الشرع في البيت الأبيض: هل تنضم سوريا إلى اتفاقيات إبراهام؟

العالم العربي 08-11-2025 | 12:44

الشرع في البيت الأبيض: هل تنضم سوريا إلى اتفاقيات إبراهام؟

أولوية دمشق اليوم تأمين الدعم لإلغاء "قانون قيصر"، ما يفتح آفاق الاستثمار وإعادة الإعمار في سوريا. ولكن، ثمة سؤال مطروح اليوم: هل يدخل الشرع البيت الأبيض لتدخل سوريا "نادي اتفاقيات إبراهام"؟
الشرع في البيت الأبيض: هل تنضم سوريا إلى اتفاقيات إبراهام؟
لقاء الشرع - ترامب في الرياض بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (أ ف ب)
Smaller Bigger

في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، يدخل الرئيس السوري أحمد الشرع البيت الأبيض مسجلاً نقطة تحول جيوسياسية غير مسبوقة، ستساهم بلا شك في إضفاء المزيد من الشرعية الدولية على القيادة السورية الجديدة. وتندرج هذه الزيارة في تسلسل دبلوماسي حرج، إذ تمثل خطوة تمهيدية في مسيرة التوقيع على اتفاق أمني حدودي مع إسرائيل، وهذا هدف تسعى واشنطن لتحقيقه قبل نهاية العام الجاري.   

أولوية دمشق اليوم تأمين الدعم لإلغاء "قانون قيصر"، ما يفتح آفاق الاستثمار وإعادة الإعمار في سوريا. ولكن، ثمة سؤال مطروح اليوم: هل يدخل الشرع البيت الأبيض لتدخل سوريا "نادي اتفاقيات إبراهام"؟

الانضمام إلى اتفاقيات إبراهام لا يشترط انسحاباً إسرائيلياً من الأراضي السورية المحتلة يفرض على دمشق ثمناً جيوسياسياً  قد لا تستطيع تحمله: التخلي الفعلي عن المطالبة بعودة مرتفعات الجولان إلى السيادة السورية، إلى جانب الصدام الحتمي مع بقايا المحور الإيراني على جانبي الحدود (لبنان والعراق). هذا الأمر يتطلب من دمشق موازنة دقيقة بين المتطلبات الأمنية الإسرائيلية – الأميركية والسيادة الوطنية.

 

الشرع وترامب في نيويورك، 25 سبتمبر 2025 (رئاسة الجمهورية السورية)
الشرع وترامب في نيويورك، 25 سبتمبر 2025 (رئاسة الجمهورية السورية)

 

أهداف معلنة وأهداف ضمنية
تتركز أجندة زيارة 10 نوفمبر على ملفين رئيسيين: الملف الأمني، حيث يتوقع أن يوقع الشرع اتفاقية رسمية تضفي الطابع الرسمي على عضوية سوريا في التحالف الدولي لمكافحة "داعش"، بقيادة الولايات المتحدة؛ والملف الاقتصادي إذ تسعى دمشق لمناقشة إعادة الإعمار وطلب الدعم الأميركي لرفع العقوبات المتبقية.

في لائحة الأهداف الضمنية، يحلّ مسار التطبيع مع إسرائيل في الصدارة. ففي اجتماعهما الأول في الرياض، حثّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشرع على الانضمام إلى "اتفاقيات إبراهام". اليوم، تكمن أولوية واشنطن في توقيع اتفاق أمني سوري – إسرائيلي حدودي بحلول نهاية العام الجاري. ومتوقع عقد الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة بين سوريا وإسرائيل بعد الزيارة، وهذا يرسم تسلسلاً ديبلوماسياً للمرحلة المقبلة، يشير إلى أن الزيارة ليست محطة النهاية، اي أنها لن تشهد توقيعاً على التطبيع الكامل، إنما هي محطة انطلاق للمفاوضات المباشرة. 

يستخدم رفع العقوبات الأممية رافعة سياسية مبكرة لضمان استمرار المفاوضات وتلبية المطالب الأمنية الأميركية - الإسرائيلية كشرط للمضي قدماً في إلغاء "قانون قيصر". وبالتالي، فإن تسلسل الحوادث المتوقع هو رفع العقوبات (الرافعة) - توقيع اتفاق مكافحة "داعش" (بناء الثقة) - مفاوضات مباشرة تُفضي إلى اتفاق أمني حدودي - احتمال الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية (هدف نهائي).

وهكذا، لا ما يشير إلى أن الشرع سيعلن الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية في البيت الأبيض، إنكا تُشير المصادر إلى أن الزيارة مخصصة لتثبيت التزام سوريا بالجهود الأمنية الدولية وعقد الجولة التالية من المفاوضات المباشرة بعد الانتهاء من الزيارة.   

تحدي الجولان
يواجه الشرع تحدياً مهماً، يكمن في التناقض بين الأساس التاريخي للسياسة الخارجية السورية والمبدأ الذي تقوم عليه الاتفاقيات الإبراهيمية. تمسكت دمشق دائماً، منذ عهد الأسدين إلى اليوم، بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من مرتفعات الجولان المحتلة منذ 1967، وفقاً لمبدأ "الأرض مقابل السلام" والقرار الأممي 242. وأكد الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 2009 أن الانسحاب الكامل من الجولان ليس "شرطاً جديداً للمفاوضات بل حقاً مشروعاً". في المقابل، "اتفاقيات إبراهام" تركز على التعاون الاقتصادي والأمني والديبلوماسي مع إسرائيل من دون أن تفرض عليها انسحاباً من أي أراض.   

