رفع الحصانة النيابية: ما الآلية الدستورية وماذا يعني قانونياً؟
رفع البرلمان اللبناني، اليوم الأربعاء، الحصانة عن النائب جورج بوشكيان بـ99 صوتاً وسُجّل اعتراض من النائب سجيع عطية، الذي صوّت ضد قرار رفع الحصانة، في حين امتنع النائب جميل السيد عن التصويت، معلّلاً قراره بكونه عضواً في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ممّا يستوجب منه التزام الحياد وعدم إبداء أي رأي مسبق في الملف المعروض.

فما نعرف عن رفع الحصانة النيابية قانونيّاً ودستوريّاً؟
في حديثٍ سابق مع "النهار"، أشار الخبير الدّستوري الدكتور جهاد إسماعيل، إلى أنه "عملاً بأحكام المادة 91 من النظام الداخلي لمجلس النواب، يُقدّم طلب الإذن بالملاحقة وزير العدل مرفقاً بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم وزمان الارتكاب ومكانه، وخلاصة عن الأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة، مما يعني أن الملاحقة تتم عبر وزير العدل حصراً ولو بناءً على مذكرة النائب العام التمييزي. عندئذ يقدم طلب رفع الحصانة، وفق المادة 92، إلى رئيس المجلس الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب، وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير في مهلة أقصاها أسبوعان، الأمر الذي يدعو إلى الاستنتاج أن وزير العدل حصراً هو من يطلب، ولو بناء على مذكرة النائب العام التمييزي، رفع الحصانة الموجّه إلى رئيس المجلس دون سواه!"
وأضاف: "إذا لم تُقدّم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية، وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وله أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً، أو وضع يده على الطلب وبتّه مباشرةً، على أن يتخذ قرار رفع الحصانة بالأكثرية النسبية وفق المادة 96".

وأوضح إسماعيل أنّ "للهيئة المشتركة وللمجلس، عند درس طلب رفع الحصانة ومناقشته بموجب المادة 98، تقدير جدية الملاحقة والتأكد من أن الطلب بعيد من الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب ممارسة عمله النيابي".
ولدى سؤاله عما إذا كانت النيابة تمنع محاسبة الوزير على أفعاله المنسوبة إليه لدى ممارسة العمل الوزاري؟
أجاب اسماعيل بأنّ "حصانة النائب المطلقة، وفق المادة 39 من الدستور، تتحدّد في ميدان الأفكار الّتي يبديها، لكنها لا تشمل الجرائم الجزائية الّتي يرتكبها، باستثناء وجوب طلب إذن الهيئة العامة للمجلس فور اتخاذ إجراءات جزائية في حقّه إذا كان مجلس النواب في حالة انعقاد عادي أو استثنائي، ما خلا حالة التلبس بالجرم المشهود، ما يعني أن حصانة النائب، من خارج دائرة الآراء أو الأفكار الّتي يبدبها خلال نيابته، تسقط في حالتين: خروج المجلس النيابي عن فترة الانعقاد، والجرم المشهود".
ورداً على سؤال آخر، قال اسماعيل "إنّ المادة 72 من الدستور تعتبر أن استقالة الوزير لا تكون سبباً لعدم إقامة الدعوى عليه، وهذا يعني أن المشرّع الدستوري يوازي بين أن يكون الوزير المتهم على رأس مهماته، وأن يكون مستقيلاً أو سابقاً، الأمر الّذي يطرح إشكالية انعقاد الاختصاص في ملاحقة الوزراء لجهة إمكان محاكمتهم أمام القضاء العدلي أو أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بصفة حصرية. إلا أن المادة 80 من الدستور حصرت أعمال المحاكمة للرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فيما أعمال الملاحقة والتحقيق، وإن كانت تُدرج ضمن المسائل الخلافية، فتُمارَس من القضاء العدلي فور خروجها عن مرحلة المحاكمة، وإدراجها، في آنٍ واحد، في إطار الملاحقة أو الإدعاء، لا سيما أن الصلاحية الشاملة للقضاء العدلي لا تسري على القضايا الّتي وضع لها المشرّع نصاً خاصاً كالقضاء السياسي وسواه".
إلى ذلك، أكد إسماعيل أن "فكرة مساءلة الوزراء أمام القضاء العادي جدلية في الفقه الدستوري قبل أن تكون خلافية في المجتمع السياسي، سواء لجهة التمييز بين الأفعال، أو لجهة مراحل الدعوى في إطار الملاحقة والتحقيق والمحاكمة، ولكن في رأينا أن المجلس الأعلى مولج، على وجه حصري، بأعمال المحاكمة".
بالعودة إلى التاريخ، عام 1952 رُفِعَت الحصانة عن النائب رِفعت قزعون لاِتّهامه بمقتل أحد الصحافيين، وعام 1994 رُفِعَت عن النائب يحيي شمص لاتّهامه بالإتجار بالمخدّرات، فيما كان الملف سياسيًا. وعام 1999 رُفِعَت الحصانة عن النائب حبيب حكيم لاتّهامه بملف محرقة برج حمّود، وفي العام نفسه رفعت عن شاهيه برصوميان على خلفية ما عُرف بـ "قضية الرواسب النفطية".
وفي ما يلي النظام الداخلي في مجلس النواب المتعلق برفع الصحانة
الفصل الثالث عشر: الحصانة النيابية ورفعها
- المادة 89: مبدأ الحصانة النيابية متعلق بالانتظام العام.
- المادة 90: لا تجوز خلال دورات انعقاد المجلس، ملاحقة النائب جزائياً أو اتخاذ إجراءات جزائية بحقه أو إلقاء القبض عليه أو توقيفه إلا بإذن المجلس ما خلا حالة التلبس بالجريمة ( الجرم المشهود).
- المادة 91: يُقدم طلب الإذن بالملاحقة وزير العدل مرفقاً بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تشتمل على نوع الجرم وزمان ومكان ارتكابه وعلى خلاصة عن الأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة.
- المادة 92: يُقدم طلب رفع الحصانة إلى رئيس المجلس الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب وعلى هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان.
- المادة 93: إذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعنية في المادة السابقة، وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرةً.
- المادة 94: عندما يباشر المجلس البحث في طلب رفع الحصانة يجب استمرار المناقشة حتى البت نهائياً بالموضوع.
- المادة 95: للإذن بالملاحقة مفعول حصري ولا يسري إلا على الفعل المعين في طلب رفع الحصانة.
- المادة 96: يتّخذ قرار رفع الحصانة بالأكثرية النسبية وفقاً للمادة 34 من الدستور.
- المادة 97: إذا لوحق النائب بالجرم المشهود أو خارج دورة الانعقاد أو قبل انتخابه نائباً تستمر الملاحقة في دورات الانعقاد اللاحقة دون حاجة إلى طلب إذن المجلس ولكن على وزير العدل أن يحيط المجلس علماً بالأمر في أول جلسة يعقدها وللمجلس الحق بأن يقرر عند الاقتضاء بناءً على تقرير الهيئة المشتركة المشار إليها في المادة 100 وقف الملاحقة بحق النائب وإخلاء سبيله مؤقتاً أثناء الدورة إذا كان موقوفاً وذلك إلى ما بعد دور الانعقاد.
- المادة 98: للهيئة المشتركة وللمجلس عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدية الملاحقة والتأكد من أن الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي.
نبض