أثارت تصريحات أطلقها هيئة الخدمة والإدارة العامة في الأردن فايز النهار، صدمة وردود فعل واسعة ضجت بها منصات التواصل الاجتماعي، بعدما قال خلال اجتماعه مع اللجنة الإدارية لمجلس النواب إن "لا فرصة للجيل القادم للعمل في وظائف القطاع العام، ومن يولد اليوم يحتاج 73 عاماً للتعيين". 

ويبلغ معدل البطالة في الأردن 21.4%، ويصل بين الإناث إلى 32.9%، وبين الشباب 18.2%، في حين يبلغ معدل البطالة 45% بين الشباب الفئة العمرية 20 – 24، و43.8 بين المتعطلين الحاصلين على ثانوية عامة فأعلى، و56.3% بين المتعطلين من غير الحاصلين على ثانوية عامة.

وانتشر على نطاق واسع فيديو يوثق تصريحات المسؤول البارز، في بلد ينظر فيه الكثير من المواطنين إلى الوظيفة الحكومية بوصفها مكسباً يحقق لهم الأمان الوظيفي، بالإضافة إلى العديد من الامتيازات الأخرى، فيما أرفق الفيديو المتداول بتعليقات تعبر عن حالة من الصدمة وخيبة الأمل.

لكن هيئة الخدمة والإدارة العامة ووسط الضجة الكبيرة التي أحدثتها التصريحات، سارعت إلى إصدار بيان لامتصاص حالة الاستياء، أشارت فيه إلى أن الفيديو المتداول "جزء مقتطع من حديث مطوّل" لرئيسها، حيث تضمن الإشارة إلى أن التوجه للإعلان المفتوح هو الحل والإصلاح الإداري الضروري، بدلاً من الانتظار لدور في التعيين قد يصل لعشرات السنوات وقد يصل لـ73 عاماً لمن يتقدم اليوم للوظيفة على الدور.


وأضافت الهيئة أن العبارة المشار إليها وردت في سياق توضيح التبعات المترتبة في حال استمرار العمل بنظام المخزون والاتكال عليه بشكل مطلق في التعيينات في القطاع العام (الدور والترتيب التنافسي)، لذلك جاء الانتقال التدريجي إلى نظام الإعلان المفتوح الذي يُعد إحدى الركائز الأساسية في منظومة تحديث القطاع العام، والذي يتيح فرصاً متكافئة للجميع في التنافس على الوظائف في القطاع العام.

أزمة عميقة

واعتبرت الصحافية المتخصصة في قطاع العمل والعمّال رزان المومني أن تلك التصريحات بالفعل صادمة لكنها تكشف في الوقت ذاته عن أزمة عميقة في سوق العمل الأردني.

المومني أضافت لـ"النهار" أن "الانتظار الطويل أمام أبواب التوظيف الحكومي والاعتماد على القطاع العام وحده لم يعد مستداماً، والتصريح يوصل رسالة واضحة مفادها: طوروا مهاراتكم وابحثوا عن فرص في القطاع الخاص أو ابدأوا بمشاريعكم الصغيرة قبل أن يضيع العمر في الانتظار".

وقالت: "التصريح باعتقادي يكشف عن ثلاث حقائق مهمة؛ الأولى تضخم قوائم الانتظار للتعيينات الحكومية مقارنة بعدد الوظائف المتاحة سنوياً. والثانية اعتماد غير مستدام على القطاع العام كمشغل رئيسي للشباب مع إغفال دور القطاع الخاص المهم في خلق فرص جديدة. أما الثالثة فهي ضرورة إصلاح السياسات التعليمية والتشغيلية لضمان توافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل والاقتصاد الوطني".

مشهد من أحد المصانع في الأردن (أرشيفية)

أما الناشط الشبابي عبد الرحمن العبادي، فيرى أن "تصريحات المسؤول أثارت خيبة أمل واسعة، لأن قطاعاً واسعاً من الأردنيين ينظرون إلى الوظيفة الحكومية بوصفها صمام أمان لمستقبلهم المهني والمعيشي".

ويأتي ذلك بحسب ما يقول العبادي لـ"النهار" في وقت "يجد فيه الشباب صعوبة كبيرة في إيجاد فرص عمل مناسبة في القطاع الخاص وتحقق لهم الحد الأدنى من الاستقرار والأمان، بالإضافة إلى الاصطدام بعدم القدرة على الانطلاق بمشاريع خاصة في ظل محدودية الدعم والتمكين".