استولت على "شام أف أم" وطردت فريقها... كيف برّرت وزارة الإعلام السورية فعلتها؟

انتقلت أزمة وسائل الإعلام السورية خلال أسابيع قليلة، من تجميد العمل بقرار من وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، إلى استيلاء كامل على الوسائل الإعلامية بموجوداتها وممتلكاتها وتراخيصها، الأمر الذي بات يشبه إلى حدِّ كبير أسلوب التأميم الذي اتبعه نظام "البعث" في ستينيات القرن الماضي.
وعلمت "النهار" من مصادر خاصة أن وزارة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال وضعت يدها بالكامل على مقار إذاعة "شام أف أم" بكل ما فيها، وأن مالكها ومديرها سامر يوسف وفريقه من صحافيين وموظفين لم يعد لهم أي علاقة بهذه الإذاعة.
ولم تتمكن "النهار" من الاتصال بيوسف للتعليق على الموضوع بسبب إغلاقه هواتفه، كما أنه لم يجب على الرسائل عبر الواتساب والبريد الإلكتروني.
وتزامن استيلاء الإدارة الجديدة على "شام أف أم" مع استيلائها أيضاً على قناة "سما" الفضائية المملوكة لرجل الأعمال محمد حمشو الذي أثار الجدل أخيراً بعد شيوع أنباء عن إجرائه تسوية مع الإدارة الجديدة.
وعزا مصدر في وزارة الإعلام السورية ما سماه "مصادرة" وسائل الإعلام السورية، بما فيها العائدة ملكيتها إلى القطاع الخاص، إلى ولائها للنظام السابق ودفاعها عن ممارساته بحق السوريين. ولكنه بخصوص "شام أف أم" شدد على أن السبب هو شراكتها مع رامي مخلوف، رجل الأعمال السوري المعروف وابن خال بشار الأسد.
وكانت "شام أف أم" أوقفت عن العمل بعد سقوط النظام السوري بقرار من وزير الإعلام في 9 كانون الأول/ ديسمبر. وأثار قرار إيقافها موجة تضامن واسعة ما اضطر وزارة الإعلام إلى التراجع عنه في 21 من الشهر ذاته.
وأوضحت المصادر الخاصة التي تحدثت إلى "النهار" أنه بتاريخ 14كانون الثاني/ يناير قام فريق من وزارة الإعلام بوضع يده على مكاتب الإذاعة ومقارها، وطرد جميع الصحافيين والعاملين فيها.
وشدد على أن الاستيلاء لم يشمل فقط مكتب الإذاعة الكائن في دمشق، بل أيضاً تم الاستيلاء على صفحات الإذاعة في "السوشال ميديا"، لافتاً إلى أن كل ما يجري نشره حالياً يتم عبر فريق من الناشطين الثوريين الذين جاؤوا من إدلب وليس من قبل الفريق القديم بإدارة يوسف، علماً بأن جمهور الإذاعة لمس سريعاً التغيّر الذي طرأ على نهجها، إذ لم تعد تنشر إلا أخبار الإدارة الجديدة، وهو ما لم تكن تفعله مع النظام السابق.
ولطالما عُرفت إدارة "شام أف أم" بمشاغبتها على السياسات الداخلية وانتقاداتها للأداء الحكومي، وكانت تستضيف معارضين لنظام الأسد وتمنحهم فرصة للتعبير عن آرائهم على خلاف وسائل الإعلام الأخرى.
وسبق ليوسف أن أعلن عام 2020 أنه عانى خلال السنوات السابقة من مشاكل مع شركائه في الإذاعة، وتحديداً مع إحدى شركات "مجموعة راماك الاستثمارية" التابعة لمخلوف، ثم مع "شركة سيريتل" التي انتقلت إليها مهام إدارة حصتها في الإذاعة، مشيراً إلى أن الخلاف كاد يدفعه لترك منصبه.
وبحسب يوسف فإن "الخلاف لم يكن شخصياً بينه وبين مخلوف، بل كان خلافاً على أسلوب الإدارة"، مضيفاً أن "راماك"، من دون أن يسمي الشركة التابعة للمجموعة تحديداً، حاولت الاستحواذ على إدارة الإذاعة.
واستولت وزارة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال أيضاً على ترخيص البث الفضائي لقناة "شام أف أم" وهو ترخيص مختلف عن ترخيص الإذاعة الذي تدّعي الوزارة أنها "صادرته" بسبب شراكة مخلوف فيه.
ويعزز ما سبق القناعة بأن الهدف الحقيقي لوزارة الإعلام هو الاستيلاء على وسائل الإعلام كافة، لا سيما تلك التابعة للقطاع الخاص، بغض النظر عن الذريعة التي تبرر من خلالها هذا الإجراء.
وإلى جانب ما سبق علمت "النهار" من مصدر آخر أن صفحة جريدة "الوطن" على فايسبوك كانت من بين الصفحات الكثيرة التي تم الاستيلاء عليها وتسليم إدارتها إلى ناشطين إعلاميين موالين للإدارة الجديدة. وذكر المصدر أن رئيس تحرير "الوطن" وضاح عبد ربه انتقل بعد سقوط النظام للإقامة في باريس حيث تقيم عائلته منذ سنوات، وأنه لم يعد له أي دور في إدارة الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي، أما الجريدة نفسها فقد توقفت عن العمل نهائياً.