تختلف طائرات "إف-35" المقاتلة التي ستبيعها الولايات المتحدة للسعودية بشكل كبير وجوهري عن الطائرات من النوع نفسه التي تمتلكها إسرائيل. فالطائرات التي ستحصل عليها السعودية لن تشمل  التجهيزات وأجهزة الرقابة الإلكترونية التي أدخلتها إسرائيل على طائراتها من هذا الطراز ، لكن التخوف الإسرائيلي ينحصر في أن بيع هذه الطائرات سيكون خطيراً على ميزة النوعية التي تتمتع بها إسرائيل، وتساءل كثير من الخبراء: هل التفوق العسكري الإسرائيلي في الشرق الأوسط في خطر؟ ويساور الإسرائيليين قلق آخر، هو من أن لا تشمل صفقة الطائرات تطبيع العلاقات مع السعودية وفق ما ذكره خبراء ومحللون عسكريون إسرائيليون.

خطر على الميزة النوعية

 رأى القائد السابق لسلاح الجو اللواء احتياط إيتان بن إلياهو في لقاء مع إذاعة "103إف إم" حول بيع طائرات "F-35" للسعودية أن "ترامب يعرف أن هذه الخطوة تمحو التفوّق النوعي لإسرائيل، لكنه يمتلك مصالح أهم مع السعودية، بخاصة مصالح تجارية واقتصادية، لذلك فإن ميزان الردع سيتغيّر".

وتابع بن الياهو أن"تداعيات صفقة الأسلحة المحتملة ستغيّر موازين القوى في الشرق الأوسط، وكل هذا التقارب بين الولايات المتحدة والدول العربية وتركيا، يخلق وضعاً غير مُرض لنا، أما في ما يتعلق بطائرة إف-35، فهي طائرة ذات قدرات خاصة، وتتميز بميزتين واضحتين تُصعّبان الأمر علينا: الأولى إنها غير مرئية للرادار، والثانية هي أنها مُزوّدة بأنظمة تُدمج بسلاسة في ساحة المعركة".

 وقال بن إلياهو: "حتى الآن كنا نتحدث عن سباق تسلح في المسألة النووية، أما الآن فنحن نتحدث عن سباق تسلح تقليدي لا يقل خطورة، إذا امتلك السعوديون طائرة F-35، فستمتلكها تركيا ومصر وسيتغير توازن الرعب هنا".

وأضاف:"لا يزال هناك ما يجب فعله" مذكراً بما حدث أثناء توليه مسؤولياته:"لقد مررنا بمشكلة كبيرة عندما بيعت طائرات F-15 إلى المملكة العربية السعودية، شاركنا الأميركيين فحص كل ميزات  الطائرة وقدراتها ومكوناتها، وما يمكن تحييده من أنظمتها وبيعت لهم طائرة بعد أن تم تعطيل   مكونات عدة من أنظمتها".

وحذر بن إلياهو من أنه"إذا كنا خارج القصة تماماً، فلن نتمكن من المساهمة بأي شيء، لكن خبرتنا العملياتية الغنية مع الطائرة ميزة بحد ذاتها، نحن نعرفها جيداً، ولدينا خبرة قتالية بها".

وعندما سُئل إذا كان الإعلان عن صفقة أسلحة كهذه سيُحولها بالضرورة إلى صفقة فعلية؟ ذكر أن ترامب، في ولايته السابقة، وقّع صفقة مماثلة مع الإمارات العربية المتحدة، لكن"بايدن ألغاها، صحيح أنه كان هناك قرار ببيعها،ما نقوم به من محاولات قد يُحيّد بعضها، أو يُوقفها في اللحظة الأخيرة، الطائرات لم تصل بعد". 

وختم: "لن تصل الطائرات قبل أربع سنوات، إذا واصلنا التحذير والجدال، وواصلنا القول إنه في مقابل ذلك، سيتعين علينا قبول ما منعناه سابقاً، فربما نتمكن بطريقة ما من الحفاظ على التوازن في ساحة المعركة، وسيكون بإمكان البنتاغون تعطيل صفقة  إف-35 السعودية".

