أبرز قصص الثأر في الساحرة المستديرة

منذ أن وُلدت كرة القدم وهي تمنح العالم دروساً في العدالة المؤجلة، قد تسقط اليوم، ولكن اللعبة تترك لك الباب مفتوحاً لتعود غداً أقوى، وتسترد هيبتك في اللحظة ذاتها التي ظنّ الجميع أنك انتهيت فيها. كرة القدم لا تُسامح ولا تنسى، لكنها أيضاً لا تغلق أبوابها أمام الانتقام الشريف، في هذا التقرير، نستعرض أبرز حكايات "الثأر الكروي" التي حوّلت الألم إلى مجد والخيبة إلى انتصار خالد.
الأرجنتين وألمانيا... من مرارة المكسيك إلى مجد إيطاليا
في صيف 1986، كان ملعب أزتيكا في المكسيك شاهداً على عبقرية دييغو مارادونا، الذي قاد الأرجنتين إلى لقب كأس العالم بعد الفوز على ألمانيا الغربية في مباراة لا تُنسى، سقط الألمان مجدداً في الوصافة، بعدما خسروا نهائيين متتاليين، وبدا أن "المانشافت" فقدوا بريقهم في النهائيات الكبرى.
لكن بعد أربع سنوات فقط، وفي نهائي مونديال 1990 بإيطاليا، التقى المنتخبان مجدداً في مشهد يعكس معنى "الانتقام الكروي"، فازت ألمانيا هذه المرة بهدفٍ من ركلة جزاء في الدقيقة 85، لتظفر بالنجمة الثالثة على قميصها، وترد الدين للأرجنتين التي كانت تعتبر نفسها "سُرقت"، وقد كانت ليلة ألمانية خالصة ومشهداً لولادة جيلٍ انتقم ببرود أوروبي كلاسيكي.
ميلان وليفربول... من معجزة إسطنبول إلى ليلة الثأر في أثينا
يُقال إن نهائي دوري أبطال أوروبا 2005 بين ميلان وليفربول هو الأعظم في التاريخ، الفريق الإيطالي أنهى الشوط الأول متقدماً بثلاثة أهداف نظيفة، وكل شيء كان يوحي بتتويجه باللقب، لكن ليفربول صنع المستحيل، وقلب تأخره إلى تعادل في 15 دقيقة، ثم انتصر بركلات الترجيح فيما سُمي بـ"معجزة إسطنبول".
مرت سنتان فقط حتى وجد ميلان نفسه أمام خصمه نفسه، ولكن هذه المرة في أثينا، الروسونيري لم ينسوا آلام إسطنبول، فدخلوا المباراة بروح المنتقم، فازوا 2-1، وتُوجوا بلقبهم السابع في أوروبا، ليغلقوا جرح الماضي ويثبتوا أن الانتقام في كرة القدم يأتي غالبًا بهدوء وبذكاء.
برشلونة ومانشستر يونايتد... درس غوارديولا بعد 18 عاماً
في عام 1991، حقق مانشستر يونايتد بقيادة أليكس فيرغسون أول ألقابه الأوروبية الجديدة بعد الفوز على برشلونة بقيادة يوهان كرويف في نهائي كأس الكؤوس الأوروبية، لكن الهزيمة كانت بداية تكوين شخصية جديدة لبرشلونة، ودرساً محفوراً في ذهن لاعب شاب آنذاك يُدعى بيب غوارديولا.
بعد 18 عاماً، وفي نهائي دوري أبطال أوروبا 2009 بروما، عاد غوارديولا ليقود برشلونة ضد مانشستر يونايتد نفسه، هذه المرة، كان الانتقام على أعلى مستوى، فقد فاز برشلونة 2-0، وبدأت حقبة جديدة في كرة القدم الحديثة، حقبة "التيكي تاكا" التي غيّرت مفاهيم اللعبة ووضعت غوارديولا في مصاف العظماء.
