هل تدفع أحداث سوريا نحو حوار وطني في تونس؟

المشرق-العربي 08-01-2025 | 06:06

هل تدفع أحداث سوريا نحو حوار وطني في تونس؟

أثار حديث سعيّد عن الوحدة الوطنية ردود فعل متباينة في الوسط السياسي التونسي وتساءل كثيرون عن حقيقة توجّهه نحو فتح حوار وطني في تونس وعن علاقة ما يحدث في المنطقة، وتحديداً في سوريا بهذه الدعوة
هل تدفع أحداث سوريا نحو حوار وطني في تونس؟
قيس سعيّد
Smaller Bigger


عاد النقاش في تونس إلى ضرورة تنظيم الحوار الوطني بعد خطاب الرئيس قيس سعيّد بمناسبة العام الجديد الذي تحدث فيه عن الوحدة الوطنية وأهميتها، في سياق تطرّقه إلى التحديات التي تنتظر البلاد في 2025.
وأثار حديث سعيّد عن الوحدة الوطنية ردود فعل متباينة في الوسط السياسي التونسي، وتساءل كثيرون عن حقيقة توجهه نحو فتح حوار وطني في تونس وعن علاقة ما يحدث في المنطقة، وتحديداً في سوريا بهذه الدعوة، وإلى أي مدى يمكن لسقوط نظام بشار الأسد أن يدفع نحو حوار وطني في تونس، خصوصاً أن حديث الرئيس التونسي جاء في سياق تطرقه إلى التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم.
وقال سعيد إن "تحديات كثيرة سنرفعها في مواجهة كل أشكال التحديات في ظل هذه الأوضاع المتسارعة وغير المسبوقة التي يشهدها العالم اليوم، تتمثل في وحدة وطنية تتكسّر على جدارها كل المحاولات اليائسة لضرب الاستقرار".
ومنذ إقراره التدابير الاستثنائية في تموز (يوليو) 2021 ساءت العلاقة بين الرئيس سعيد وأغلب الأحزاب السياسية في تونس، التي لا يخفي تبرّمه منها ويحمّلها مسؤولية الأزمات التي عاشها البلد منذ 2011.
في المقابل تقول المعارضة إنها باتت تعاني من التضييق وترفض التعاطي مع السلطة الحالية، خصوصاً بعد توقيف عدد من رموزها، لكن السلطات تؤكد أنهم ملاحقون بتهم قضائية لا بسبب نشاطهم السياسي.

 

ارتدادات متوقعة
ويأتي حديث سعيد عن الوحدة الوطنية في وقت تتالت فيه الدعوات إلى إجراء حوار وطني بعضها صادر عن أحزاب مساندة له.
وفي السياق طالبت حركة "تونس للأمام" المناصرة لسعيّد قبل أيام في بيان رسمي بالتأسيس للوحدة الوطنية في مواجهة "محاولات التشتيت بتأجيج الصراعات العرقية والطائفيّة والمذهبيّة"، على قاعدة الالتقاء حول مبادئ واضحة تتبلور في "إعلان مبادئ" هدفه تحصين البلاد من كلّ محاولات الاختراق والذود عن السيادة الوطنيّة واستقلاليّة القرار الوطني.
ومنذ بداية الأحداث في سوريا والتي انتهت بإسقاط نظام الأسد عاد الحديث عن تداعيات ذلك على دول عربية أخرى هبّت عليها رياح الربيع العربي، من بينها تونس.
 
وفيما استبشر الإسلاميون بـ"إمكان إحياء هذا الربيع في تونس من جديد" وفق تصريحات الكثير من قياداتهم أو المحسوبين عليهم، أقر عدد كبير من الفاعلين السياسيين بأن ما حدث في سوريا ستكون له ارتدادات على كامل المنطقة ومن بينها تونس، معتبرين أنه آن الأوان لفتح صفحة جديدة وتحصين البلد.
وفي تقدير المحلل السياسي بسام حمدي فإن ما حصل في سوريا ستكون له ارتدادات سياسية على المنطقة العربية.
ويقول حمدي في حديث إلى "النهار" إن هذه الارتدادات اتضحت أولاً من خلال حديث الكثير من السياسيين عن "أن النفس الثوري لم يخمد" وأن "ما حصل في سوريا قد يعاد استنساخه في الجزائر وتونس ومصر"، وثانياً من خلال حديث الرئيس سعيد عن الوحدة الوطنية في سياق تطرقه إلى التطورات في المنطقة.
ويذكّر حمدي بأن دولاً مثل الجزائر ومصر سارعت إلى إعلان جملة من الإجراءات من بينها العفو عن مساجين سياسيين والدعوة إلى حوار وطني "وهو ما يؤكد أن ما حدث في سوريا له تأثير بشكل أو بآخر على سياسات بقية دول المنطقة."
ويرى أن تونس في "حاجة فعلاً إلى وحدة وطنية لخلق مناخ اجتماعي سليم بعيداً عن التوتر الذي عاشته طيلة السنوات الأخيرة".
ووفق قوله، فإن الوحدة الوطنية لا تكرّس إلا عبر آلية الحوار الوطني الذي يرى أنه يجب أن يكون مختلفاً عن الحوارات السابقة التي عرفها البلد "والتي اقتصرت على الأحزاب والمنظمات الوطنية الكبرى".

