المشرق-العربي 03-01-2025 | 20:30

الحوادث المفتعلة… السائقون الأردنيون بمواجهة الاحتيال

 يلجأ "المحتال" إلى رمي نفسه على مركبة الضحية ومن ثم السقوط على الأرض والتظاهر بأنه تعرض للدهس وأنه يشعر بالألم، ليبدأ بعد ذلك بمساومة الضحية
الحوادث المفتعلة… السائقون الأردنيون بمواجهة الاحتيال
مشهد عام من العاصمة الأردنية عمان
Smaller Bigger

رغم تكرار التحذيرات الأمنية الأردنية وحملات التوعية لتجنب الوقوع في فخ مفتعلي حوادث السير أو الدهس، إلا أن من يمتهنون افتعال مثل تلك الحوادث لا يزالون يجدون ضحايا يتحصلون منهم على مبالغ مالية دون وجه حق.

 

وفي ما يتعلق بحوادث الدهس المفتلعة، يلجأ "المحتال" إلى رمي نفسه على مركبة الضحية ومن ثم السقوط على الأرض والتظاهر بأنه تعرض للدهس وأنه يشعر بالألم، ليبدأ بعد ذلك بمساومة الضحية الذي يكون حينها في قمة التوتر والقلق، حيث يعرض عليه أن يدفع له مبلغا ماليا مقابل عدم الاتصال بالأجهزة الأمنية وتحرير ضبط بالحادثة، وكذلك الذهاب إلى مستشفى خاص وتكبد مبلغ مالي كبير.

 

ولتجنب كل ذلك، يختار الضحية دفع المبلغ الذي طلبه "المحتال" الذي يجول مناطق عدة بحثا عن ضحايا مفترضين، خصوصا من السيدات باعتبارهن الحلقة الأضعف من وجهم نظرهم، ويفضلن دفع المال على الخوض في أي نوع من المشاكل وخوض تحقيقات.

 

 

شابة تروي قصتها

الشابة عذاري غالب تروي لـ"النهار" تعرضها لحادثة مشابهة عندما كانت قبل أيام تتسوق من إحدى المحال التجارية في محافظة البلقاء القريبة من العاصمة عمان، لتتفاجأ بعد صعودها إلى مركبتها والعودة إلى الخلف، بأنها صدمت شيئا وأن هناك من يصرخ، لتوقف المركبة على الفور وتترجل منها وتجد أن شخصا ملقى على الأرض يقول إنها صدمته.

 

عذاري تضيف أنها بدأت ترتعد من الخوف وطلبت من أشخاص حضروا الاتصال على الإسعاف، إلا أن "المحتال"، وقبل أن يفعل أحدهم ذلك، سارع "المحتال" إلى رفض ذلك بحجة أن إصابته بسيطة، فقام بعدها بالتحدث إلى الفتاة طالبا منها 50 دينارا (نحو 70 دولاراً) ليذهب بنفسه إلى طوارئ أحد المستشفيات بدلا من حضور الإسعاف الذي ترافقه دورية أمنية، وهو ما يمكن أن يعرضها للمساءلة قانونية ومخالفات وتكاليف علاج في مستشفى خاص.

 

هنا، تشير عذاري إلى أنها وافقت على طلبه تحت الضغط والخشية من أن تتعرض إلى مساءلة أو حتى إجراءات روتينية ومراجعات، فقامت بإعطائه المبلغ المالي والعودة إلى منزلها.

 

بعد ذلك، أكد والدها لها بأن ما حدث هو "احتيال" وأن كثيرين يقومون بهذا الأمر، إلا أنها وكذلك والدها لم يرغبان بتقديم شكوى لفتح تحقيق في الحادثة والدخول على حد قولها في "متاهات".

 

لكن مصدراً أمنيا تحدثت إليه "النهار"، انتقد امتناع الشابة ووالدها عن تقديم شكوى، مؤكداً أن ذلك يشجع المحتالين على ارتكاب المزيد من قضايا الاحتيال والإيقاع بضحايا آخرين، ولافتاً في الوقت نفسه إلى أن نسبة اكتشاف قضايا حوادث الدهس المفتعلة تصل إلى 100%، والأمر فقط يتطلب إبلاغ الأمر بالحادثة المشتبه بأنها مفتعلة وهو ما يظهر من سلوك "المحتال" وطلبه مقايضة السائق.

