سياسة 23-12-2024 | 14:04

السيادة تشرق على البقاع من جرود قوسايا... آخر معسكرات "القيادة العامة" في عهدة الجيش اللبناني

اكتملت فرحة أهالي بلدة قوسايا، شرق قضاء زحلة، بتحرير آلاف الدونمات من الاملاك الخاصة والجمهورية والبلدية التي صادرتها منظمة "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" الفلسطينية الموالية لنظام الأسد قبل قرابة 42 عاماً في جرود قوسايا.
السيادة تشرق على البقاع من جرود قوسايا... آخر معسكرات "القيادة العامة" في عهدة الجيش اللبناني
بيك- أب تواجد في المعسكر الفلسطيني
Smaller Bigger

اكتملت فرحة أهالي بلدة قوسايا، شرق قضاء زحلة، بتحرير آلاف الدونمات من الاملاك الخاصة والجمهورية والبلدية التي صادرتها منظمة "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" الفلسطينية الموالية لنظام الأسد قبل قرابة 42 عاماً في جرود قوسايا. فقد تسلمّ الجيش اليوم، المعسكر الاستراتيجي الذي كان يشغله الفصيل الفلسطيني على قمم سلسلة جبال لبنان الشرقية الفاصلة بين لبنان وسوريا، ممتداً على مئات الكيلومترات بدءاً من حدود بلدة ماسا وصولاً الى أطراف عنجر، كاشفاً سهل البقاع كاملاً، ليكون البقاع بذلك قد خلا من المعسكرات الفلسطينية لـ"القيادة العامة" و "فتح الانتفاضة" المواليتين لنظام الأسد المخلوع، بعد أن كان الجيش اللبناني قد تسلّم معسكرات "القيادة العامة" في حشمش وجبيلة عين البيضا في البقاع الاوسط وموقع السلطان يعقوب في البقاع الغربي، وموقع "فتح الانتفاضة" في بلدة حلوى - قضاء راشيا. 

 

تتخذ سيادة الجيش على معسكر قوسايا أهمية أكبر من باقي المعسكرات، لكونه يشكّل ثقل وجود هذا الفصيل من حيث العديد والعتاد والموقع، وبعد أن كان يمنع على سلاح الجوّ اللبناني التحليق فوقه وتقتصر سيطرة الجيش على حاجز عند مدخله الرئيس، أسفل الجبل. إلا أن التحوّل الأهم يكمن في كون هذا المعسكر امتداداً لمعسكرات "حزب الله" في جرود القطاع الشرقي لبعلبك وممراً له الى الداخل السوري. إذ كان "حزب الله" إبان مشاركته في القتال الى جانب النظام السوري، قد شقّ طريقاً وعبّدها وهي تمر عبر المعسكر الفلسطيني وتنفذ الى جديدة يابوس الحدودية مع لبنان، على رغم إعتراضات أهالي قوسايا وبلديتها بكتب رسمية لدى وزارة الداخلية، لكون الطريق تتعدى على أملاكهم الخاصة. وكانت هذه الطريق قد تعرّضت لغارات إسرائيلية في الحرب الأخيرة، في إطار إستهداف خطوط الامداد للحزب من سوريا، وكان يمنع على أهالي قوسايا ممن يتمكنون من الوصول الى أراضيهم، أن يطلّوا حتى على "طريق الزفت" تحت طائلة إطلاق النار عليهم! وقد حال تحالف "حزب الله" والجيش السوري والفصيل الفلسطيني المنضوي فيه دون بناء نقطة مراقبة حدودية للجيش اللبناني في الجرد بتمويل بريطاني، على غرار المركز في جبل عنجر، ونقل الى هضبة داخل البلدة. كذلك فإن "وادي المعيصرة" الذي يحتله المعسكر الفلسطيني يرتبط بالقلمون السوري عبر طرق جبلية كانت تسلكها عناصر المعسكر ذهاباً وإياباً الى سوريا ومنها. ومع تمركز الجيش الوطني في المعسكر، بات على مسافة قدّرت بـ 500 متر عن "موقع الرادار" السوري الذي أصبح في عهدة "إدارة العمليات العسكرية" في سوريا بعد أن كانت تشغله الفرقة الرابعة و"حزب الله".    

 

يتحدث الأهالي عن وجود أسلحة ثقيلة الى جانب المتوسطة والخفيفة في المعسكر من راجمات ودبابات مكتوب عليها "الجيش السوري" وغيرها. وكانت غارات اسرائيلية إستهدفت بعض هذه الاسلحة الثقيلة مدى السنوات الماضية. ويروون أنه منذ عام 1982 لغاية التسعينات كانت تنقل الاسلحة بشكل دوري الى المعسكر، وأنه في خلال المعركة التي خاضها الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد عام 2007، كان الفصيل الفلسطيني يقوم بتهريب الاسلحة والصواريخ على ظهور الحمير الى موقع حشمش، ومن هناك كانت تنقل الى هذا المخيم. كذلك فإنه في حزيران 2023، جرى نقل شاحنات من الاسلحة من مخيم البداوي الى معسكر قوسايا، وحصل يومها إنفجار في خلال تخزين الاسلحة أودى بحياة 5 من عناصره. ومع سقوط هذه المعسكرات بسقوط نظام الاسد، إنحلّت الألسن، وبات أهالي قوسايا يتحدثون عما يعرفونه عن الموقع الذي يضّم مغاور طبيعية عدة جرى تحويلها إما الى مركز قيادة وسجن كمغارة بيت معارك، وإما الى مخازن للأسلحة كمثل مغاور المال، الهوّة والعصافير. 

