كردستان 2025... حكومة جديدة وظرف كردي معقد استراتيجياً

كردستان 2025... حكومة جديدة وظرف كردي معقد استراتيجياً
احتفال بيوم العلم الكردي في أربيل. (أ ف ب)
Smaller Bigger

 مع بداية العام الجديد، لا يبدو الحزبان السياسيان الرئيسيان في إقليم كردستان قريبين من التوصل إلى توافق سياسي حاسم بينهما، في وقت شكل سقوط النظام السوري تحولاً سياسياً جذرياً بالنسبة إلى الإقليم، لما قد يكون له من تأثير على المسألة الكردية في مختلف أنحاء المنطقة، بالذات في سوريا وتركيا. وهما العاملان  المؤثران بعمق في أوضاع أكراد العراق. ومع الأمرين تبقى مختلف الملفات الرئيسية عالقة مع العاصمة الاتحادية بغداد، بانتظار إجراء الانتخابات البرلمانية في أواسط العام المقبل.
كانت الانتخابات البرلمانية في كردستان في أوائل شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أدت فعلياً إلى تفكك المعارضة السياسية الرسمية، حركة التغيير الكردية "كوران"، وذهاب أغلب أصواتها إلى الاتحاد الوطني الكردستاني الذي صار في رصيده (23 مقعداً من أصل 100 مقعد برلماني)، بينما حصل الحزب الديموقراطي الكردستاني على 39 مقعداً، وحصلت تشكيلة من الأحزاب الصغيرة على باقي المقاعد. 
بحسب العرف السياسية والوقائع السياسية الموضوعية في الإقليم، فإن الحزبين الرئيسيين من المفترض أن يشكلا الحكومة الجديدة وينتخبا رئيس الإقليم بالتوافق بينهما. لكن الاتحاد الوطني الكردستاني يعلن جهاراً رفضه "القسمة القديمة"، التي تنمح الديموقراطي المنصبين الرئيسيين في الإقليم، رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة، وتطالب بواحد منهما على الأقل، وعلى ذلك شيّد الزعيم الجديد للاتحاد الوطني كل برنامجه الانتخابي. لكن الديموقراطي يعتقد أن ذلك هو ما فوق "الاستحقاق البرلماني" للاتحاد، ملمحاً إلى إمكان خلق "الأغلبية البرلمانية" من دون مشاركة الاتحاد الوطني، كما حصل في   مجلس محافظة كركوك. 
لا تبدو "الصفقة السياسية الكاملة" بين الطرفين متوافرة راهناً، كما فعلا في العام 2005، عبر "التحالف الاستراتيجي"، الذي وفقاً له توافقا على "تقاسم" كل المناصب والمستحقات الكردية، سواء في السلطة الاتحادية أم في نظيرتها الإقليمية/المحلية. لكن مراقبين للمشهد السياسي الداخلي يُبشرون بإمكان حدوث مفاجأة ما في ذلك الإطار، بسبب تراجع النفوذ الإيراني في الداخل العراقي كثيراً، وتبدد ضغوطه "السلبية" السابقة على الطرفين. 
في سياق مشابه، يشكل سقوط النظام السوري تحدياً جيوسياسياً لإقليم كردستان خلال العام المقبل. فالقوى الرئيسية التي "انتصرت" في الحرب السورية، لا تُظهر أي رؤية سياسية واضحة تجاه أكراد سوريا ومسألتهم، وإن كانت تُرسل بعض الإشارات الودية على المستوى الذاتي. لكن إقليم كردستان يتطلع لأن تكون المسألة الكردية في هذا البلد ذات طابع سياسي ودستوري، ليشكل أكراد سوريا عمقاً سياسياً وثقافياً لنظرائهم في العراق، وحتى لا يشكل "أكراد العراق" نموذجاً وحيداً لإمكان حل المسألة الكردية دستورياً، على أساس اللامركزية. 
