"نتنياهو لا يمكنه أن يقول لا لترامب"... "قضايا عالقة" باتّفاق غزة

المشرق-العربي 10-10-2025 | 01:00

"نتنياهو لا يمكنه أن يقول لا لترامب"... "قضايا عالقة" باتّفاق غزة

أظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل مراراً أن ترامب يحظى بشعبية أكبر من نتنياهو.
"نتنياهو لا يمكنه أن يقول لا لترامب"... "قضايا عالقة" باتّفاق غزة
ترامب ونتنياهو. (مواقع)
Smaller Bigger

مع دخول الحرب على قطاع غزة عامها الثالث، حقّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما لم يستطع أي زعيم عالمي آخر تحقيقه، وهو إجبار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على اتّخاذ الخطوة الأولى من اتّفاق سلام أوسع نطاقاً مع إقناع دول أخرى في الشرق الأوسط بالضغط على حركة "حماس".

ويقول محلّلون إن اتّفاق ترامب الذي أُبرم على عجل ووُقّع في مصر الخميس يترك مجموعة من القضايا بدون حل وهو ما يمكن أن يعوق تنفيذ المرحلة الأولى ويعرقل التقدّم نحو المرحلة التالية على الرغم من طبيعته التاريخية المحتملة.

ورغم إشادتهم بترامب لدوره في ما اعتبروه أكثر انفراجة واعدة حتى الآن لإنهاء الحرب، يشير خبراء إلى أن التحدّي الفوري يتمثّل في تسوية التفاصيل العملية لما اتّفق عليه على الورق، وهي وقف إطلاق النار ومبادلة الأسرى الإسرائيليين بسجناء فلسطينيين والانسحاب الإسرائيلي الجزئي من داخل القطاع المدمّر.

وبعد ذلك، يجب على المفاوضين تناول الأجزاء الأخرى من خطة ترامب المكوّنة من 20 نقطة والتي لا يزال الطرفان على خلاف شديد بشأنها، بما في ذلك نزع سلاح "حماس"، وهو ما ترفضه الحركة، وإنهاء الصراع رسمياً وحكم غزة بعد الحرب.

ولم يجرِ التعامل مع أي من هذه الأمور خلال المفاوضات غير المباشرة التي عقدت على مدى 3 أيام في مدينة شرم الشيخ المصرية حيث أرسل ترامب صهره جاريد كوشنر ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمساعدة في الوساطة. ولكن من غير المرجّح فيما يبدو التوصّل إلى حل سريع.

وقال نائب مسؤول المخابرات الوطنية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأوسط جوناثان بانيكوف "هناك عدد هائل من النقاط الشائكة المحتملة التي ستحدّد حقّاً ما إذا كان وقف إطلاق النار هذا سيصبح بداية السلام أم مجرّد منعطف آخر في دورة العنف".

وأضاف بانيكوف، الذي يعمل الآن في مركز المجلس الأطلسي للأبحاث في واشنطن، أن منع اتّفاق وقف إطلاق النار من الانهيار، كما حدث في عهد ترامب وسلفه الديموقراطي جو بايدن، سيتطلّب جهداً مستمراً ومفصّلاً من الرئيس وفريقه للأمن القومي.

 

ترامب. (أ ف ب)
ترامب. (أ ف ب)

 

لكن ذلك لن يكون سهلاً مع تجريد فريق السياسة الخارجية لترامب من بعض أعضائه المحنّكين بسبب خفض عدد الوظائف وإغلاق الحكومة الاتّحادية الآن.

ولكن في الوقت الراهن يبدو أن ترامب، الذي يروّج للاتّفاق باعتباره سبباً آخر للفوز بجائزة نوبل للسلام، اكتسب من خلال قوّة الإرادة زخماً لإحلال السلام في غزة يتجاوز ما كان يعتقده خبراء كثيرون.

ومن شأن إتمام هذا الاتّفاق بنجاح أن يمثّل أكبر إنجاز حتى الآن في السياسة الخارجية لترامب الذي ركّز في حملته الانتخابية على إحلال السلام في مناطق النزاع الكبرى حول العالم، لكنّه واجه صعوبات في تحقيق ذلك بسرعة، سواء في غزة أو في ما يتعلّق بالغزو الروسي لأوكرانيا.

استراتيجية ترامب
قبل أسابيع قليلة، بدا السلام في غزة بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى بعد شن إسرائيل غارة على قادة "حماس" في قطر، حليفة الولايات المتحدة.

