في خطوة مفاجئة، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الحرب على الحدود الجنوبية مع مصر. الذريعة كانت مواجهة عمليات تهريب السلاح والمخدرات التي تجري عبر مسيّرات من مصر إلى إسرائيل.

ويبلغ طول الحدود 245 كيلومتراً، بينها 14 كلم مع غزّة. وتقع هذه المنطقة تحت حراسة شديدة ستتضاعف مع إيعاز كاتس للجيش الإسرائيلي بإعلان المكان منطقة عسكرية مغلقة.

رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير أعطى القضية بعداً أمنياً لا إجرامياً فقط، لكون الطائرات المسيّرة وما تهرّبه "يمكن أن ينطوي على احتمالات إرهابية". بالمفهوم الإسرائيلي، يستهدف الإعلان العمل المسلح للفصائل الفلسطينية. وتحدثت "تايمز أوف إسرائيل" عن محاولات متكررة لتهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود المصرية باستخدام الطائرات المسيّرة، كان آخرها يوم الثلاثاء.

آليات مصرية في غزّة (أ ف ب).

تنقل الصحيفة العبرية عن مسؤولين عسكريين معلومات ميدانية عن عمليات التهريب. يصل المهربون على الجانب الإسرائيلي من الحدود إلى مواقع تبعد كيلومتراً واحداً إلى خمسة كيلومترات عن السياج، ثم يُطلقون طائرات مسيرة فوق الحدود إلى مصر ويهبطون بها على بُعد كيلومتر واحد إلى ثلاثة كيلومترات من السياج. هناك، يُحمّل المهربون على الجانب المصري الطائرات المسيرة ببضائع، غالباً ما تكون أسلحة نارية، ثم يُعيد المهربون على الجانب الإسرائيلي الطائرات المسيّرة إليهم.

توقيت سياسي مصري
عمليات التهريب على الحدود الإسرائيلية – المصرية، إن صدقت إسرائيل بشأنها، لن تكون جديدة. لكن إعلان الحرب عليها يحمل في مضامينه رسائل سياسية إلى مصر تتكامل مع الضغط السياسي والديبلوماسي الذي تمارسه تل أبيب ضد القاهرة.

تريد إسرائيل تقويض دور مصر السياسي الإقليمي بعدما تقدّم إثر قمّة شرم الشيخ. الكاتب والباحث محمد حسين أبو الحسن يشكّك في عمليات تهريب السلاح والمخدرات، ويشير خلال حديثه لـ"النهار" إلى أن تل أبيب "تختلق" المشكلات للتأثير على المرحلة المقبلة من تنفيذ بنود اتفاقية شرم الشيخ، وتسعى لاستخدام هذه الأزمات كأوراق "تفاوضية" تفرض من خلالها بعض الشروط.

ورقة تفاوضية
تقوم المرحلة الثانية من اتفاقية شرم الشيخ على ترتيبات سياسية وأمنية وإدارية في غزّة. لكن ثمّة شكوكاً باحتمال تفخيخ إسرائيل المرحلة الثانية بشروط تصبّ في صالحها، وتفرضها من خلال المفاوضات والمباحثات، التي قد توظّف فيها مسألة تهريب السلاح وإعلان الحرب عليها، وفق ما يرى أبو الحسن، الذي يعتبر أن مصر تشكّل "عقبة أساسية" أمام استراتيجية إسرائيل تهجير الفلسطينيين. 

وكانت جماعات إسلامية متطرفة، بينها "الإخوان المسلمون" و"داعش"، تنتشر في شبه جزيرة سيناء. ويؤكّد أبو الحسن أن الجيش المصري تمكّن على مدى 4 سنوات من استئصال هذا الوجود. ويشير إلى أن هذه الحدود مراقبة من قبل الجيشين الإسرائيلي والمصري، والأقمار الاصطناعية في الفضاء، وبالتالي فإن المزاعم الإسرائيلية كاذبة.

في المحصلة، فإن إعلان إسرائيل الحرب على الحدود مع مصر يحمل في طياته رسائل سياسية إلى القاهرة، ويندرج في سياق التضييق عليها وعلى دورها الفاعل، وذلك بعد محاصرة دور قطر إثر استهدافها المباشر في الدوحة. فإسرائيل لا تريد أدواراً عربية أو إقليمية نشطة تؤثّر على الموقف والقرار الأميركيين، والضغوط من كافة الاتجاهات وعلى مختلف الحدود وسيلة لتحقيق مراد إسرائيل.