من "جيتكس غلوبال 2025"... الإمارات تُحوِّل الذكاء الاصطناعي إلى نهج حياة مؤسسية

تحوّلت الإمارات إلى مركز إقليمي لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، مدفوعةً باستراتيجيات وطنية طموحة تهدف إلى تعزيز الإنتاجية وبناء اقتصاد قائم على المعرفة والبيانات.
وفي سياق تغطية "النهار" لفعاليات "جيتكس غلوبال 2025" في دبي، أجرت حواراً مع أحمد عيسى، نائب الرئيس الإقليمي لشركة "كلاوديرا" Cloudera في الشرق الأوسط، الذي تحدث عن واقع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الإماراتية وآفاقها المستقبلية.
المؤسسات الناجحة في دمج الذكاء الاصطناعي
يشير التقرير إلى أن 59% من المؤسسات في الإمارات دمجت تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملياتها الأساسية، فيما تمكنت 16% فقط من الوصول إلى التكامل الكامل. ويقول عيسى إن المؤسسات التي حققت هذا النجاح تعتمد على أنظمة سحابية مرنة تمكّنها من إدارة البيانات وتشغيل التحليلات في الوقت الفعلي، ما يرفع الكفاءة التشغيلية ويسرّع اتخاذ القرار.
ويكمن سر نجاحها، كما يوضح، في نقل الذكاء الاصطناعي إلى موقع البيانات بدلاً من نقل البيانات إلى الذكاء الاصطناعي، مستفيدةً من منصات موحدة وحوكمة قوية وأدوات مؤتمتة لإدارة دورة حياة البيانات، ما يضمن قرارات أسرع وأكثر شفافية وموثوقية.
ويضيف أن المؤسسات الرائدة تنظر إلى الذكاء الاصطناعي كمحرّك للنمو وليس كاستعراض تقني، إذ تستثمر في المواهب الرقمية والأتمتة وعمليات الذكاء الاصطناعي (AIOps) لتسريع تطوير النماذج وتحسين الأداء وتحقيق قيمة مستدامة من البيانات. كما تُدمج عناصر الأمان والامتثال في كل طبقة من منظومتها الرقمية لتعزيز الثقة والمرونة المؤسسية.
أما المؤسسات التي لا تزال في بدايات رحلتها، فعليها أن تضع البيانات في صميم استراتيجيتها، كونها أصلاً استراتيجياً ومحركاً رئيساً للتحول الرقمي. فالمستقبل، كما يؤكد عيسى، تقوده خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي لا تعمل إلا ببيانات شاملة وآمنة، ما يستلزم تمكين المؤسسات من الوصول الكامل إلى بياناتها وتحليلها في الوقت الحقيقي ضمن إطار حوكمة صارم يحافظ على الخصوصية والامتثال.
البنية الهجينة ودورها
يرى عيسى أن البنية الهجينة للبيانات أصبحت محوراً أساسياً لتمكين الذكاء الاصطناعي القابل للتوسع والآمن، إذ توفر إطاراً موحداً ومرناً لإدارة البيانات عبر السحابة ومراكز البيانات والأطراف (Edge). فاليوم، كما يقول، "البيانات في كل مكان"، ما يستدعي حلولًا متكاملة تتيح إدارة موحدة وسلسة تضمن تجربة سحابية متناسقة.
وتساعد هذه البنية على توحيد تطوير وتشغيل وصيانة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتمكّن المؤسسات من توسيع قدراتها بسرعة وكفاءة، إضافة إلى الدمج بين البيانات الدُفعية التقليدية وتدفق البيانات في الوقت الفعلي للحصول على رؤى دقيقة تدعم القرارات الديناميكية في مجالات مثل التحليلات التنبؤية والتخصيص وتحسين العمليات.
ويشير إلى أن "كلاوديرا" تُمكّن المؤسسات من الوصول الآمن والسلس إلى بياناتها — سواء في السحابة العامة أو الخاصة أو على الأطراف — ضمن تجربة موحدة تساعدها على الامتثال لقوانين السيادة الوطنية للبيانات والحفاظ على المرونة التشغيلية. والنتيجة، كما يوضح، هي مشهد بيانات متوازن يجمع بين الكلفة والكفاءة والسيطرة والأمان، ما يتيح تنفيذ مبادرات ذكاء اصطناعي تعزز الابتكار والإنتاجية.
الثقة والحوكمة
وحول مستقبل الحوكمة في ظل تصاعد استخدام الأنظمة الذاتية، يوضح عيسى أن الثقة تمثل العمود الفقري للذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع بروز “الوكلاء الذاتيّين” القادرين على اتخاذ قرارات مستقلة. ويؤكد أن المستقبل سيعتمد على أمن البيانات وحوكمتها وإدارة التكاليف بفعالية، لضمان الشفافية وتقليل المخاطر.
ويشدد على أن المؤسسات مطالبة بتطبيق أنظمة صارمة لتتبع البيانات وضمان الخصوصية والامتثال التنظيمي، لأن تسرب البيانات أو الوصول غير المصرح به يبقى من أكبر التحديات، خاصة عندما تعمل النماذج الذكية بشكل مستقل.
وللتصدي لهذه التحديات، توفر "كلاوديرا" حلولاً مثل الذكاء الاصطناعي الخاص (Private AI) والذكاء الاصطناعي التوليدي الآمن، اللذين يضمنان تشغيل النماذج ضمن بيئات محمية ومعزولة تحافظ على سلامة البيانات الحساسة وتمنح المؤسسات ثقة أكبر بنتائجها.
ويختتم عيسى بالتأكيد أن الذكاء الاصطناعي لن يزدهر دون حوكمة رشيدة وبنية بيانات آمنة وفعّالة، إذ تمثل الثقة الركيزة الأساسية لنجاح المؤسسات في هذا المجال وضمان مستقبل رقمي أكثر نزاهة واستدامة.