"حزب الله" يقطع الطرق: ماذا تغيّر بين الأمس واليوم؟

*م. ب.
استنكار "حزب الله" ظاهرة قطع الطرق أو حضّ الموالين له على الانتشار غير المنظّم في الشوارع مواربة أو مباشرة، ترجَّح بحسب أوضاعه السياسية خلال السنوات الماضية، فإذا به هاجم من يقفلون الطرق في فترات سيطرته على السلطات اللبنانية، فيما انتشر حزبيّوه قاطعين الطرق مع تلاحق أزمات محور "الممانعة" في العام الحاليّ، بما في ذلك ما حصل في الأيام الماضية عندما قطع مناصرو "حزب الله" الشوارع من خلال مسيرات تركزت في الضاحية الجنوبية لبيروت كما في زحلة وشتوره والنبطية احتجاجاً على تدابير الحكومة اللبنانية الخاصة بإقرار بند حصر السلاح.
قطع الطرق كان اعتمد أيضاً في شباط / فبراير 2025، حيث قطع موالون للحزب مدخل مطار بيروت والطريق الدولية المؤدية إليه بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على عدم استقبال رحلتين تابعتين لشركة طيران "ماهان" الإيرانية. ثم قطع مناصرون لـ"حزب الله" الطريق في الاتجاهين عند محلّة "الكوكدي"، تلبيةً لدعوة الحزب إلى اعتصام شعبي على طريق مطار رفيق الحريري الدولي- بيروت استنكاراً لما سمّاه "التدخل الإسرائيلي وإملاء الشروط واستباحة السيادة الوطنية".
قبل المتغيرات التي حصلت مع الضربات الحربية الإسرائيلية التي أنهكت "حزب الله" واغتالت كثراً من قادته العسكريين والسياسيين، كان الحزب قويّاً ومسيطراً على السلطات اللبنانية ويستفظع ظاهرة قطع الطرق حتى من مناصريه. بعد نتيجة الانتخابات النيابية في أيار / مايو 2022، طالبت قيادتا "حزب الله" وحركة "أمل"، المناصرين بـ"عدم تنظيم مسيرات بالدراجات النارية احتفالاً، وعدم القيام بأي تصرف أو تحرك قد يوضع في خانة استفزاز مناصري جهات أخرى"، مع القول إن "الاستحقاق الانتخابي مضى والمطلوب عودة الجميع إلى منطق الحوار والتلاقي للخروج من الواقع الاقتصادي الخانق".
الخطاب الممتعض من قطع الطرق، كان اعتمده الأمين العام السابق لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في مرحلة الانتفاضة اللبنانية الشعبية عام 2019.
في تشرين الأول / أكتوبر 2019، رفض نصرالله تغيير السلطة وإسقاط النظام، مهاجماً من يقطعون الطرق، ما يمنع البعض من التوجه إلى أعمالهم. وقال نصرالله حينذاك إن "بعض الطرق تحولت إلى حواجز لتحصيل اتاوات ممن يحاولون عبورها من المواطنين العاديين"، مطالباً المتظاهرين بـ"اختيار ممثلين لهم لإجراء حوار حتى لا يستغل أحد حراكهم". وشنّ نصرالله هجومه أكثر من مرّة على ظاهرة قطع الطرق في تلك مرحلة، فإذا به يتحدث في كانون الأول / ديسمبر 2019 عن أنّ "قطع الطرق والصدامات في الشارع وإلقاء النفايات على أبواب المسؤولين، ظاهرة جديدة لا أعرف من أين أتوا بها، وضرب مواسم الأعياد وتراجع الثقة بالبلد"، معتبراً أنه "لو بقيت الحكومة وبقي الناس في الشارع يضغطون على الحكومة بشكل سلمي وحقيقي ومن دون شتائم وممارسات غير مناسبة ولائقة لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن".
هكذا، امتعض "حزب الله" من قطع الطرق عندما كان مسيطراً على الدولة اللبنانية وقراراتها، ونظّم قطع الطرق مع بدء تراجع سيطرته على القرارات الإستراتيجية في لبنان بعد الحرب الإسرائيلية التي أنهكته حربياً وسياسيّا!