تناقضات ترامب بمقاربته لـ"حماس"... وضغطه المضاعف على نتنياهو

مواقف متناقضة بالشكل يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعكس بالضبط شخصيته غير القابلة للتوقع وغير التقليدية، التي لا تعير اهتماماً للأعراف السياسية والديبلوماسية. تارةً يريد ترامب عقد الاتفاقات مع "حماس"، وطوراً يريد تدمير الحركة، لكن في محصّلة المشهد، فإن مواقفه تصبّ في خانة واحدة: إما التزام "حماس" بالاتفاق، أو فتح الحرب عليها من جديد.
مواقف ترامب من "حماس" تطرح السؤال الأهم: إن كانت الحركة منتهية عسكرياً بحكم الأمر الواقع وغير قادرة على العودة إلى الحرب، فلماذا يهتم ترامب بمواقفها ويريد التزامها بالاتفاق ويهدّد بتدميرها؟ ثمّة وجهة نظر تقول بأن "حماس" غير قادرة على العودة إلى الحرب، لكنها قادرة على عرقلة تنفيذ البنود السياسية في ورقة ترامب واتفاق شرم الشيخ.
أهداف مزدوجة
وبالتالي، فإن ترامب يريد ضمان التزام "حماس" بالاتفاق وتسهيل تنفيذه، خصوصاً أن أي عرقلة سيستفيد منها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للعودة إلى الحرب والإطاحة بـ"إنجاز" ترامب. في هذا السياق، يصوّب الكاتب السياسي سام منسّى على رغبة "حماس" في الرهان على الوقت والمتغيّرات في الولايات المتحدة وإسرائيل والمنطقة لضمان وجودها ودورها السياسي في غزّة.
ويرى محللون أن دور "حماس" العسكري في غزّة انتهى، وأن وجودها يقتصر على بعض عناصر الأمن في القطاع وبعض القواعد الشعبية، لكنها لا تزال قادرة على عرقلة الاتفاق من خلال هذا الوجود. منسّى يرى خلال حديث لـ"النهار" في تهديدات ترامب "سعياً" لإفهام "حماس" أن "السيف مصلت" على رقبتها إذا عرقلت الاتفاقات ولم تؤدِّ أدواراً مساعدة.
ضغط ترامبي على نتنياهو
يريد ترامب نجاح الاتفاق الذي عمل عليه بشأن غزّة، ويضغط في كل الاتجاهات، لكن الكرة في الملعب الإسرائيلي، ونتنياهو خاصة. لهذا السبب، أرسل ترامب فريقه إلى إسرائيل المؤلّف من جي دي فانس وستيف ويتكوف وجاريد كوشنر. وبتقدير منسّى، فإن الرئيس الأميركي يريد إفهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوجوب نجاح الاتفاق، خصوصاً أن شخصية الأخير "لا تتطابق تماماً" مع نهج الأول.
سيحاول نتنياهو التملّص من الاتفاق بأشكال مختلفة، خصوصاً أنّه مقبل على انتخابات داخلية. وبالتالي السؤال الأبرز هو مدى التزامه بالاتفاق وقدرته على التلاعب للتملّص منه، ومدى قدرة ترامب على الضغط لضمان تنفيذه دون خروقات. يقول منسّى إن الإجابة عن هذه الأسئلة صعبة، لكن ترامب يريد النجاح لأنه يعتبر أنّه نقل المنطقة من مرحلة إلى أخرى.
في المحصّلة، فإن ترامب يعي أن الكرة في ملعب نتنياهو، والضغوط التي يفرضها على "حماس" ستكون مضاعفة خلف الكواليس على الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو لإلزامهما بتطبيق الاتفاق، لأن تاريخه معروف بالعودة عن الاتفاقات وخرقها بعد تحقيق الأهداف الفئوية، ويبقى السؤال الأبرز: هل ينجح ترامب في مبارزته الخفيّة مع نتنياهو؟