شكوك في أن يتمكن نتنياهو من منع الصفقة

واعتبر المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هاريئيل أن لطائرات "إف-35" أهمية أمنية استراتيجية  لإسرائيل، لكنها بالنسبة إلى ترامب أداة لتعزيز الصفقات - وقد ضعفت قوة نتنياهو في التفاوض معه.

ورأى أن "السيناريو الأكثر إثارة للقلق لإسرائيل يتعلق بإمكان حدوث ذلك خارج إطار صفقة تتضمن تطبيعاً إسرائيلياً سعودياً واعترافاً إسرائيلياً مبهماً برؤية الدولة الفلسطينية، قبيل زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واشنطن يوم الثلاثاءالمقبل، إذ تتزايد التكهنات باتفاق شامل يروج له الرئيس الأميركي الذي تربطه وإدارته علاقة وثيقة بالعائلة المالكة السعودية، لدرجة أن ترامب قد يمنح الرياض هذه الهدية من دون المطالبة بشكل فوري بعملة تُناسب إسرائيل".

وذكّر هاريئيل بأنه وقبل هجوم "حماس" في 7 تشرين الاول/ أكتوبر 2023، كانت إسرائيل والسعودية على وشك التوصل إلى تفاهم، كجزء من مبادرة إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق شامل. وطلب بن سلمان من الإدارة الديموقراطية تحالفاً دفاعياً على غرار حلف شمال الأطلسي، وأسلحة متطورة، ومساعدة في إنشاء مشروع نووي مدني. وكان دعم نتنياهو ضرورياً لإقرار الاتفاق في الكونغرس، وتفاوضت إسرائيل مع الأميركيين، لكن الطرفين قيّما وجود فرصة جيدة للتطبيع. 

وقد خطط نتنياهو لعقد نقاش حاسم حول هذا الموضوع لم يُعقد قط، فقد جُمدت المحادثات فور وقوع الهجوم. 


الشيطان يكمن في التفاصيل

إما المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي  فكتب أن طائرة "F-35" التي ستبيعها الولايات المتحدة للسعودية تختلف في العديد من التفاصيل والقدرات المهمة عن تلك الإسرائيلية والتي طورتها وعدّلتها شركة"بلو آند وايت إندستريز" خصيصاً كخزانات الوقود التي تم تركيبها في الطائرة لتمكينها من زيادة مدى طيرانها من دون الحاجة للتزود بالوقود جواً بنسبة 30% تقريباً (بحسب كمية الأسلحة التي تحملها) وضرب أهداف في الأراضي الإيرانية. كما أدخلت الصناعات الدفاعية الإسرائيلية أنظمة حرب إلكترونية ودفاعية، وقدرات جمع معلومات استخبارية، وأنظمة تبادل معلومات مشفرة مع طائرات وطائرات من دون طيار أخرى.

وإذا حصلت السعودية على طائرات "F-35" الـ 45، رأى بن يشاي، فستُجبر إسرائيل على الدخول في حالة تأهب قصوى وطويلة ومكلفة، لأن أنظمة دفاعها الجوي ستواجه صعوبة أكبر من ذي قبل في اكتشاف مقاتلات الشبح التي ستُقلع من مطارات شمال غربي المملكة، والتي تبعد مسافة 4-5 دقائق ،وستكون قادرة على إطلاق قنابل انزلاقية دقيقة وصواريخ جو-أرض أميركية دقيقة ومدمرة، يبلغ مداها أكثر من مئة كيلومتر.

وستتحول الرادارات المتقدمة والقدرات المستقلة الأخرى للطائرة إلى أنظمة طيران للإنذار وجمع المعلومات الاستخبارية والقيادة والسيطرة والاعتراض. وسيتمكن السعوديون من مراقبة أي حركة للطائرات والطائرات من دون طيار والصواريخ المجنحة الإسرائيلية، ليس فقط في ساحة البحر الأحمر ولكن أيضاً من الشمال والشمال الشرقي منه - ما سيقلل بشكل كبير من قدرة القوات الجوية على جمع المعلومات الاستخبارية والهجوم سراً وبشكل مفاجئ في كل أنحاء الشرق الأوسط.

الخلاصة هي أن التطبيع مع السعودية يستحق المخاطرة المعتدلة التي ينطوي عليها بيع طائرات "إف-35" للسعودية وفقاً للمعايير والقيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الصفقة"، وفق بن  يشاي.