هذا تباين يضع القيادة السورية الانتقالية في موقف حرج: تخليها عن الجولان يغير مكانة دمشق في المشهد الإقليمي، ويُفقدها ورقة قومية كبرى، وهذا يعني إعادة كتابة العقد الاجتماعي للقيادة الجديدة مع الشعب مقابل فتح أبواب التمويل الغربي، أي دفع ثمن سياسي – سيادي مقابل الكسب الاقتصادي.

تبقى مرتفعات الجولان عقبة عسكرية ومائية حرجة أمام أي اتفاق سلام شامل، إذ ترى فيها إسرائيل هضبة حيوية لأمنها القومي. فأمنياً، تشكل المنحدرات التي تعلو قمة جبل الشيخ حاجزاً طبيعياً ضد أي تحرك عسكري يأتي إسرائيل من الشرق. وقبل اتفاقية تالهدنة في 1974، كانت المناطق الإسرائيلية المحاذية لبحيرة طبريا معرضة للقصف من المدفعية السورية المتمركزة في أعلى الهضبة. مائياً، تخشى إسرائيل من أن يمنح انسحابها من الجولان سوريا القدرة على تفريغ حوض الماء الحيوي لوادي الأردن، أو تلويثه مثلاً. 

 

السياج الفاصل بين سوريا وإسرائيل في الجولان (رويترز)
السياج الفاصل بين سوريا وإسرائيل في الجولان (رويترز)

 

سورياً، رغم الانتقاص الغربي من أهمية هضبة الجولان الجيوستراتيجية، فإنها تبقى موقعاً حاسماً في قضايا الحرب والسلام بالشرق الأوسط. والانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم يعني القبول بتجميد المطالبة بهذه الأصول الاستراتيجية مقابل مكاسب أخرى.   

قد يواجه التطبيع من دون الجولان رفضاً واسعاً في الشارع السوري، كما يمكن فصائل جهادية سورية أن تستغل القضية لإعادة التعبئة العسكرية ضد القيادة الانتقالية، واتهامها بالتفريط بالحقوق العربية والإسلامية.

رفع العقوبات والتمويل الدولي
إن الحاجة السورية إلى التعافي الاقتصادي هو الدافع الأول لانخراط دمشق في مسار التطبيع مع إسرائيل بقيادة واشنطن، بعدما أدت الحرب التي استمرت أكثر من 14 عاماً والعقوبات المشددة إلى انهيار الاقتصاد السوري. فرفع العقوبات يسهل استقطاب التمويل والاستثمار الأجنبي وعودة رجال الأعمال، وخصوصاً "قانون قيصر". وتتطلع سوريا إلى فرصة تاريخية لإعادة بناء دولة حديثة، مع إمكانات استراتيجية واعدة في قطاعات الطاقة، ولا سيما النفط والغاز. 

يُعد هذا التدفق المالي المنتظر السلاح الأقوى في يد واشنطن وحلفائها الإقليميين. فالتمويل الدولي المرتبط بعملية السلام يستدعي "شفافية مطلقة"، وهذا يوجه ضغطاً كبيراً على حكومة دمشق لمكافحة الفساد الذي نخر هيكل الدولة في العهد السابق، ويستمر في التفشي اليوم. وربط رفع العقوبات والمساعدات بتقديم ضمانات للشفافية وتطبيق إجراءات مكافحة الفساد يضمن أن التمويل سيستخدم بكفاءة في إعادة الإعمار، وهذا قد يعد مبرراً – لو ضعيفاً - للتضحية السياسية المتمثلة في تخلٍّ مؤقت عن المطالبة بالجولان.   

فبسبب حاجة سوريا الماسة لإعادة الإعمار والاستثمار، ليس التطبيع مع إسرائيل غاية سياسية، بل شرط أول لفتح مزاريب التمويل. وبالتالي، الانهيار الاقتصادي السوري يدفع نحو الحاجة لرفع قانون قيصر الذي يرتبط مباشرة بالالتزامات الأمنية والجيو-سياسية (مثل التطبيع)، وهذا يدفع القيادة الجديدة لتقديم ضمانات تتعلق بالشفافية ومكافحة الفساد.

الأكثر قراءة

ايران 11/7/2025 7:06:00 PM
طهران تواجه وضعاً مقلقاً بشكل خاص
اسرائيليات 11/7/2025 8:28:00 AM
"يديعوت أحرونوت": نقل أسلحة وتدريبات ميدانية جديدة لحزب الله
سياسة 11/7/2025 4:02:00 PM
بعد أن كتبت "بعلبك إيمتى؟" على تغريدة لأفيخاي... هذا ما جرى معها 
سياسة 11/7/2025 10:00:00 AM
السفارة الأميركية في بيروت: لا يمكن السماح لإيران وحزب الله بالاستمرار في أسر لبنان