 

قصة أخرى

في المقابل، يروي المواطن نائل أبو مالك ما حدث معه في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، عندما ألقى شخص بنفسه أمام مركبته أثناء خروجه من موقف للسيارات في العاصمة عمان، مشيراً إلى أنه لاحظ تعمد الشخص إلقاء نفسه، ويؤكد أن الصدمة كانت خفيفة جداً كون المركبة لا تزال في أدنى سرعة.

 

وعندما نزل نائل من مركبته، بدأ "المحتال" بالتظاهر بأنه أصيب وأن يشعر بألم شديد في كتفه، وطلب 100 دينار (نحو 140 دولاراً) للذهاب بنفسه إلى المستشفى وعدم تعريض السائق لأي مساءلة أو تكاليف تفوق ذلك.

 

وفي هذه اللحظة، يقول نائل إنه تأكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الشخص "محتال" وممن يمتهنون افتعال الحوادث بقصد الابتزاز، فقال له انتظر حتى أتصل بأخي ليقوم بجلب المبلغ لي، حيث اتصل نائل بالأجهزة الأمنية لا بأخيه دون علم "المحتال" الذي تفاجأ بحضور الشرطة واقتياده إلى المركز الأمني، ليتبين بعد التدقيق على اسمه بأن من أصحاب الأسبقيات بافتعال الحوادث، فتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه وحبسه.

 

 ولا تقتصر مثل تلك الحوادث على الدهس، إنما تشمل حوادث صدم المركبات للاحتيال على السائق وإيهامه بأنه سيدفع مبالغ مالية أكثر من المطلوبة منه، فضلا عن افتعال حوادث صدم بهدف الاحتيال على شركات التأمين.

 

 

عقوبة مفتعلي الحوادث

ووفق ما يؤكد لـ"النهار" المحامي محمد وليد، فإن "القانون المعدل لقانون العقوبات لسنة 2023 غلّظ عقوبة افتعال الحوادث المرورية، إذ تنص المادة 26/أ/3 (مَن ادّعى وقوع حادث مروري ثبت بحكم قضائي أنه مفتعل أو مقصود تغريمه 500 دينار)، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على 6 أشهر أو غرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 1000 دينار أو بكلتا العقوبتين".

 

ويضيف وليد: "تُضاعف العقوبة في حالة التكرار، وفي قضايا الابتزاز لجلب منفعة غير مشروعة إذا تعلّق الأمر المزعوم بحادث مروري، فإن العقوبة هي الحبس سنتين والغرامة 50 ديناراً".  

 

بماذا ينصح الأمن؟

وبالعودة إلى المصدر الأمني، فقد "تم تسليط الضوء على هذه الممارسة الجرمية وتم تشكيل فريق متخصص لرصدها وملاحقتها ومنها قضايا الادعاء بالدهس للحصول على مبالغ مالية وافتعال حوادث على شركات التأمين بإنشاء حادث سير مفتعل بين طرفين للحصول على تعويضات من شركات التأمين"، مؤكداً أنه "تم ضبط جميع مرتكبي هذه القضايا أو المشاركين بها وتم إيداعهم لدى الجهات القضائية لإيقاع العقوبات الجزائية واسترداد الحقوق المدنية والمبالغ التي حصلوا عليها من التعويضات دون وجه حق".

 

وسبق أن أكدت مديرية الأمن العام الأردنية أنه "رغم تراجع تلك الظاهرة الجرمية وضبط العديد من الأشخاص واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، إلا إنه لا تزال ترد بين الحين والأخرى تسجيل شكاوى بخصوصها".

 

ودعت السائقين وتجنّباً لتعرضهم لهذا النوع من الاحتيال، إلى اتباع الإجراءات القانونية التي نص عليها القانون في حال تعرضهم لأي حادث مروري، وعدم التردد بتقديم الشكوى اللازمة في حال الشك بافتعال الحادث ليتم التحقيق به من قبل المحققين الجنائيين والمروريين المختصين في إدارة البحث الجنائي وإدارة السير والمراكز الأمنية، الذين يملكون الكفاءة والخبرة الكافية لتحديد إن كان الحادث مفتعلاً أم لا، إضافة إلى وجود قاعدة بيانات حول مفتعلي الحوادث المرورية ممن جرى ضبطهم سابقاً.


كما شددت مديرية الأمن على "ضرورة عدم الانصياع وراء أي شخص يطلب مبالغ مالية بحجة أن عمل الكروكة مكلف أو أن الخطأ المروري واضح ولا داعي لعمل الكروكة وأنه يقبل التعويض".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.