائج إيجابية، خاصةً أنها تشهد مشاركة أميركية رفيعة المستوى بهدف إعطاء دفعة لهذه المفاوضات الصعبة والوصول بها إلى برّ الأمان".
مهمة الاستخبارات
تحيط الدولة المصرية أزمة غزة باهتمامٍ كبير، فمن جهة هي قضية عربية بالغة الأهمية، ومن ناحية أخرى تشكّل تهديداً لأمنها القومي، لذا تشارك مؤسسات الدولة المعنية فيها، إلا أنه في المحادثات الحالية تحظى الاستخبارات المصرية بدورٍ خاص.
ويقول وكيل جهاز الاستخبارات السابق: "الدور الذي يقوم به جهاز الاستخبارات العامة المكلّف بهذا الملف وهذه المفاوضات يعدّ دوراً مهماً للغاية، في ضوء أن الجهاز لديه خبرة طويلة في المفاوضات المرتبطة بالملف الفلسطيني – الإسرائيلي، كما أن لديه علاقات جيدة مع الأطراف كافة بلا استثناء، بما يتيح له القيام بدورٍ مؤثّر".
ويختتم الدويري حديثه بالقول: "رغم أن خطة الرئيس ترامب جيدة، إلا أن هناك بعض الفقرات التي تحتاج إلى تفصيلات ووضع آليات لتنفيذها، وتالياً فإن التحرك الأهم الآن هو بدء العملية التفاوضية، مع توافر إرادة من كل الأطراف لتنفيذ ما يمكن تنفيذه في أسرع وقت ممكن، من دون أن نتجاهل أنه بعد ذلك، من المفترض أن تُطرح البنود الأخرى التي تحتاج إلى نقاش وتفصيل وتفسير".
نبض