الإمارات أرض السلام: المسيحيون أحرار في ممارسة شعائرهم

حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها على احترام جميع الأديان، سواء السماوية أو الروحية والفلسفية، ففيها معابد للهندوس والسيخ، ومراكز دينية للطائفة الإسماعيلية والموحدين الدروز وغيرهم،  فضلاً عن كنائس تابعة لكل المذاهب في أبو ظبي ودبي والشارقة، حتى أن طائفة المورمون المسيحية بنت في دبي أول كنيسة لها في المنطقة العربية، وذلك في 2022.

في 1964 وُضع حجر الأساس لأول كنيسة في الإمارات اسمها سانت جوزيف للروم الكاثوليك داخل إمارة أبو ظبي، على امتداد أرض تقع على كورنيش أبو ظبي، قدمتها الحكومة مجاناً للطائفة. وفي 1967 أنشئت مدرسة تابعة للكنيسة. 

تابعت دولة الإمارات نهجها الواضح في ترسيخ رسالة السلام والتسامح وحرية المعتقد مع الديانات الأخرى، فأتت مبادرة من إمارة دبي في 2000 بوهب أرض على مساحة كبيرة في منطقة جبل علي (جنوب دبي) لتكون مجمعا للكنائس والمعابد. واليوم، في المنطقة كنائس ومعبدان، واحد للهندوس وآخر للسيخ.

26 كنيسة  و500 ألف مسيحي عربي 
يقول الأرشمندريت برنابا ميسي، كاهن كنيسة سيدة البشارة للروم الأرثوذكس في دبي والشارقة وابو ظبي، لـ"النهار": "يبلغ عدد الكنائس في دبي والشارقة 26 كنيسة، منهم 11 في دبي، و15 كنيسة في الشارقة في منطقة اليرموك، وتخدم الجاليات المختلفة في الإمارات، والجميع يتمتع بحرية كبيرة في استخراج التصاريح وممارسة الشعائر الدينية، وإقامة الأنشطة الدينية والمجتمعية المختلفة، ومنها حملات تطوعية تتعلق بعام الخير وعام التسامح وحملات التبرع بالدم وإفطار صائم وغيرها، وأ كبر دليل على التسامح منح أراضي دور العبادة مجاناَ وتسهيل كل المرافق والبنية التحتية، وسهولة استخراج التصاريح عبر تعاون غير مسبوق في دولة في العالم".

يعيش داخل الدولة نحو 500 ألف مسيحي عربي من كافة الجنسيات، ناهيك عن أعداد أكبر من جنسيات أوروبية وأميركية وأسيوية، وأغلب المذاهب الشرقية انتشاراً هي طائفة الروم والأقباط الأرثوذكس وفقاً لموقع هيئة تنمية المجتمع. وفي هذا الصدد، يؤكد الأب ميسي أن أتباع رعيته يبلغون 900 عائلة، وفقاً لإحصاء عدد المنتسبين للكنيسة والذين يأتون أسبوعيا للصلاة.

الأرثوذكس منذ 1979
في عام 1979، بدأ الأرثوذكس يظهرون جلياً في الإمارات. فعلى سبيل المثال، قدمت حكومة دبي الأرض وتبرعت في بناء مبنى كنيسة يوحنا المعمدان في جبل علي دبي، وكذلك فعلت مع باقي الكنائس في المنطقة، وفق الأب ميسي.

في تقارير سابقة، حاول بعض الوسائل الإعلامية الاجنبية التشكيك في منح الإمارات حرية المعتقد الديني وممارسة الشعائر، لكن هذا الأمر حرب إعلامية على دولة عربية لها ثقلها الإقليمي والدولي. فالوجود المسيحي بدأ الستينيات، والمسيحيون بنوا كنائسهم ومدارسهم، واتيح لهم شراء الكحول من دون تنرخيص، قبل إصدار قانون عام 2022 الذي يتيح لكل الطوائف شراءه بسهولة. وهذا دليل على حرية المعتقد وحترام خصوصية غير المسلم في البلد، إضافة إلى مظاهر زينة أعياد الميلاد والفصح التي تملأ المولات والمراكز التجارية والترفيهية.

زيارة تاريخية للبابا
تكللت مسيرة الإمارات في التسامح بعد دعوة وجهتها إلى البابا فرنسيس لزيارتها في عام 2019 لتكون الأولى من نوعها في الخليج العربي، ففي الثالث من شباط (فبراير) 2019 وصل البابا إلى أبوظبي، في زيارة استمرت ثلاثة أيام استقبله الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، وكبار الشخصيات بالإمارات، كما استقبله أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذي  حضر يومها للمشاركة في جلسات المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي أطلقته الإمارات.

حدث تاريخي عظيم شارك فيه 135 ألف مسيحي وصلوا من كافة الإمارات إلى مدينة زايد الرياضية لملاقاة البابا والصلاة معه على نية السلام في المنطقة التي كانت ولا تزال تشهد الحروب والموت والجوع.
حظيت زيارة البابا فرنسيس إلى الإمارات باستقبال إعلامي كبير ووصفته الصحف المحلية بأنه الحدث الأضخم في الدولة، حتى أن عدداً من الصحف، ومنها صحيفة "الخليج"، عنونت على صفحتها الأولى: "أهلا وسهلا بابا الفاتيكان".