لكن مصادر مطلّعة ذكرت أن مساعدي ترامب قرّروا تحويل غضبه على نتنياهو إلى ضغط على الزعيم الإسرائيلي لقبول إطار عمل لإنهاء الحرب، وعرضوا هذا الإطار على قادة دول إسلامية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.

ورغم أن نتنياهو تحدّى الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بسهولة بشأن الحملة العسكرية على غزة التي جاءت ردّاً على هجوم عبر الحدود شنّته "حماس" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فقد وجد صعوبة أكبر في تحدّي ترامب، رغم المخاوف الإسرائيلية حيال خطّة غزة، ومن بينها إفساح المجال أمام قيام دولة فلسطينية في نهاية المطاف.

وانضمّ ترامب إلى إسرائيل في ضرب مواقع نووية إيرانية في حزيران/ يونيو، وساند نتنياهو في ظل ما يتعرّض له من عزلة دولية آخذة في الاتّساع. وأظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل مراراً أن ترامب يحظى بشعبية أكبر من نتنياهو.

وقال مستشار سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديموقراطية دينيس روس، "بدون النفوذ، لما كان هناك اتّفاق. نتنياهو لا يمكنه أن يقول لا لترامب".

لكن الزعيم الإسرائيلي لا يزال يواجه مخاطر كبيرة في الداخل، بما في ذلك احتمال أن ينسحب بعض أعضاء اليمين المتطرّف في ائتلافه الحاكم من الحكومة بسبب التنازلات التي وافق عليها.

وبالإضافة إلى ذلك، تمكّن ترامب من حشد دعم دول كبرى في الشرق الأوسط، ولاسيما قطر وتركيا، للضغط على "حماس" للتخلّي عن معارضتها لبعض القضايا، مثل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ورفاتهم، في مستهل العملية بدلاً من استخدامهم كأوراق مساومة في وقت لاحق.

وأشادت قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط، بترامب بعد تعزيز العلاقات الأمنية والتجارية منذ تولّيه منصبه في كانون الثاني/يناير. وخلال زيارة للبيت الأبيض في أواخر أيلول/سبتمبر، طلب ترامب من نتنياهو إجراء اتّصال هاتفي برئيس الوزراء القطري للاعتذار عن الهجوم في الدوحة.

وعزّز ترامب أيضاً العلاقات مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، الذي يسعى لاقتناء أسلحة أميركية متطوّرة، وطلب منه تقديم المساعدة في دفع "حماس" لقبول الاتّفاق.

وبدا ترامب مستعدّاً للتوجّه إلى إسرائيل مطلع هذا الأسبوع، بالتزامن مع عودة الأسرى الإسرائيليين إلى ديارهم. ودعا نتنياهو الرئيس الأميركي لإلقاء كلمة أمام الكنيست.

ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التفاصيل في المرحلة الأولى من خطّة ترامب تحوم بشأنها تساؤلات، مثل القوائم النهائية للسجناء الفلسطينيين ممن ستفرج عنهم إسرائيل مقابل إطلاق سراح 20 أسيراً على قيد الحياة و28 يُعتقد أنّهم قُتلوا.

وهناك أسئلة مطوّلة بشأن مستقبل غزة لم يجر الإجابة عليها بعد. ومن بين هذه الأسئلة ما إذا كان سيُسمح لـ"حماس" بالمشاركة في إدارة غزة، وهو أمر يرفضه ترامب ونتنياهو رفضاً قاطعاً، وكيفية إعادة إعمار القطاع والجهّة المموّلة.

وسعى الرؤساء الأميركيون لتحقيق السلام في الشرق الأوسط بداية من جيمي كارتر ووصولاً إلى بايدن. إلّا أنّ بعض المحلّلين يرون أن هناك بارقة أمل في وقف أحدث موجة من الدمار على الأقل.

وقال جوناثان ألترمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن "يبدو أن هناك زخماً وراء ذلك"، مضيفاً: "من الخطأ الاعتقاد بأن الأمر قد حسم. سنشهد بعض اللحظات العصيبة خلال الأسابيع المقبلة".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/13/2025 10:08:00 AM
أعاد عناصر "حماس" انتشارهم في مختلف شوارع ومناطق قطاع غزة.
لبنان 10/12/2025 6:47:00 PM
تُظهر الصور المتداولة تكدّس الغيوم الماطرة فوق المرتفعات، في وقتٍ يشهد فيه الطقس تقلّبات خريفية واضحة.