شمال إفريقيا 19-09-2025 | 13:25

ترتيبات أمنية تُجنّب طرابلس حرباً… هل تملك تركيا مفاتيح ليبيا؟

ما هي تفاصيل الاتفاق الأمني الجديد الذي رعته تركيا في ليبيا؟
ترتيبات أمنية تُجنّب طرابلس حرباً… هل تملك تركيا مفاتيح ليبيا؟
عنصر من اللواء 111 التابع للمجلس الرئاسي. (أ ف ب)
Smaller Bigger

نجحت تركيا في التوسط لإبرام اتفاق أمني جديد في العاصمة الليبية، وضمان تنفيذ بنوده، بين الحكومة المركزية وخصومها، بعد أسابيع من التوتر المحتدم، في خطوة تُرسخ نفوذ أنقرة في المشهد، وتعكس سيطرتها على غالب أوراق اللعبة خصوصاً في الشطر الغربي للبلاد.
ومنذ صدامات دموية شهدها قلب العاصمة طرابلس في أيار/مايو الماضي، يدور صراع بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة والمجموعات المسلحة الموالية له، وغالبيتها من مدينة مصراتة، والميليشيات المناوئة له، وفي مقدمها "جهاز الردع"، بلغ ذروته أواخر آب/أغسطس الماضي مع تحشيد متبادل أثار مخاوف من انفجار الوضع وخروجه عن السيطرة، الأمر الذي استدعى تدخلاً من بعثة الأمم المتحدة للدعم، لكنها لم تنجح في نزع فتيل الأزمة، لتلقي تركيا ورئيس جهاز استخباراتها إبراهيم كالين بثقلهما في الملف، وينجح الأخير في إبرام اتفاق لإعادة ترتيب الوضع الأمني وخفض التصعيد.
ووفقاً لتفاصيل الاتفاق، يسحب "جهاز الردع" عناصره من ساحة مطار معيتيقة الدولي الذي كان يتمسك الدبيبة بالسيطرة عليه، وتسليم مكاتبه في صالات السفر والوصول إلى قوات محايدة سُمّيت "كتيبة أمن المطارات" تتبع المجلس الرئاسي الذي عيّن لقيادتها رمزي القمودي باعتباره شخصية محايدة، مع خضوع سجن معيتيقة لإشراف مكتب النائب العام، وتسليم المطلوبين، على أن تسري هذه الإجراءات أيضاً على مطاري مصراتة وطرابلس اللذين تُسيطر عليهما قوات موالية للدبيبة. كما يشمل الاتفاق أيضاً انسحاب القوات الموالية لرئيس الحكومة التي حشدت في الأيام الماضية إلى العاصمة الليبية، قادمة من مصراتة.

 

عناصر من اللواء 444 التابع للجيش الليبي. (رويترز)
عناصر من اللواء 444 التابع للجيش الليبي. (رويترز)

 

