لجنة التحقيق بأحداث السويداء: ما حصل انتهاكات جسيمة والتحقيقات مستمرّة
عقدت اللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث السويداء مؤتمراً صحافياً في مبنى وزارة الإعلام بدمشق، حيث قدّم رئيس اللجنة القاضي حاتم النعسان عرضاً موسّعاً بشأن أسس عمل اللجنة، ومنهجيتها، والنتائج الأولية التي توصلت إليها خلال الأشهر الماضية.
وأكّد النعسان أن "ما شهدته محافظة السويداء في تموز/يوليو 2025 من أحداث دامية طالت الأرواح والممتلكات العامة والخاصّة وتسبّبت بتهجير قسري لعدد من العائلات، إضافة إلى انتشار خطاب الكراهية والتحريض، يشكّل انتهاكات جسيمة تتطلّب تحقيقاً شفافاً وفعالاً يراعي المعايير القانونية الوطنية والدولية".
وأوضح النعسان أن "تشكيل اللجنة جاء بموجب القرار رقم /1287/ لعام 2025 الصادر عن وزير العدل، والذي يحدّد الإطار القانوني الناظم لعملها استناداً إلى نصوص الإعلان الدستوري والقوانين السورية، ولاسيما قانون العقوبات رقم 148 لعام 1949، إضافة إلى التزامات سوريا بالمعاهدات والاتّفاقيات الدولية، وفي مقدّمتها القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع والمادة الثالثة المشتركة".
وشدّد رئيس اللجنة على أن "ولايتها تشمل التحقيق في جميع الجرائم والانتهاكات المرتكبة خلال الأحداث، مهما كان مرتكبوها، وفتح ملفات الشكاوى الواردة من المدنيين والجهات المتضرّرة، وتحديد المسؤوليات الفردية للفاعلين والمساهمين والمحرضين، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ضماناً لعدم الإفلات من العقاب واستعادة ثقة الأهالي بمسار العدالة".
وبيّن النعسان أن اللجنة "اعتمدت منذ تأسيسها منهجية دقيقة تقوم على مبادئ عدم الإضرار بالشهود والضحايا وذويهم، وضمان أمن المعلومات وسريتها، إضافة إلى الالتزام بالاستقلالية الكاملة عن أي توجيهات أو ضغوط، مؤكداً أن أعضاء اللجنة يعقدون جلساتهم بصفتهم المهنية وبما يتوافق مع الصلاحيات الممنوحة لهم، ويتعاملون مع جميع الأطراف بذات الحياد والشمولية بدون استثناء".
وتطرّق النعسان إلى "الأعمال المنجزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث نفّذت اللجنة سلسلة زيارات ميدانية شملت مواقع الاعتداءات في ريف دمشق وإدلب والسويداء ودرعا، بالإضافة إلى عدد من المستشفيات التي استقبلت ضحايا الأحداث، وتم خلالها جمع الأدلة المادية وتوثيقها باستخدام أدوات التحليل الجنائي الميداني. كما درست اللجنة أنماط الهجوم، وحددت مسارات الاعتداء وأشكال المشاركة فيه، وبدأت بتوصيفها قانونياً تمهيداً لإحالة الملفات المكتملة إلى القضاء المختص".
وأشار إلى أن "اللجنة أجرت عشرات المقابلات مع ناجين ومتضررين وشهود عيان، واستقبلت عدداً كبيراً من الشكاوى والإفادات، إضافة إلى متابعة ملفات الموقوفين على خلفية الأحداث، وبحث حالات المفقودين والمختطفين"، لافتاً إلى "تحقيق تقدّم ملموس في بعض هذه الملفات، بما في ذلك الوصول إلى معلومات جديدة حول ظروف وقوع الانتهاكات وهويات المشتبه بهم".
تمديد
وأعلن النعسان "عدم تمكنّنا من دخول مدينة السويداء ووجود بعض المناطق لضيق الوقت لم نصل إليها (...) يوجد عمل لا يزال يحتاج إلى تحقيق وتدقيق، لذلك طلبنا من الوزير تمديد عمل اللجنة لمدة شهرين حتى نتمكّن من تقديم تقرير (...) قانوني، ينصف الجميع".وقال إن اللجنة وفي إطار تحقيقاتها خلال الأشهر الماضية تقدّمت "بطلب قانوني لتوقيف عدد من عناصر الجيش والأمن ممن ثبت ارتكابهم انتهاكات بناء على تحقيقات قامت بها اللجنة وبناء على مقاطع من" مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف "يوجد مقاطع ظهرت فيها الوجوه واضحة وتم توقيفهم من قبل الوزارة المختصة (...) تم التحقيق معهم وإحالتهم على القضاء المختص".
وأشار إلى أن المقاتلين الأجانب الذين دخلوا مدينة السويداء "لم يثبت أنّهم تلقوا أوامر بالدخول...كمقاتلين في صفوف الجيش السوري".
وأوضح أن "بعض الأشخاص من المقاتلين الأجانب انضموا بشكل عشوائي أو فردي الى مدينة السويداء، ولم يكن هناك فرقة مقاتلة اجنبية دخلت إلى مدينة السويداء".
وأكّد رئيس اللجنة أن "التحقيقات ما تزال مستمرّة بوتيرة متقدمة بهدف الوصول إلى الحقيقة الكاملة حول ما جرى، وتحديد المسؤوليات بدقة، والعمل بالتوازي على مسار إنساني يهدف لتعزيز الثقة بين الأهالي وأطراف النزاع، وتحضير توصيات قانونية وإجرائية تضمن عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً، سواء في السويداء أو في أي محافظة أخرى".
وختم النعسان قائلاً إن "اللجنة ملتزمة بأعلى مستويات المهنية، وستعمل على نشر نتائج تحقيقاتها فور اكتمالها بما يخدم العدالة ويستجيب لتطلعات المتضررين وذويهم، ويساهم في إرساء مسار للمحاسبة والمصالحة".
نبض