غزة... المنطقة الخضراء للإعمار والحمراء لحماس مع خط أصفر فاصل
تواصل الولايات المتحدة وإسرائيل تنفيذ خطة جديدة لإعادة ترتيب قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة، عبر إنشاء "المنطقة الخضراء" تحت السيطرة الإسرائيلية، في خطوة يُنظر إليها على أنها تمهيد لإعادة إعمار جزئية للقطاع، مع إبقاء الجزء الأكبر تحت سيطرة حركة حماس، فيما يُطلق عليه "المنطقة الحمراء".
ووفق صحيفة وول ستريت جورنال، تهدف الخطة إلى بناء تجمعات سكنية مؤقتة في المناطق الخاضعة للجيش الإسرائيلي، لتوفير السكن والمدارس والمستشفيات لسكان غزة النازحين، على أن تبقى هذه المساكن قائمة حتى تنفيذ إعادة إعمار دائمة وشاملة للقطاع. ويأتي إنشاء هذه التجمعات في مدينة رفح جنوب القطاع، التي تدمّر معظمها جراء الحرب، حيث بدأت فرق هندسية أميركية بإزالة الأنقاض والذخائر غير المنفجرة تمهيدًا للبناء.

وتتضمن الخطة تقسيم قطاع غزة عملياً إلى منطقتين؛ المنطقة الخضراء تحت سيطرة إسرائيل، والمنطقة الحمراء الواقعة خلف الخط الأصفر، والتي تسيطر عليها حركة حماس. ومن المقرر أن تتدفق الأسر الفلسطينية من مناطق حماس إلى هذه التجمعات المؤقتة، في خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لإضعاف سيطرة الحركة على القطاع.

ويشمل مشروع "المنطقة الخضراء" تجهيز التجمعات السكنية بجميع احتياجات السكان من مدارس ومستشفيات، مع توفير الخدمات الأساسية، ويشرف على ذلك مجلس السلام الدولي الذي أُنشئ بقرار من مجلس الأمن، بمشاركة واشنطن. ولم يبدأ البناء الفعلي بعد، لكن التخطيط يشمل تجهيز البنية التحتية وإزالة المخاطر قبل استقدام المدنيين.
ويأتي هذا التطور بالتزامن مع انسحاب تدريجي للجنود الأميركيين من المقر العسكري في كريات جات بإسرائيل، والذي كان مركزًا للتنسيق المدني والعسكري. ووفق المصادر، سينتقل الإشراف على المشاريع لاحقًا إلى مجلس السلام الدولي، الذي سيتولى تنظيم العمليات المدنية والإشراف على إعادة الإعمار، في وقت تستعد السلطة الفلسطينية لتطبيق برنامج إصلاحي على الأرض.

وتثير الخطة تساؤلات كبيرة حول مسألة الأمن في التجمعات الجديدة، خصوصا فيما يتعلق بفصل المدنيين عن المقاتلين وضمان سلامة السكان، في حين تُطرح فكرة إشراك ميليشيات محلية مدعومة جزئيًا من إسرائيل، لكنها قوبلت برفض أميركي واضح. ويُتوقع أن تقلّص مساحة سيطرة حماس تدريجياً، مع إشراف قوة الاستقرار الدولية على حفظ الأمن، إلى حين نقل السيطرة الكاملة لاحقاً إلى الحكومة الفلسطينية.
وتلقى الخطة تحفظات من الدول العربية، لاسيما مصر، التي تخشى أن تؤدي التجمعات المؤقتة في رفح إلى توسيع النفوذ الإسرائيلي بالقرب من حدودها، مع قلق بشأن احتمال تهجير السكان نحو سيناء. كما أعرب خبراء سياسيون عن أن تسميات "غزة القديمة" و"غزة الجديدة" قد تُربك جهود الوسطاء، في وقت يسعى الوسيط المصري لاستكمال اتفاقيات المرحلة الثانية التي تشمل انسحابات إسرائيلية وترتيبات أمنية وإدارية للقطاع.
وفي المقابل، شددت حركة حماس على رفضها التام لأي محاولات إسرائيلية لفرض واقع جديد في القطاع، معتبرة أن التجمعات المؤقتة تشكل خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار وتضع الوسطاء والدعم الأميركي أمام مسؤوليات كبيرة لمنع تقويض الاتفاق.
ويترقب المجتمع الدولي عقد مؤتمر إعادة إعمار شامل للقطاع في القاهرة نهاية الشهر الجاري، وسط جهود لتنسيق المساعدات الإنسانية وبدء بناء المجتمعات المؤقتة، في خطوة تعتبرها واشنطن وإسرائيل وسيلة لإعادة تنظيم غزة تحت إشراف دولي، قبل إعادة السيطرة تدريجيًا للحكومة الفلسطينية، في حين يظل الجزء الأكبر من القطاع تحت سيطرة حماس حتى تحقيق ترتيبات نهائية.
نبض