أزمة رفات الرهائن: هل يستغلها نتنياهو لنسف "اتفاق ترامب" في غزة؟
فاطمة خليل
يشهد اتفاق وقف إطلاق النار الهشّ في غزة أخطر المنعطفات، مع تجدّد الاشتباكات لفترة وجيزة، ليل الثلاثاء والأربعاء، بعد مقتل جندي إسرائيلي في رفح، قبل أن تعلن إسرائيل استئناف الهدنة، وسط تهديدات بعودة الحرب إلى غزّة إذا تخلّفت "حماس" عن تسليم رفات الرهائن.
يبحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ذرائع لاستمرار الحرب، ونسف اتفاق وقف إطلاق النار الذي لم يكن راضياً بعقده في الأساس، ويريد التملّص منه. لكن ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحول دون ذلك. في هذا السياق، تبرز قضية رفات الرهائن، لكون "حماس" لم تتمكّن من إيجاد كلّ الجثث؛ وثمّة تخوّف من استغلال نتنياهو هذه الثغرة وإعادة شنّ الحرب من جديد.
أزمة الرفات واجتماع الكابينت
اندلعت الأزمة الأخيرة بعد مزاعم إسرائيلية بأن الدفعة الأخيرة من رفات الرهائن التي سلمتها "حماس" كانت إمّا أجزاء من جثة، جرى تسليمها سابقاً، وإما أنها لا تعود للقوائم المتفق عليها. على الإثر، عُقد اجتماع عاجل للمجلس الوزاري الأمني المصغر لمناقشة "انتهاكات حماس"، واستتبع الاجتماع بشنّ غارات على غزة بسبب قضية الرفات ومقتل الجندي.
رمزي عودة، الأمين العام للحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والأبرتهايد الإسرائيلي، يرى أن الحرب "لن تعود كالسابق"، لأن اسرائيل لن تخاطر بتضرر علاقتها بدول المنطقة والولايات المتحدة. لكن في الآن عينه، يشير عودة إلى أن نتنياهو يريد "حالة من تصعيد" دائرة العنف في المنطقة، ولذلك "يفتعل" قضية الجثامين.

لوجستياً، "حماس" غير قادرة على إيجاد كافة الرهائن بسبب فوضى الحرب والدمار، ولكون بعض المحتجزين لم يكونوا بحوزة الحركة بل لدى فصائل أخرى. وفي هذا السياق، يشير عودة خلال حديث لـ"النهار" إلى وجود "عوائق فنية" تصعّب إيجاد حلول لأزمة رفات الرهائن تعلم بها الولايات المتحدة، ويعود إلى تصريح عضو المكتب السياسي خليل الحية الذي يقول إن من دفن بعض الرهائن قتل بالحرب، لكن عودة يعتبر أنّه "ليس مبرراً"، ومن المفترض إبداء "المزيد من الجدّية".
الفيتو على الدور التركي
ما يؤكّد عدم جدّية نتنياهو في محاولاته لإيجاد رفات الرهائن واحتمال استخدامه هذه الذريعة للعودة إلى الحرب هو رفض الدور التركي المعروض للمساعدة في إيجاد الرفات. فقد أعلنت تركيا أن فريق الإغاثة، الذي أرسلته للمشاركة في البحث عن جثث إسرائيليين وفلسطينيين تحت الأنقاض في غزة، لا يزال ينتظر الضوء الأخضر من الدولة العبرية للعبور من رفح المصرية إلى داخل القطاع، فيما إسرائيل لم تعطِ بعد الأذن.
في نهاية المطاف، يبدو أن أزمة رفات الرهائن قد تكون فتيل انفجار وعودة للحرب يستغله نتنياهو لتنفيذ عمليات نوعية يريدها في غزّة. لكن الكرة تبقى في الملعب الأميركي الذي سيستمر في ضغوطه لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار. والمراوحة ستستمر مع الكباش الأميركي – الإسرائيلي المستتر في غزّة، بين الهدنة والعودة إلى القتال.
نبض