عبد الله بن زايد وتاجاني في مقال مشترك: الامارات وايطاليا ملتزمتان السلام والازدهار
كتب وزيرا الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الايطالي أنطونيو تاجاني في مقال مشترك في صحيفة "الناشونال" الإماراتية إن العلاقة بين أبوظبي وروما تجسد الشراكات القوية القائمة على القيم المشتركة والاحترام المتبادل والرؤية المشتركة للمستقبل، بحيث تجمع بين دولتين ملتزمتين التزاماً عميقاً السلام والازدهار والنمو. وتتجسّد هذه القيم في بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي ووثيقة الأخوّة الإنسانية التي وقّعها البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف عام 2019 في دولة الإمارات.
وليس من قبيل المصادفة أن أقدم الإشارات المكتوبة إلى العديد من المواقع في الإمارات العربية المتحدة، مثل سير بني ياس ودبي والشارقة، تظهر في كتاب نشره الرحالة من البندقية غاسبارو بالبي عام 1590، وهو معروض الآن في الأماكن العامة في قصر الوطن، قصر الرئاسة في أبوظبي.
وذكر الوزيران بزيارة قام بها الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان عام 1951، لإيطاليا في إطار رحلة تعرّف خلالها على ثراء الثقافة والتاريخ الأوروبيين. في ذلك الوقت، لم تكن دولة الإمارات العربية المتحدة قد تأسّست في شكلها الحالي، لكن الشيخ زايد كان يفكر بالفعل في المستقبل. وقد ألهمه ما رآه، وأراد لشعبه التقدم نفسه.
ومع مرور أربعة وسبعين عاماً، تطورت العلاقات إلى قوة دفع قوية للتقدم. فزيارة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد لإيطاليا هذا الأسبوع، واجتماعه بالرئيس سيرجيو ماتاريلا ورئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني، يمثلان شراكة استراتيجية شاملة ستحدد معالم تعاوننا لعقود قادمة.
ولطالما كانت التجارة أحد أعمدة العلاقة. وازدادت التجارة غير النفطية بين إيطاليا والإمارات بشكل مضطرد، ما يدل على العلاقات التجارية القوية التي تدعم الوظائف وتحفز الابتكار وتغذي النمو الاقتصادي.
ومن التصميم والفضاء إلى التكنولوجيا والاستدامة، تُعدّ الدولتان مركزين للتميز، إذ تعملان باستمرار على تخطي حدود الممكن. وقد أحرز هذا الأسبوع تقدمٌ كبير في توسيع نطاق التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والتصنيع المتقدم. تتكامل خبرة إيطاليا العالمية في مجال الروبوتات والأتمتة مع استثمارات الإمارات العربية المتحدة الجريئة في الابتكار، ما يمكّن البلدين من قيادة الطريق في التقدم التكنولوجي العالمي.
ويتنامى التعاون في مجال الفضاء بين البلدين بشكل أقوى. ويشير الوزيران في مقالهما إلى أن إيطاليا هي إحدى الدول القليلة التي تتمتع بإمكان الوصول المستقل إلى الفضاء، بينما برزت الإمارات بسرعة رائدة في مجال استكشاف الفضاء، حيث أطلقت أول بعثة عربية إلى المريخ. ولا يتعلّق التعاون في هذا المجال بالتكنولوجيا فحسب، بل يتعلّق بالطموح الإنساني والفضول والتصميم المشترك على تجاوز حدود ما نعرفه، فالبلدان يتصديان معاً للتحديات العالمية مثل الأمن الغذائي وتغير المناخ.
ويتشارك البلدان رؤية مشتركة لبحر متوسط موسع للسلام، يمتد من إيطاليا إلى منطقة الخليج وما وراءها، وصولاً إلى الهند. والإمارات العربية المتحدة مشاركة نشطة في الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وهو أحد أكثر مشاريع الربط الأقاليمي طموحاً. وسوف يربط هذا الممر الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، ويمتد على مسافة 5000 كيلومتر من الوصلات البحرية والسكك الحديد، ما يفتح مسارات جديدة للتنمية الاقتصادية.
يمتد التركيز أيضاً إلى أفريقيا، القارة ذات الإمكانات الهائلة. تلتزم إيطاليا والإمارات العربية المتحدة نهجاً قائماً على الشراكة والمنفعة المتبادلة. فمن خلال خطة ماتيي الإيطالية واستثمارات الإمارات العربية المتحدة الطويلة الأجل في البنية التحتية والطاقة والزراعة، يعمل البلدان لخلق فرص لأفريقيا وشعوبها.
كما أن الإمارات العربية المتحدة تؤمن بأن الديبلوماسية يجب أن تكون استباقية. وسواء كنا نتصدى للصراعات في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط، فإننا ملتزمون إيجاد حلول تعطي الأولوية للسلام والإغاثة الإنسانية. يؤمن البلدان بقوة الحوار على الانقسام، والبراغماتية على التقاعس عن العمل.
ولفت الكاتبان إلى أن الصداقة الاستثنائية والشراكة الاستراتيجية بين إيطاليا والإمارات العربية المتحدة مبنية على البشر، مشيرين إلى أن العلماء هم الذين يجرون الأبحاث معاً، كما أن الطلاب والفنانين والمهنيين يثرون بتبادلهم مجتمعات الجانبين.
وخلص الكاتبان إلى أن زيارة هذا الأسبوع تعد علامة فارقة ولحظة محورية لمستقبلنا. إن إيطاليا والإمارات العربية المتحدة تمضيان قدماً كشريكين استراتيجيين عالميين لا يتكيفان مع عالم متغير فحسب، بل يعملان على تشكيله بفاعلية، ويبنيان معاً مستقبلاً يسوده السلام والازدهار والنمو - متجذراً في الابتكار، ومعززاً بالأمن، ومسترشداً بالتزامنا نحو الأجيال القادمة.
نبض