لا يملك إقليم كردستان الكثير من الأوراق في ذلك الاتجاه، خلا العلاقات الإيجابية مع تركيا، وإمكان استخدامها في سبيل تعزيز أواصر التحاور والتفاهم بينها وبين القوى السياسية والعسكرية الكردية في سوريا، حتى لا تصل الأوضاع المتوترة الراهنة إلى درجة الصدام، وتالياً دفع الإقليم نحو الاستقطاب الإقليمي/القومي، فتركيا هي بوابة الإقليم شبه الوحيدة تجاه العالم الخارجي، فيما أكراد سوريا امتداد قومي وثقافي له، ويقيم أكثر من 300 ألف منهم على أراضيه، أكثر من نصفهم لاجئون. 
  التطلعات نفسها يحملها إقليم كردستان تجاه المسألة الكردية في تركيا. فالمبادرة التي أطلقها زعيم الحركة القومية التركية "المتطرفة" دولت بهجلي تجاه حزب العمال الكردستاني كانت استثنائية بكل المعايير، وأندفع الإقليم بكل جهوده الديبلوماسية لدعمها، بغية خلق أجواء إيجابية، ومنع تراجعها إلى الوراء، كما حدث أكثر من مرة، وهو ما عبر عنه رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني صراحة أكثر من مرة. 
سيؤدي أي اتفاق سياسي في تركيا، في حال حدوثه في المستقبل المنظور، إلى تفكك الحرب الراهنة بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني، والذي يلتهم مساحات جغرافية شاسعة من كردستان، وتعيق الحياة العامة في أقضية ونواح جغرافية كبرى، فيما يتواصل التوتر الأمني والعسكري الضاغط، الذي يعيق الاستثمارات والتنمية في أكثر مناطق الإقليم جذباً للمشاريع السياحية. 
غير ذلك، فإن حلحلة القضية الكردية في تركيا، تعني نهاية الاستقطاب الإقليمي بشأن المسألة الكردية، وسيدفع كل من إيران والنظام السياسي الجديد في سوريا على تطوير أدواتهما السياسية لحل المسألة الكردية سياسياً داخل بلديهما. وكل ذلك سيكون ثراء سياسياً واقتصادياً لإقليم كردستان. 
الملفات العالقة مع الحكومة الاتحادية العراقية، من قانون النفط وتطبيق المادة 140من الدستور الخاصة بالمناطق المتنازع عليها، ومثلهما قضايا تسليح قوات البيشمركة وحصة الإقليم من الموازنة الاتحادية، ستكون كلها مؤجلة خلال العام المقبل، بانتظار نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية وقتئذ. 
يبدو الحزب الرئيس في إقليم كردستان مرتاحاً إلى التحالف السياسي غير المعلن مع رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، متوقعاً تحقيقه نتائج انتخابية باهرة، مقابل تراجع نفوذ القوى السياسية العراقية المقربة من إيران وكل المستقطبين إقليمياً. يعتقد الساسة في الإقليم أن ذلك سيشكل دافعاً لإمكان خلق "طاولة وطنية" عراقية، يُمكن معها معالجة القضايا العالقة منذ عقود، من دون ضغوط وتأثيرات إقليمية ضاغطة على مختلف الجهات العراقية.     

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/25/2025 1:09:00 PM
تأتي هذه الخطوة في وقت تعاني فيه العديد من المدارس السورية نقصاً حاداً في المقاعد الدراسية
اقتصاد وأعمال 10/28/2025 10:49:00 AM
يعطي المدعي العام المالي القاضي ماهر شعيتو عناية خاصة لملف المبالغ المستعادة ومتابعة كل تفاصيله.
النهار تتحقق 10/28/2025 1:58:00 PM
أثارت الصورة تساؤلات عن صحتها، خصوصاً انه ليس من المألوف ظهور رئيس البرلمان اللبناني بالدشداشة والشبشب. 
لبنان 10/27/2025 8:02:00 PM
أثار خبر مقتل الشاب إيليو أبو حنا برصاص فلسطيني في مخيم شاتيلا عضباً لبنانياً كبيراً.