شمال إفريقيا 27-03-2025 | 00:35

الخرطوم في قبضة الجيش... هل تكون دارفور وجهته المقبلة؟

عشية الذكرى الثانية للحرب، وبتوقيت مماثل في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، استعاد الجيش السوداني العاصمة الخرطوم بمختلف مواقعها الاستراتيجية، وخاصة المطار وثكنات أمنية ومبان حيوية، وسط تراجع لقوات الدعم السريع التي لم يعد أمامها سوى منفذ وحيد أقصى جنوب غرب الولاية.
الخرطوم في قبضة الجيش... هل تكون دارفور وجهته المقبلة؟
جندي سوداني ينظر باتجاه أبنية مدمّرة جراء المعارك في الخرطوم. (ا ف ب)
Smaller Bigger


عشية الذكرى الثانية للحرب، وبتوقيت مماثل في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، استعاد الجيش السوداني العاصمة الخرطوم بمختلف مواقعها الاستراتيجية، وخاصة المطار وثكنات أمنية ومبان حيوية، وسط تراجع لقوات الدعم السريع التي لم يعد أمامها سوى منفذ وحيد أقصى جنوب غرب الولاية.

 

وللمرة الأولى منذ عامين، وصل قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إلى القصر الرئاسي وسط الخرطوم، معلناً أن "الخرطوم حرة"، في ما يشير إلى إعلان انتهاء العمليات العسكرية في العاصمة. وأفاد مصدر ميداني لـ"النهار" بأن البرهان وصل بطائرة هليكوبتر إلى مطار الخرطوم الدولي الذي استعاده الجيش صباح الأربعاء، قبل أن يتوسع إلى معرض الخرطوم الدولي، ثم شرقاً في أحياء بري وامتداد ناصر وصولاً إلى محيط مقر السفارة القطرية ومقر الدفاع الجوي في شارع 61 المحاذي لحي العمارات والمطل بدوره على المطار.

 

كذلك بث ناشطون صوراً لشارع الرياض حيث كان يقع مقر الاستخبارات التابع للدعم السريع. ووسّع عناصر الجيش نطاق عملياتهم ليطال جامعة أفريقيا ومستشفى القلب جنوبي المطار، وكذلك الميناء البري (محطة الحافلات) في ضاحية الصحافة شرقي العاصمة، ومعسكر طيبة، أحد أكبر ثكنات الدعم السريع جنوباً، وكذلك مقر اللواء الأول مشاة بالباقير في الضاحية الجنوبية، فيما باتت الجهة الغربية لجسر المنشية على النيل الأزرق بقبضة الجيش، وسط تطويق لمدينة جبل أولياء أقصى الجنوب الغربي لولاية الخرطوم، حيث أكد ناشطون انسحاب عناصر الدعم السريع سيراً على الأقدام عبر جسر ضيق يصل إلى ولاية النيل الأبيض.

 

وكان الجيش السوداني قد حقق تقدماً ميدانياً الجمعة بإحكام السيطرة على القصر الرئاسي، ليتبع ذلك استعادة مقار رئاسة البنك المركزي وجهاز الاستخبارات ووزارة الخارجية، والوسط التجاري المعروف بالسوق العربي. ليتبع ذلك انتشار الجيش في جزيرة توتي ومنطقة المقرن عند التقاء النيلين الأزرق والأبيض، وسط التحام القوات القادمة جنوباً من سلاح المدرعات، وشمالاً من سلاح المهندسين في أم درمان، ما أعطى، وبحسب المصدر، دفعاً قوياً لتمكين الجيش من استرجاع العاصمة عشية عيد الفطر، وهي الفترة ذاتها التي خسر فيها قبل عامين معظم مواقعه في المدن الثلاث: الخرطوم، بحري وأم درمان.

