دييغو سيميوني صانع الأمس وعائق اليوم

كان دييغو سيميوني رمزاً للانضباط والصلابة، والمدرب الذي نجح في تحويل أتلتيكو مدريد إلى فريق يخشاه الجميع بفضل الروح القتالية والتنظيم الدفاعي الذي تميز به تحت قيادته.
مع مرور الوقت، بدأت تظهر عيوب فلسفة سيميوني، إذ تحوّل أسلوبه الذي كان يمثل في السابق أساس النجاح إلى عقبة تحدُّ من تطلعات الفريق الحالية، ولم تعد أفكاره الدفاعية يُنظر إليها كميزة تُحسد عليها، بل أصبحت عرضة للنقد المستمر، لتكشف عن تحديات جديدة أمام أتلتيكو.
يعيش سيميوني الآن واحدة من أسوأ فتراته مع الفريق، حيث فقد القدرة على تحقيق النجاح الذي اعتاد عليه مع أتلتيكو مدريد، إلى درجة أن الفِرق الأقلّ شهرة أصبحت تضع الفوز عليه ضمن أهدافها، وهو ما اتّضح منذ بداية الموسم.
ومع أنّ الأداء العام للفريق في بعض المباريات الأخيرة قد يبدو مقبولاً، فإنّ النتائج كانت كارثية، ومباراة مايوركا كانت مثالاً واضحاً على هذا الانحدار؛ فمن ركلة جزاء مهدرة لجوليان ألفاريز، إلى طرد ألكسندر سورلوث، وصولاً إلى تقدّم الفريق بهدف تبعه تعادل قاتل في اللحظات الأخيرة؛ وهذه المشاهد المتكرّرة تعكس أزمة عميقة تفوق سوء الحظ أو الأخطاء الفردية.
مع ذلك، يصرّ سيميوني على التمسك بتكتيك 4-4-2 الذي بات متجاوزاً في ظلّ تطوّرات الكرة الحديثة، وكأنه يرفض الاعتراف بحتمية التغيير والتكيف مع المتطلبات التكتيكية الجديدة، الأمر الذي يزيد الضغوط عليه ويضع الفريق في موقف صعب.
الأزمة لا تتعلق فقط بالنتائج على أرض الملعب، بل تمتد إلى أجواء غرف الملابس أيضاً؛ ففي مباراة مايوركا، انفجر ألفاريز غضباً عقب استبداله في الدقيقة الـ 62، ما يعكس حالة الاستياء المتراكمة منذ بداية الموسم.
ومع أنّ سيميوني حاول تخفيف التوتر بتصريحات إيجابية عن ألفاريز والإشادة به باعتباره أفضل مهاجم في الفريق، فإنّ العلاقة بين المدرب ولاعبيه الرئيسيين بدأت تشهد توتراً ملموساً تصعب السيطرة عليه.
يملك أتلتيكو مدريد واحدة من أفضل تشكيلاته تاريخياً، بعد نافذة انتقالات صيفية قوية ضمّت العديد من الأسماء الكبيرة. ومع ذلك، جاءت نتائج الفريق مخيّبة للآمال، ولا تتناسب مع الجودة التي يمتلكها النادي، وهو وضع غير مقبول بالنظر إلى تطلّعاته وطموحاته.
سيميوني كان يوماً حجر الأساس في نهضة أتلتيكو مدريد، المدرّب الذي أعاد الفريق إلى القمة وقاده إلى نهائيين في دوري الأبطال، لكن هذا الأساس اليوم يحتاج إلى إعادة بناء وتجديد؛ فالمدرب الذي صنع أمجاد الماضي تحوّل الآن إلى عقبة أمام طموحات المستقبل.