وكانت تونس قد نظمت عام 2014 حواراً وطنياً برعاية الاتحاد العام التونسي للشغل انتهى بالتوافق على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية ونال عليه المنظمون جائزة نوبل للسلام.
ويقول حمدي إن أي حوار وطني جديد يجب أن يشرك كل المنظمات التي لها تأثير في الشأن الاقتصادي والاجتماعي في البلد على غرار منظمة الأعراف ومنظمة المزارعين.
ويشدد على أن طي صفحة الماضي يتطلب تجاوز الخلافات مع الأحزاب السياسية التي هي مطالبة أيضاً بتجاوز سردية مع أو ضد 25 تموز والتفاعل مع ما حدث بعد 25 تموز "لأنه لم يعد ممكناً الرجوع إلى الوراء بأي شكل من الأشكال".

 

تونس ليست سوريا

لكن هذا الرأي لا يتوافق مع قراءات أخرى تعتقد أن إجراء حوار وطني في تونس غير ممكن في الوقت الحالي، وتنفي أن يكون لما حدث في سوريا تداعياته على البلد الذي جرّب الثورة وعاش تفاصيل الربيع العربي وقطع مع المنظومة التي أفرزها.
ويقول المحلل السياسي محمد ذويب لـ"النهار" إن الدعوة إلى الوحدة الوطنية صدرت مرات عدة عن بعض الشخصيات السياسية وعن الاتحاد العام التونسي للشغل.
 
ويرى أن القرار النهائي في الوقت الحالي بات بيد رئيس الجمهورية الذي نال تفويضاً شعبياً في الانتخابات الرئاسية بنسبة تصويت تجاوزت 90 في المئة، متابعاً: "لا أعتقد أن الرئيس قيس سعيد سيذهب في هذا الاتجاه".
وفي تقديره فإن حديث سعيد عن الوحدة الوطنية المقصود به "الوحدة مع الشعب وليس الوحدة مع بقية المنظمات والأحزاب السياسية".

وعن تداعيات ما حدث في سوريا على تونس وإمكان أن يدفع نحو حوار في تونس يرى ذويب أن الحدث السوري بعيد كل البعد عن السيناريوات المطروحة في تونس.
ويشرح أنه ليس في تونس معارضة جدية وازنة يمكن أن يتحاور معها الرئيس "فنحن لا نرى شارعاً يتحرك مثلاً، فحركة النهضة وبقية الأحزاب السياسية الأخرى يبدو أنها اختارت الاستكانة والاكتفاء ببعض البيانات والتصريحات الإعلامية لبعض نشطائها في الخارج، والحزب الدستوري الحر دخل في سبات، والاتحاد العام التونسي للشغل يعيش أزمةً داخليةً كبيرةً"، ويتابع: "كل هذه المعطيات جعلت الرئيس قيس سعيّد وحده من يتحكم في المشهد السياسي كما يريد".

ويرجّح ألا يذهب سعيّد وهو من بات المتحكم في المشهد السياسي إلى حوار وطني مع معارضة ضعيفة لا وجود لها أو تأثير على أرض الواقع.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم 11/25/2025 5:00:00 PM
مرحباً من "النهار"، إليكم خمسة أخبار بارزة حتى الساعة الخامسة عصراً بتوقيت بيروت...
لبنان 11/24/2025 8:28:00 PM
دير مار يوسف في جربتا يوضح أن النور الملاحظ قرب قبر القدّيسة رفقا ناجم عن بروجيكتور ولا يرتبط بأي ظاهرة استثنائية.