 

وتشير المعلومات الى أن عناصر معسكر قوسايا الفلسطينيين كانوا قد أخلوه قبل قدوم الجيش، الا أنه أمكن منذ صباح اليوم وحتى ما قبل دخوله، رصد حركة شاحنات وعناصر خصوصاً قرب مغارة "بيت معارك" المطلّة على قوسايا، وفي تقدير العارفين بشؤون الموقع فإن "حزب الله" هو من كان يتحرك في الموقع. وبحسب الأهالي، فإن الموقع كان يضم بين 30 و 40 عنصراً بشكل أساسي ودائم، وكان يمكن رفده بالعشرات عند الحاجة من الجهة السورية. وقد تعاقب على قيادته كلُ من "أبو شادي" الذي كان قائداً للمعسكر منذ عام 1982 حتى وفاته، ومن بعده "أبو محمد"، ليتسلّم أخيراً قيادة الموقع "أبو جهاد" وهو حفيد أحمد جبريل مؤسس "الجبهة الشعبية - القيادة العامة". ويصفون الأخير بأنه كان الأكثر تعنتاً في التعامل مع أهالي قوسايا، فيما كان سلفيه أكثر مرونة في تسيير شؤون أهل البلدة للوصول الى أملاكهم في محيط المعسكر، وإن كان "أبو شادي" لم يتوان عن إرسال تهديد الى رئيس بلدية قوسايا السابق لدى ظهوره في الاعلام للحديث عن هذه المعسكرات التي تحتل أملاك البلدة. لم يكن الفصيل الفلسطيني يمنع الاهالي عن أرزاقهم ويطلق النار ترهيباً لما يعتقده تجاوزاً لحدود تحركهم فحسب، بل كان يستثمرها مع عنصرين تابعين لـ"حزب الله" بزراعة الحبوب. وكان الأهالي قد إشتكوا للحزب قيام أحد عناصره بوضع اليد على أراضيهم فتنصّل منه الى أن نعاه في الحرب الأخيرة. 

 

وكان فوج التدخل السادس، ترافقه مخابرات الجيش قد تمركز منذ ما قبل السابعة صباحاً أسفل الطريق المؤدية الى المعسكر الفلسطيني، مصطحباً معه العلم اللبناني وراية الجيش، في إنتظار وصول فريق الهندسة. وعند العاشرة، إنطلق موكب المؤللات صعوداً في اتجاه المعسكر، وما هي الا دقائق حتى خطّت السماء فوق قوسايا شارات دخانية خضراء، أطلقها الجيش معلناً سيادته على الموقع وسط فرح عامر من الأهالي.      

 

"في عيد الميلاد ولدت قوسايا من جديد"... هكذا وصف جورج كعدي المشهد وهو يتابع مع رئيس البلدية ميلاد كعدي ونائبه داود كعدي وآخرين دخول فوج التدخل السادس الى المعسكر. وفي الوقت نفسه، يخططون ويتحضرون للاحتفال بالجيش على وقع تبادل التهاني: "مبروك ويهنينا"، "يوم تاريخي"، "ما كنا لنصدق"، فهم يعيشون فرحة التحرير التي كللت 42 سنة من نضالهم لإستعادة أراضيهم. ويحلم الأهالي بإستعادة آلاف الدونمات من أملاكهم، ليعودوا ويستثمروها زراعياً، ويعيدوا إحياء تقليد النزهة في الجرد يوم "الجمعة العظيمة"، والارتواء من نبع "عين السبع" الذي لا ينضب على ما يذكرون. هذا الجرد الذي يحفظونه، ويحفظون روايات أهاليهم وأجدادهم عنه منذ عهد الانتداب الفرنسي، تدلّ على مرور الجيش الفرنسي في المكان علامات الحدود ما بين لبنان وسوريا لا تزال قائمة، الى أن "عاشوا وشافوا" عودته الى كنف الشرعية.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
سياسة 10/5/2025 3:09:00 PM
تابعت: "إن الدستور اللبناني يكفل المساواة بين اللبنانيين، مقيمين كانوا أم مغتربين. وتحقيق هذه المساواة يقتضي تعديل القانون الحالي بإلغاء المادة 112، بما يسمح لكل مغترب بالاقتراع في بلدته الأم".
مجتمع 10/4/2025 12:02:00 PM
من المتوقع أن تتأثر المنطقة اعتباراً من بعد ظهر الثلاثاء بمنخفض جوي متوسط الفعالية مركزه شمال غرب تركيا.
مجتمع 10/4/2025 3:23:00 PM
العملية تأتي في إطار الحملة الأمنية التي ينفذها الجيش في المنطقة لضبط المطلوبين ومواجهة التفلّت الأمني منذ ساعات الصباح الأولى.