شعلة الانتفاضة متّقدة في نفوس التغييريين... فهل من تتمة؟

شعلة انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 ليست مطفأة في ذكراها السادسة، رغم خفوت حرارة التجمّع في الساحات. لا تزال متّقدة في نفوس من شكّلوا جزءاً من صناعة التغيير الذي عادت وعرفته الانتخابات النيابية عام 2022. ولم تخبُ الطموحات إلى تحقيق تحوّلات أكثر امتداداً وعمقاً رغم كلّ التحديات التي تحاول قضم منجزات للانتفاضة والتصدي لمحاولة أن يقتلع التغيير موبقات الدولة العميقة المسيطرة منذ عقود بعد تصدّعها.
ما أحرزته الانتفاضة وبقي يشكّل مجالاً سياسياً يعوّل عليه المنتفضون، يلخّصه لـ"النهار" عضو كتلة "تحالف التغيير" النائب مارك ضو بأنّه "تفكّك نظام الحرب الأهلية واضمحلاله والهيمنة السورية ونظام 2005، إذ بدأت تتفكّك مقومات النظام السابق المهيمن. الإنجاز الذي حقّقته الانتفاضة هو أن الشعب اللبناني سحب الشرعية من أحزاب ومن نظام الحكم السابق".
إنجاز الانتفاضة توطّد وفق ضو "مع شخصيات وطروحات سياسية مؤثرة في مسار البلد. فقد تحدّد معيار جديد في العمل السياسي، وأيّ وزير صار يتوخّى الحذر في أدائه. وهناك وزراء يراسلون مجلس الشورى أو هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل لاستطلاع رأيها قبل أي خطوة".
وعن تجربته البرلمانية، يقول ضو إن "لها حسنات وسيئات، كتلة متنوعة طائفياً ومناطقياً وفاعلة في أدائها. النواب التغييريون أكثر من تقدّم بمشاريع قوانين وأسئلة للدولة، وأجادوا في انتخاب جوزف عون وتسمية نواف سلام وقاموا بإصلاحات. ولكن لم يكن لدى المجموعة التغييرية طرح سياسي متماسك مع تنوع أعضائها، وهو ما لم يسمح بالتوصل إلى برنامج واحد".
من جهتها، لا تستخفّ النائبة بولا يعقوبيان بالعراقيل، رغم أنها لا تغفل أنّ "الكل راهن سابقاً على أنّ الشعب اللبناني لا ينتفض على واقعه ومعاناته، ثم تبيّن أنه ينفجر ويثور على واقعه. إنما مافيا السلطة والأحزاب استطاعت كسر الانتفاضة وإرادة الناس من دون أن تتمكّن من كسر الفكرة. الحلّ ثورة جديدة على أحزاب التركيبة، على ألا تبقى طائفة خارجها".
وتقول يعقوبيان لـ"النهار" إن "إعادة تدوير أحزاب التركيبة لم يغيّر شيئاُ. الطبقة واحدة تجدّد لنفسها بالخطاب عينه. إلا بثورة ثانية ضدّهم كلّهم، لن يصطلح البلد. ويمكن أن يحصل الأمر في الصناديق أو في الشارع". وترفض "التجييش لشدّ العصب، لأن ليس لدى أحزاب المنظومة ما تبيعه سوى مذهبية وطائفية وتقسيم. عندما يستيقظ الشعب عليه التخلّص من زعمائه حتى نحلم بلبنان"، معتبرةً أن "وضعنا نحن النواب التغييريين ليس سليماً، لكننا لسنا نحن المهمّين. يجب أن يعي اللبناني أن خلاصه في التخلص من زعمائه، وقد لا نكون نحن الوسيلة. الآمال في أن يتحقّق التغيير من كلّ مكان، لكنّ الحلّ من خارج التركيبة".
أما النائبة التغييرية نجاة عون صليبا فليست متشائمة، رغم المشكلات الكثيرة. وتقول لـ"النهار" إنّ "مطالب الانتفاضة بدأت تتحقّق من بدء بناء الدولة وحصر السلاح، بوجود رئيس حكومة يحترم الدستور، حتّى وإن لم يتبلور الأمر بالسرعة المطلوبة. لقد أضحت الأحزاب أضعف منذ الانتفاضة ولم تعد لديها هالة أو طريقة للهيمنة".
وتؤكد صليبا "أننا نحن التغييريّين أقوياء وهناك جهود لتوحيد الخطاب والتواصل مع الناس، وسنحقّق نتيجة في الانتخابات النيابية المقبلة. المطلوب بناء الدولة بعيداً من الطائفية، رغم أنّ الأحزاب ستحاول إعادة إحياء العصب الطائفي، لكنّ خيارنا المواطنة وبناء دولة لكلّ المواطنين". وتتطلع إلى "دولة قانون يقوم فيها أي حزب سياسي بنشاطاته، ولا يكون أكبر من الدولة. تحاول المنظومة التشكيك في قدرات قوى التغيير وشعبية الناس الذين يعملون جيدا".