الحكمة البحرينية فاطمة المتوّج لـ"النهار": إذا لم تكن على قدر المسؤولية الزم منزلك

لا تحمل الصفارة فقط، بل تحمل معها قصة إرادة لا تعرف التراجع. فاطمة المتوّج، أول حكمة بحرينية دولية في كرة السلة، رسمت طريقها بثقة بين الصفّارات والملاعب، متحدّية كل النظرات والشكوك التي واجهتها في البداية.
من طفولتها التي امتلأت بأحاديث والدتها عن كرة السلة، إلى لحظة نيلها الشارة الدولية. لم تكتفِ بأن تكون جزءاً من اللعبة، بل أصبحت من يحكمها بعدالة وقوة، لتكتب فصلًا جديداً في تاريخ الرياضة البحرينية والخليجية.
ماذا كشفت فاطمة المتوّج عبر "النهار" عن بداياتها، وكيف تخطت التشكيك في قدراتها؟
لماذا كرة السلة؟
والدتي كانت لاعبة كرة سلة سابقاً، ودائماً ما تكون أخبارنا عن هذه الرياضة وقوانينها وطريقة ممارستها والمواقف التي حصلت معها، وبدأت المشاركة في كرة السلة من دوري المدارس والفئات العمرية وصولاً إلى نادي الأهلي وبعده النجمة.
ما سبب دخولك مجال التحكيم؟
قرار ترك كرة السلة كلاعبة ودخول مجال التحكيم كان صدفة. حين كنت لاعبة، عملت كمدربة أيضاً في مخيمات صيفية وفئات عمرية، بالإضافة إلى تدريب فريق شعلة الشرقية في السعودية وحصوله على المركز الثاني في أول بطولة خارجية لهم.
ومع الوقت بدأت أفكّر في التحكيم والانتقال إلى هذا المجال، خصوصاً أنني كنت لا أزال صغيرة ومقتنعة بأن الحكم يمكن أن يتطور ويحقق العديد من الأهداف في حياته، وبالفعل تعلمت الكثير حتى أصبحت أتسلّح بالشارة الدولية، التي اعتبرها تكريماً لي بعد الجهد الذي بذلته في فترة قصيرة.
لماذا رفض أهلك فكرة التحكيم؟
كل عائلتي والأصدقاء دعموني في هذه الخطوة، لكن والدتي كانت الأقرب إلي، وهي التي جعلتني أحب كرة السلة، وشجعتني مع والدي لممارسة أي رياضة أحبها.
والدي ووالدتي في البداية رفضا فكرة التحكيم، على اعتبار أنني امرأة، فكان الخوف عليّ كبير جداً من قبلهما، لأن هذا المجال صعب، خصوصاً حين تقود مباريات للرجال، لكن رأيهما تغيّر بعد قيادتي أول مباراة بشكل ناجح، ومع الأيام تطوّر أدائي وهو ما عزّز ثقتهما بي.
كيف تخطيت في البداية الاعتراضات والتشكيك في قدراتك؟
من الطبيعي أن يحصل هذا الأمر في أي مجال تدخله المرأة وتكون الأغلبية فيه من الرجال، ولكن كنت واثقة من أنني سأنجح وأغير نظرة المجتمع إلي، من خلال نجاحي في عملي عبر تطبيق القانون والعدالة بين الجميع، وإظهار شخصية قوية قادرة على التعامل مع المسؤوليات.
هل تنال المرأة الخليجية الدعم الكافي في الرياضة؟
بالتأكيد، المرأة الخليجية والبحرينية تحديداً تحصل على كل الدعم: اليوم هي مدربة، وإدارية ولاعبة وحكمة، ليست فقط في كرة السلة بل في مختلف المجالات.
نصيحة إلى الجيل الجديد من الفتيات؟
مجال التحكيم يحتاج إلى حب وشغف، لذلك حين تقرر أي فتاة دخول هذا المجال عليها أن تحبه حتى تنجح فيه وتتطوّر.
