المشرق-العربي 15-12-2024 | 14:43

‏"اسمك 3006"... قصة تاجر سوري فقد أثره بعد زجّه في ‏سجن المزة

خلال رحلة وجيزة إلى دمشق لأغراض العمل، وجد الشاب ‏البالغ من العمر 39 عاما الذي يعمل في مجال التجارة مع ‏أشقائه وعاش قرابة 14 سنة في المنفى بين تركيا ولبنان نفسه ‏في سجن المزة في محيط العاصمة السورية.‏
‏"اسمك 3006"... قصة تاجر سوري فقد أثره بعد زجّه في ‏سجن المزة
غازي محمد المحمد معتقل سابق في أحد سجون دمشق (أ ف ب)‏
Smaller Bigger

بعد قرابة ستة أشهر من الاعتقال وتهديد بإعدام وشيك، لم يعد ‏التاجر غازي محمد المحمد الجالس بجسده الهزيل في ردهة منزل ‏في سرمدا في جنوب غرب سوريا، كما عهدته عائلته قبل أن ‏يغرق في جحيم سجن المزة.‏

خلال رحلة وجيزة إلى دمشق لأغراض العمل، وجد الشاب ‏البالغ من العمر 39 عاما الذي يعمل في مجال التجارة مع ‏أشقائه وعاش قرابة 14 سنة في المنفى بين تركيا ولبنان نفسه ‏في سجن المزة في محيط العاصمة السورية.‏

يروي قائلا: "في مرحلة ما، تفقد الأمل... ولم أكن أتمنّى سوى ‏الموت. كنت أنتظر اليوم الذي سأعدم فيه وكنت حتّى سعيدا ‏لأنني سأتخلّص من معاناتي".‏

وقبل "خمسة أشهر ونصف الشهر"، بحسب ما يقول من دون ‏أن يتمكّن من تحديد التاريخ بالضبط، أتت المخابرات لاقتياده ‏مع طبيب صديق من مكتبه مكبّلة يديه وراء ظهره من دون ‏أن تقول له كلمة.‏

 

 

‏"اسمك 3006" ‏
وحتّى اليوم ما زال غازي محمد المحمد يجهل أسباب زجّه في ‏السجن، مقدّرا أن يكون السبب وراء ذلك أنه من محافظة ‏إدلب معقل الفصائل المسلحة في جنوب غرب سوريا التي شُنّ ‏منها الهجوم الخاطف الذي أدّى إلى الإطاحة ببشار الأسد في ‏دمشق في الثامن من كانون الأول (ديسمبر).‏

وفور وصوله إلى سجن المزة مكبّل اليدين ومعصوب ‏العينين، أبرح ضربا.‏

وفي الأيام الأولى، علّقت يداه بعمود في زنزانة ضيّقة من ‏دون أن تدوس قدماه الأرض. وفي الأيّام التالية، خفّض علوّ ‏العمود كي يضع قدميه أرضا.‏

وهو بقي معزولا عن الخارج يتعرّض للضرب وبالكاد يحصل ‏على طعام ولا يرى سوى سجّانيه.‏

ولم يكن يرى شيئا أو أحدا لكنه كان يسمع صراخ النساء ‏والأطفال المعذّبين أمام أقربائهم للضغط عليهم.‏

وكان سجّانوه يريدون انتزاع اعترافات منه "كما يشاؤون" ‏وراحوا ينبشون هاتفه حيث وجدوا "كلاما عن كيف ينهب ‏الأسد البلد ويأخذ الكفاءات من البلد"، مجرّد "كلام لكنهم ‏اعتبروه جرما لا يوصف".‏

لكن "الجرم الأساسي" في نظر  غازي محمد المحمد يبقى أن ‏إخوته هم في محافظة إدلب "حيث له أخ تاجر وآخر في ‏مجلس الصلح".‏

وبعد شهر، نقل إلى فرع المخابرات الجوية حيث أخذت منه ‏أوراقه وجواز سفره وقيل له "انس أن لك اسما. أنت اسمك ‏‏3006".‏

ورمي في زنزانة تمتدّ على مترين و1,20 متر وارتفاع ‏خمسة أمتار فيها فتحة صغيرة بالكاد تكفي لإدخال النور، بلا ‏كهرباء أو مرحاض.‏

وأعطاه السجّانون زجاجة لقضاء حاجاته وعند اصطحابه إلى ‏المرحاض، كان لا بدّ له من أن يكون عاريا منحني الظهر ‏ينظر إلى الأرض.‏

وبدأوا يلوّحون باحتمال إعدامه، سائلين على سبيل الاستهزاء ‏إن كان يفضّل الخنق أو الشنق أو أن يغرس بوتد.‏

ويروي أنه في إحدى الليالي "أخرجونا من الزنزانات وصفّونا ‏في الممرّ معلّقين ببعضنا البعض في صفّين من 14 سجنيا. ‏وللمرّة الأولى، تسنّى لنا رؤية بعضنا البعض وكان ذلك ‏مؤشّرا إلى أننا سنموت قريبا".‏

 

 

 

‏"ليس ابني" ‏
وظلّ السجناء ساعة على هذه الحال قبل أن يعادوا إلى ‏الزنزانات في فوضى كبيرة خلافا للعادة.‏

ويروي غازي محمد المحمد الذي كان بطبيعة الحال يجهل ‏تطوّرات الأحداث في سوريا "طلبت الذهاب إلى المرحاض ‏بحجة المرض، لكن لم يأت أحد. وفجأة سمعنا هدير مروحيتين ‏تحطّان ثم تحلّقان... لإجلاء ضبّاط من دون شكّ".‏

ومضت ساعات قبل أن يحطّم باب زنزانته ويظهر محرّروه ‏في مشهد ظنّه "حلما".‏

وتقترب الأم من ابنها وهو يروي تفاصيل تحريره وتجلس ‏بجنبه. وهي لم تبلغ يوما باعتقاله رمسميا، فقد فقد أثر ابنها، ‏كما هي حال 100 ألف سجين على الأقلّ في سوريا.‏

وقد تسنّى لغازي محمد المحمد العودة إلى ذويه "لكنه تغيّر ‏كثيرا.... ابني كان تاجرا، رجل أعمال. كان من الأذكياء، ‏نشيطا. وأنا أنظر إليه اليوم أشعر أنه ليس ابني بتاتا. تغيّر ‏جسديا وعقليا"، على ما تقول فاطمة عبد الغاني (75 عاما).‏

ويأمل غازي محمد المحمد أن يمثل سجّانوه أمام القضاء، مؤكّدا أن ‏في مقدوره التعرّف على ثلاثة منهم.‏

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".