 

خريطة السيطرة تتبدل
وكان لافتاً في الساعات الماضية خريطة ميدانية نشرتها القوات المسلحة النظامية عبر منصاتها الرسمية على مواقع التواصل، تظهر توزع السيطرة بين المجموعات المتصارعة، إذ بات الجيش يحكم قبضته على ولايات الخرطوم، والجزيرة، وسنار، والنيل الأزرق، والقضارف، وكسلا، ونهر النيل، والشمالية، والبحر الأحمر، بينما ينتشر الدعم السريع في إقليم دارفور الذي يقارب ربع مساحة البلاد، مسيطراً على ولايات شرق ووسط وجنوب وغرب دارفور وأجزاء من ولايات شمال كردفان وغرب كردفان، فيما تنتشر عناصر الحركة الشعبية لتحرير السودان التي يتزعمها عبد العزيز الحلو في جنوب كردفان.

 

وأفادت مصادر محلية "النهار" بأنّ انتشار الدعم السريع في الخرطوم بات محصوراً بجنوب غرب أم درمان من جهة، وبمنطقة جبل أولياء التي تبعد 44 كم عن وسط العاصمة، وتضم قاعدة النجومي الجوية وحامية عسكرية تتحكم بخزان للمياه على النيل الأبيض، وتعد عقدة ربط بين ولايات الخرطوم، والجزيرة، والنيل الأبيض، وتعني السيطرة الكاملة عليها التحكم بمداخل العاصمة.

 

كلمة السر... التحام المعسكرات
يقول الخبير الأمني عثمان ود السيد إن أحد العوامل الأساسية التي مكنت الجيش من قلب الطاولة هي "تمسكه بمعسكرات متفرقة، أدى التقاؤها لتوسيع السيطرة بسرعة".

 

ويضيف في حديث لـ"النهار": "تمسك الجيش بمعسكراته من قاعدة وادي سيدنا في أم درمان إلى سلاح المهندسين في بحري عند سلاح الإشارة. أما في الخرطوم، فاستشرس الجيش لحماية سلاح المدرعات والقيادة العامة، رغم أن هذه المقار باتت أشبه بجزر معزولة، ولكن فتح طرق الإمداد لها سمح بتعزيز قواتها. ولعل التجربة الأولى كانت قبل عام، حين التقت قوات المعسكرات شمالاً وجنوباً في أم درمان، ونجحت باستعادة مبنى الإذاعة والتلفزيون وتأمين الضفة الغربية للنيل، لتكرر هذه القوات المشهد في جسر الحلفايا والخرطوم بحري وشرق النيل، وتثبيت القوات في المقرن التي سمحت لها بالتوسع حتى وسط الخرطوم". ويتوقع ود السيد أن تمتد العمليات القتالية غرباً نحو شمال كردفان، لجهة تأمين كل الولايات المحيطة بالخرطوم.

 

إعادة الإعمار أم الحشد لدارفور؟
يتوقع الناشط الميداني وليد عبد الله أن تشهد المرحلة المقبلة تحدياً كبيراً على صعيد إعادة إعمار العاصمة التي بات أغلب مواقعها مدمراً بشكل كبير ويحتاج مجهودات مالية كبرى لعودة الخدمات، قبل أن يبدأ السكان بالعودة إلى مواقعهم. ويشير ابن حي الطائف شرقي الخرطوم، في حديث لـ"النهار"، إلى أنّ "الدمار أصاب معظم الخرطوم والمدينة الصناعية في بحري، فيما بقيت أم درمان في وضع أفضل حالاً، ولكنّ جهداً كبيراً يجب أن يتم لتنظيف الشوارع وتأهيل المطار وصيانة شبكات الاتصالات... لذلك لا أتوقع عودة سريعة لأهالي الخرطوم من دون حملة ضخمة بدعم حكومي وخارجي".

 

ويخالف الكاتب والباحث إبراهيم الطيب ما ذكره عبدالله، متوقعاً أن يحشد الجيش نحو دارفور وشمال وجنوب كردفان، مستشهداً بتصريحات القادة الميدانيين عن "ضرورة الحسم في تلك المنطقة". ويقول لـ"النهار": "في الواقع يعود المشهد إلى ما كان عليه طيلة الحروب السابقة، إذ سيتوجه الجيش للقتال في دارفور حيث يتمتع الدعم السريع بحاضنة اجتماعية كبرى، وقد يطول القتال هناك".

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".