وأنصح كل فتاة باختيار ما ترغب فيه حتى تبرع فيه، والأهم أن تضع هدفاً للوصول إليه، لأن النجاح لا يأتي من دون جهد وقتال وشغف وإرادة وتحديات.
كيف تلقيت خبر حصولك على الشارة الدولية، وأول رد فعل؟
اتصلت بي لجنة الحكام في الاتحاد البحريني لكرة السلة، وأخبرتني بأنني نجحت وأصبح حكمة دولية. وأول رد فعل كان اتصالي بوالدتي لأنقل لها هذا الخبر، ونسيت كل الإرهاق الذي عشته طوال فترة التحضير والاختبارات.
ماذا يعني لك أن تكوني أولى بحرينية تحصل على هذه الشارة؟
أشعر بالفخر لأنني أمثل البحرين في البطولات الخارجية، وأرفع اسمها عالياً.
صفات الحكمة الناجحة؟
لاشك في أن الحكمة الناجحة يجب أن تتمتع بصفات عدة، لأن الحكم بشكل عام هو صاحب القرار في الملعب، وقد تغيّر صفّارته مسار مباراة كاملة وتقلب النتيجة أيضاً.
لذلك، الأهم أن يتسلّح الحكم بالدراية الكاملة بالقوانين والأنظمة، والثقة بالنفس، واللياقة البدنية أمر مهم جداً.
والحكم يتعرض لضغط كبير من الجماهير والمدربين واللاعبين، لكن عليه أن يتخطى هذه التحديات، لأنه يحمل مسؤولية مباراة، و"إذا لم تكن على قدر هذه المسؤولية الزم منزلك".
لحظة في حياتك لا تنسيها في التحكيم؟
قيادة أول مباراة لي، كنت وقتها متوتّرة جداً، وهذا الشعور من المستحيل أن أنساه طيلة حياتي، وهو الذي علّمني كيف أقف وأقود المباريات بثقة عالية، وبعد كل مواجهة أتعلّم شيئاًمنها، وفي النهاية نحن إنسان ومن الممكن أن نخطئ.
مستوى التحكيم في البحرين؟
عندنا نخبة من الحكام المميزين في البحرين، مثل محمد السلم، وعادل غلوم، وصادق المشخص، وبدر فرج، وإيمان الثقفي، ومريم الذوادي وغيرهم. المستوى التحكيمي عالٍ، وهؤلاء يقودون مباريات في بطولات خارجية.
مستقبل كرة السلة النسائية؟
مستقبل كرة السلة النسائية في الخليج يتطوّر بشكل لافت، ونشاهد لاعبات من مختلف الدول، ومدربات وإداريات، بدليل وجود مدربات للفرق يحققن نتائج.
الخطوة التالية في مسيرتك؟
أسعى لمواصلة التطوّر في مجال التحكيم، واكتساب المزيد من الخبرة والتعلّم، وصولاً إلى تحكيم نهائيات للسيدات في القارة الآسيوية وحتى في العالم.
مشوارك في كلمة، ولماذا؟
الإرادة، لأنها تشمل القوة والشغف والالتزام الذي قمت به حتى وصلت إلى اليوم.
شعارك في الحياة؟
الحياة مستمرة ولا تتوقف لا في داخل الملعب ولا في خارجه.
هل التحكيم غيّر شخصيتك؟
بالتأكيد، غيّر الكثير من الجوانب في حياة فاطمة المتوّج، سواء في الملعب أو خارجه. التحكيم جعل ثقتي بنفسي أكبر، وعزز شخصيتي وأصبحت إنسانة أقوى وأقل عاطفة وأكثر عقلانية.
أمر ترغب فاطمة في تغييره بالرياضة البحرينية؟
لا أرغب في تغيير شيء، ولكن أتمنى أن يكون لدينا فئات عمرية للسيدات.