تونس والإدارة السوريّة الجديدة... بين التريّث والحذر

شمال إفريقيا 01-01-2025 | 06:02

تونس والإدارة السوريّة الجديدة... بين التريّث والحذر

قالت تقارير محلية إن سفير سوريا الجديد بالدوحة استقبل ممثلاً عن حركة النهضة بقطر خلال الأيام الماضية ما اعتبره بعض المراقبين   مؤشراً محتملاً لموقف الإدارة السورية الجديدة من تونس.
تونس والإدارة السوريّة الجديدة... بين التريّث والحذر
تونسيون يتظاهرون تأييداً للأسد عام 2013.
Smaller Bigger

في حين سارعت دول عربية وحتى غربية عديدة لمدّ قنوات الاتصال مع ما بات يعرف بالإدارة السورية الجديدة، لا زالت تونس تلزم الصمت حيال من يحكمون دمشق.

 

ورغم أن التطورات الأخيرة في سوريا باتت من المواضيع الرئيسية التي تشغل الأوساط السياسية والإعلامية وحتى الشعبية في تونس، خصوصاً مع ارتفاع وتيرة الحديث عن المخاوف من عودة المقاتلين التونسيين من هناك، لا موقف رسمياً بعد.

 

 ولم تصدر تونس إلّا بيانين في خصوص ما يحدث في سوريا، الأول كان قبل إسقاط النظام بأيام ندّدت فيه بما وصفته  بـ"الهجمات الإرهابية" التي استهدفت شمال البلد"، والثاني بعد يوم من إسقاط النظام دعت فيه إلى "ضرورة تأمين سلامة الشعب السوري والحفاظ على الدولة السورية دولة موحّدة كاملة السيادة بما يحميها من خطر الفوضى والتفتيت والاحتلال". 

 

الخارجيّة التونسيّة

وعبّرت الخارجية التونسية في بيانها، عن رفضها لأي "تدخل أجنبي في شؤون سوريا"، مذكرة "بموقفها الثابت المتعلّق بضرورة التفريق بين الدولة، من جهة، والنظام السياسي القائم داخلها، من جهة أخرى"، معتبرة أن "النظام السياسي شأن سوري خالص يختاره الشعب السوري صاحب السيادة، فهو وحده الذي له الحقّ في تقرير مصيره بنفسه بمنأى عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي".

 

ودعت تونس "كافة الأطراف السورية إلى التلاحم وتغليب المصلحة العليا للبلاد من أجل الحفاظ على أمن الوطن واستقلاله وسلامته واستقراره وتأمين انتقال سياسي سلمي يحفظ الدولة واستمراريتها ويُلبّي تطلّعات الشعب السوري وحده".

 

في المقابل، التقى وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي في مصر خلال الأسبوع الماضي نظيره المصري ناقشا خلاله التطورات في سوريا.
وهذا هو التحرك التونسي الوحيد في خصوص الملف السوري منذ تطور الأحداث هناك وانتهائها بإسقاط النظام.

 

انسجام وحذر
ويقول المتحدث الرسمي باسم حزب التيار الشعبي (قومي) محسن النابتي إن عدم مسارعة تونس للاتصال بالقيادة السورية الجديدة يأتي في إطار انسجام مواقفها، موضحاً في تصريح لـ"النهار" أن تونس لا يمكنها اليوم التسرع والتواصل والتنسيق مع من وصفتهم قبل أيام بـ"الإرهابيين". ويتابع: "هذا ليس توصيفاً تونسياً بل هو تصنيف دولي للجماعات المقاتلة التي قادت الأحداث الأخيرة".

 

ويرى النابتي أن تونس فضلت التعامل بحذر مع ما يحدث في سوريا، "لأن توجهات وسياسات الإدارة الجديدة في سوريا ليست واضحةً بالنسبة إليها وتحوم حولها الكثير من الشكوك".

 

وقي تقديره فإن تونس ككل الدول العربية وخصوصاً دول شمال أفريقيا تتابع بحذر التطورات الأخيرة لأنها تخشى ارتداداتها الأمنية عليها، و"هناك المئات من التونسيين الذين انتموا إلى تنظيمات إرهابية ولا يعرف ما هو مصيرهم بعد إسقاط النظام وهذا الأمر يدعو إلى القلق والحذر".

 

ويضيف: "لا نعرف بعد مدى قدرة أو رغبة الجولاني في السيطرة على التنظيمات المسلحة التي ارتكبت أعمالاً إرهابيةً بلغت ارتداداتها حتى تونس التي شهدت عمليات اغتيال ثبت تورّط هذه الجماعات فيها".