إسبانيا وهولندا... من هدف إنييستا إلى الانتقام بخماسية
نهائي كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا كتب تاريخاً جديدًا لكرة القدم الإسبانية، هدف إنييستا في الدقيقة 116 منح "لا روخا" لقبها الأول، بينما ترك الهولنديين غارقين في الحسرة، كما حدث لجيلهم الذهبي في 1974.
لكن القدر منح هولندا فرصة جديدة في المونديال التالي بالبرازيل 2014، حين وقعت مجدداً مع إسبانيا في دور المجموعات، وهذه المرة، كان الرد قاسياً، خمسة أهداف مقابل هدف واحد، في مباراة وُصفت بأنها "انتقام تاريخي"، ورغم أن هولندا لم تتوج باللقب لاحقاً، إلا أن انتصارها ذاك أذلّ حاملة اللقب وأنهى العصر الذهبي لإسبانيا بشكلٍ مفاجئ.
ريال مدريد وبايرن ميونخ... من ركلة راموس الطائشة إلى ليلة الهيمنة
في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2012، خسر ريال مدريد بركلات الترجيح أمام بايرن ميونيخ، بعدما أطاح سيرجيو راموس بركلة جزاء شهيرة فوق العارضة، ليصبح مادة للسخرية في أوروبا، وبدا وكأن عقدة بايرن مستمرة، ولكن التاريخ منح الإسباني فرصة للثأر.
في عام 2014، التقى الفريقان مجدداً في نصف النهائي، هذه المرة، دخل ريال مدريد ملعب أليانز أرينا بروح غاضبة، وخرج منتصراً برباعية نظيفة، سجل راموس هدفين، وردّ على العالم بأقدامه، فيما أضاف كريستيانو رونالدو هدفين آخرين، ليقود الفريق إلى "العاشرة" المنتظرة، وكان ذلك الثأر المثالي، واللحظة التي تحوّل فيها راموس من "ساخرٍ منه" إلى "رمزٍ للبطولة".
إيطاليا وفرنسا... من صدمة تريزيغيه إلى مجد برلين
في نهائي يورو 2000، كانت إيطاليا على بُعد لحظات من اللقب، قبل أن يعادل ويلتورد النتيجة في الدقيقة 90 ويأتي ديفيد تريزيغيه بالهدف الذهبي ليمنح فرنسا اللقب، تركت تلك الخسارة جرحاً عميقاً في نفوس الإيطاليين.
ست سنوات بعد ذلك، جاءت الفرصة في نهائي كأس العالم 2006 بألمانيا، مواجهة جديدة بين المنتخبين، هذه المرة تحت سماء برلين، قاد كانافارو وبيرلو وتوتي كتيبة الأزوري إلى الثأر، بعد فوزهم بركلات الترجيح أمام فرنسا زيدان وهنري، ورفع كانافارو الكأس الرابعة، وابتسمت العدالة الكروية أخيراً لإيطاليا.
جوفنتوس وريال مدريد... ثأر لا ينتهي عبر العقود
منذ منتصف التسعينيات، ارتبط اسم جوفنتوس وريال مدريد بصراع لا يعرف النسيان، ففي 1996، أقصى جوفنتوس الميرينغي من البطولة ورفع الكأس، وفي 1998، رد ريال مدريد بالفوز في النهائي وحصد لقبه السابع.
وبعد أعوام، وفي 2015، حرم ألفارو موراتا خريج أكاديمية مدريد فريقه السابق من التأهل إلى النهائي بتسجيله هدفاً قاتلاً بقميص جوفنتوس.
لكن في 2017، جاء الدور على ريال مدريد للثأر مجدداً، في كارديف، سحق الميرينغي السيدة العجوز 4-1، في ليلة تاريخية تألق فيها كريستيانو رونالدو وسجل هدفين، كان ذلك الانتقام الأخير في ملحمة لا يبدو أن نهايتها قريبة.