إسرائيل تطرح ممرّاً نحو السويداء: مخاوف سورية من تهريب السلاح وتفكيك الدولة

حمل اجتماع الأردن مؤشرات مهمة إلى مستوى الموقف الدولي من مستجدات السويداء، وكان بمثابة جرعة دعم جديدة للحكومة السورية ورفض المشاريع الانفصالية. وقد شدّد اللقاء على "وحدة" سوريا وعلى السويداء كـ"جزء أصيل" منها، وإن عرض خريطة طريق لترميم الفجوة بين السلطات السورية والدروز، لكن من غير المتوقع أن تنتج عنه حلول فعلية كون الدروز لم يكونوا جزءاً من اللقاء.

يشترط دروز السويداء عدداً من الشروط للمشاركة في لقاءات الأردن، وفق ما نقلت "النهار" عن مصدر في مقال سابق، بينها فك الحصار عن المحافظة وإدخال المساعدات. وفي هذا السياق، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول أميركي ومسؤولين إسرائيليين قولهم إن "الإدارة الأميركية تحاول التوسط في اتفاق لإنشاء ممر إنساني بين إسرائيل ومدينة السويداء لتوصيل المساعدات إلى المجتمع الدرزي هناك".

طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة المساعدة في الحصول على موافقة سورية لإنشاء ممر مساعدات، بحسب ما ينقل "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين، لكن دمشق أعربت عن قلقها للولايات المتحدة من أن تستخدم الفصائل الدرزية هذا الممر لتهريب الأسلحة، مع العلم أن هذا النوع من الاتفاقات قد يُسهم في إعادة الزخم لمحادثات التطبيع بين إسرائيل وسوريا.

من غير المتوقع أن توافق سوريا على ممر يربط إسرائيل بالسويداء، كونه يؤسّس إلى بدء انفصال المحافظة الدرزية عن سوريا، ويزيد من ارتباطها بإسرائيل، ويؤسّس لمزيد من التدخّل الإسرائيلي في الشأن السوري بما يحمل ذلك من تداعيات. وفي هذا السياق، كان طرح إرسال إسرائيل المساعدات عبر الأردن، لكن السلطات الأردنية رفضت وفق "أكسيوس".

دبابة عليها مسلحون.

أستاذ العلوم السياسية وليد صافي يربط بين لقاء عمان والمشروع الإسرائيلي لفتح ممر نحو السويداء، ويقول لـ"النهار" إن المواقف شدّدت بشكل "حاسم" على "وحدة سوريا"، وأكّدت أن الحكومة السورية مسؤولة عن "تأمين كل مستلزمات" المحافظة، وكلها مواقف معاكسة للمشروع الإسرائيلي "الذي يدعي أنه حامٍ للأقليات، لكن بمضمونه يشجّع هذه الأقليات على الانفصال عن سوريا".

لوجستياً، فإن فتح الممر من إسرائيل مروراً بدرعا نحو السويداء شبه مستحيل في حال لم توافق سوريا، إلّا في حال قرّرت إسرائيل فرضه بقوّة العسكر، كون درعا موالية للحكومة السورية. وبرأي صافي، فإن الأردن "لن يسمح بفتح هذا الخط عبر أراضيه، ولن يشجّع على الانفصال أو الحكم الذاتي"، خصوصاً بضوء الموقف الأميركي الداعم للحكومة السورية.

ثمّة تناقض ملحوظ بين الموقف الإسرائيلي من جهة، ومواقف المجتمع الدولي من جهة أخرى، لا سيما مواقف الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وحتى عدد من الدول الأوروبية، وهو ما يطرح علامات استفهام كون التماهي بين واشنطن وتل أبيب يبلغ أقصى مستوياته، لكن صافي يرى أن إسرائيل "غير قادرة على إقناع" الولايات المتحدة بموقفها، والخلاف قائم على مسألة سوريا.

ثمّة موقف يشجّع إرسال إسرائيل المساعدات نحو السويداء التي باتت تعاني شحاً بالمواد الأساسية، لكن هذا الموقف لا يراعي الخلفيات الإسرائيلية لإرسال المساعدات، وخصوصاً أن الدول لا تقدّم المساعدات المجانية. وفي هذا السياق، يتحدّث صافي عن المشروع الإسرائيلي لاستخدام الأقليات في سوريا بوجه الحكومة المركزية وتشجيعهم على الانفصال، وورقة المساعدات أساسية في هذا الإطار.

في المحصلة، فإن ورقة المساعدات الإسرائيلية سياسية وإعلامية وسيكولوجية أكثر منها فعلية، وقد ذكر مصدر لـ"النهار" أن إسرائيل تستخدم هذا التكتيك لرسم صورة "حماية الدروز" في العقل الباطني الدرزي، للتشجيع على مشاريع الانفصال بهدف تحقيق منطقة آمنة جنوب سوريا تشكّل مساحة عازلة لإسرائيل، لكن أثمان هذا المشروع مبهمة، وقد تكون باهظة.