 

وكان الأمين العام لحزب التيار الشعبي محمد البراهمي الذي اغتيل في تموز (يوليو) 2013 أحد ضحايا هذه العمليات أيام حكم الإسلاميين وتنامي نفوذ التيارات الإرهابية. 

 

ووفق النابتي فإن التغيير السياسي في سوريا فجّر تنافساً بين قوى إقليمية لها أطماع في منطقة شمال أفريقيا ولها مواقف معادية لتونس، ويقول: "هذا يزيد من حذر الدولة التونسية، وهنا أتحدّث عن تركيا التي تسعى إلى توسيع نفوذها في ليبيا ولها موقف من مسار 25 تموز خصوصاً وأنه أزاح الإسلامي السياسي حليفها في المنطقة".

 

ويضيف: "تركيا تلعب دوراً كبيراً في ما يحدث في سوريا وتحاول أن تكون المستفيد الأبرز منه، وهي على علاقات وطيدة مع حكومة الدبيبة التي سارعت للتواصل مع الجولاني، وهذا ما على تونس الانتباه له".

 

ويرى أن تونس مدعوّة لتنسيق مواقفها مع دول المنطقة وخصوصاً الجزائر ومصر التي عاشت أحداثًا مشابهة أيام حكم الإسلاميين.

 

ويلفت إلى أن علاقات تونس بسوريا في العموم هي علاقات محدودة سواء على المستوى الاقتصادي أو حتى السياسي، وتونس ليست دولة جوار وقد ظلت العلاقات مقطوعة بين البلدين لأكثر من 10 سنوات، لذلك فالأهم اليوم وضع إجراءات أمنية استباقية" على حدّ تعبيره.

 

هواجس مشروعة
وقالت تقارير محلية إن سفير سوريا الجديد في الدوحة استقبل ممثلاً عن حركة النهضة في قطر خلال الأيام الماضية ما اعتبره بعض المراقبين مؤشراً محتملاً لموقف الإدارة السورية الجديدة من تونس.

ويقول المحلل السياسي خليل الرقيق لـ"النهار" إن ما حدث في سوريا أحيا آمال الإسلاميين في تونس وفي كلّ الدول التي مرّ منها الربيع العربي بإمكانية حدوث ربيع عربي جديد يعيدهم وأنصارهم للحكم.

 

ويعتبر أن هناك قلقاً وحساسية شديدة في تونس من الإسلام السياسي الذي لا زال التونسيون يستحضرون ذكريات حكمه.

 

ويرى في تصريح لـ"النهار" أن الموقف التونسي كان متمايزاً منذ البداية وتنبه لأن ما يحدث في سوريا ليس مجرد تغيير سياسي واستبدال لنظام الحكم بقدر ما هو زلزال قد يغير خريطة المنطقة.

 

وفي تقدير المتحدث فإن موقف تونس كان واضحاً "فقد اختارت النأي بنفسها عمّا يحدث هناك، معتبرة أنه شأن داخلي ما يعني أنها ليست في وارد التصادم مع أي سلطة قد تظهر، مشددة في الآن نفسه على وحدة سوريا وترابها"، لكنه يرى أن الهواجس التونسية تظل مشروعةً لأن السلطة الجديدة هي إنتاجات قوى طريدة دولياً وهذا ما يجعل من الانتظار قبل إصدار أي مواقف "موقفاً رصيناً".

 

ويقول إن أغلب الدول التي سارعت للتواصل مع الإدارة الجديدة أرسلت وفوداً أمنيةً لأن هناك العديد من علامات الاستفهام حول المسؤولين الجدد ونواياهم "باستثناء تركيا وقطر، راعيتي الإسلام السياسي بكل تمظهراته العقائدية والجهادية".

 

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/4/2025 6:56:00 PM
شقيق الضحية: "كان زوجها يمسك دبوسا ويغزها في فمها ولسانها كي لا تتمكن من تناول الطعام".
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
لبنان 11/3/2025 11:23:00 PM
الفيديو أثار ضجة وغضباً بين الناشطين، حيث اعتبر كثيرون أن استخدام الهواتف والإضاءة الساطعة داخل هذا المعلم السياحي يؤثر على السياح هناك.
لبنان 11/4/2025 8:47:00 AM
دعت هيئة قضاء جبيل القوى الأمنية المختصة إلى التحرّك الفوري واتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة الفاعلين