ورغم أن الترتيبات الجديدة بدت متوازنة، ولم تأتِ لمصلحة طرف على حساب آخر، في مراعاة لعدم استخدامها في إطار حسابات المكسب والخسارة، غير أن المخاوف أُثيرت من هشاشة الوضع وعدم صمود الاتفاق، خصوصاً أن جهاز الردع سيحافظ على معسكراته في محيط مطار معيتيقة، وحضوره القوي داخل حاضنته الشعبية وخصوصاً منطقة سوق الجمعة، الأمر الذي يسمح بحصول مناوشات عند مناطق التماس مع القوات الحكومية، ما قد ينسف الاتفاق.
وما عزز تلك المخاوف تضارب في التعيينات التي نصّ عليها أحد بنود الاتفاق، لرئاسة جهاز الشرطة القضائية، فبعد ساعات قليلة من تسمية المنفي عطية الفاخري رئيساً للجهاز، خلفاً لأسامة نجيم الملاحق دولياً، أعلن الدبيبة تعيين عبد الفتاح دبوب في المنصب نفسه، في خطوة رفضها "الردع" ونشطاء سوق الجمعة.
ويعتبر المحلل السياسي الليبي محمد محفوظ، في تصريح لـ"النهار"، أن الاتفاق "لا يزال هشاً ولم يصبح راسخاً على الأرض ولا توجد ضمانات حقيقية لتنفيذ كل بنوده"، مضيفاً: "صحيح أن ما حدث برعاية تركية، لكن حتى الآن لا يمكن الحديث عن اتفاق تم توقيعه، وطرفا النزاع لم يعلنا التوصل إلى تفاهمات عبر المنصات الرسمية، ورغم البدء بتسليم ساحة المطار لكن لا تزال هناك نقاط عالقة تُمثل لب الخلاف، على رأسها تعيين قائد لجهاز الشرطة القضائية وتسليم المطلوبين الذين لم يتم تحديد أسمائهم والسيطرة على السجون".
ويقول محفوظ: "المعطيات حتى الآن ليست مقنعة وحتى رعاية تركيا وترحيب الأطراف الدولية ليسا ضماناً بأن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح. كما أن الحديث عن فائز وخاسر عبثي، فالفائز الحقيقي هو المواطن الذي كان يخشى اندلاع حرب في مناطق مكتظة بالسكان".
أما المحلل السياسي الليبي حمد عزالدين، فيذهب إلى أن تدخل تركيا جاء ضمن الصراع على امتلاك أوراق النفوذ في ليبيا.
وفي تصريح لـ"النهار"، يعرب عزالدين عن اعتقاده أن أنقرة "استشعرت خطراً حقيقياً من اندلاع مواجهة مسلحة شاملة في العاصمة الليبية، قد تهدد نفوذها المتنامي، بالتزامن مع نشاط متزايد للاعبين دوليين وإقليميين في المشهد"، مضيفاً: "لذلك تحركت تركيا في خطوة استباقية لتهدئة الأوضاع، بهدف الحفاظ على استقرار نسبي في الغرب الليبي لضمان استمرار امتلاكها لهذه الورقة".
لكن رئيس حركة "هدفنا وطن" الناشط الليبي علاء الدين بن عثمان يقول لـ"النهار" إن رعاية تركيا للاتفاق "تأتي في سياق حضورها المتنامي في الملف الليبي، لكن من الخطأ النظر إليه بمعزل عن التوازنات الدولية الأوسع، إذ قد يكون هناك تنسيق غير مباشر مع الولايات المتحدة". ويضيف: "ما يهمنا هو أن يساهم الاتفاق في استقرار ليبيا لا في تعزيز النفوذ الخارجي".
ويرى بن عثمان أن المخاوف من عدم صمود الاتفاق "طبيعية في ظل واقع الانقسام الليبي، والجدل حول التعيينات يعكس حساسية المرحلة وتعقيداتها. لكن يجب ألا يُنظر إلى هذه التفاصيل كسبب لإفشال الاتفاق، بل كاختبار لجدية الأطراف".
ويثني الناشط الحقوقي طارق لملوم على "تجنيب طرابلس جولة جديدة من الاقتتال". لكنه يعتبر، في تصريح لـ"النهار"، أن إدراج مصير السجناء ضمن صفقات التفاوض والمساومات "أمر مقلق وصادم ولا يبشر بخير".
ويقول: "مجرد طرح فكرة مطالبة جهات أمنية بتسليم السجون والمحتجزين يعد دليلاً صارخاً على غياب العدالة، إذ يُفترض أن تكون السجون تحت سلطة القضاء المستقل، وليس في قبضة أطراف متنازعة هي ذاتها متهمة بإخفاء المحتجزين. أي اتفاق لا يقوم على أسس العدالة يظل قابلاً للانهيار في أي لحظة".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
اقتصاد وأعمال 9/29/2025 10:48:00 AM
في عام 1980، وصل الذهب إلى ذروته عند 850 دولارًا للأونصة، وسط تضخم جامح وأزمات جيوسياسية. وعند تعديل هذا السعر لمستويات اليوم، يعادل حوالي 3,670 دولارًا.
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟ 
النهار تتحقق 9/30/2025 9:34:00 AM
العماد رودولف هيكل ووفيق صفا جالسين معاً. صورة قيد التداول، وتبيّن "النّهار" حقيقتها.