شيعة سوريون ينزحون إلى لبنان... يوم دخول المصنع "نظامي وغير نظامي"

"التهريبة الكبرى" شهدها معبر المصنع اليوم لعائلات سورية دخلت لبنان من دون تسجيل دخولها رسمياً. وقد شهد المعبر منذ الصباح حركة عبور نشطة لجهة المغادرة، وإن كان لا يمكن وصفها بأنها حركة عودة نهائية الى سوريا، لقلّة عدد السيارات المحمّلة بالأثاث، مع استمرار حركة العائدين عبر الطريق الجبلية غير الشرعية.
في المقابل، كانت حركة الدخول الى لبنان كثيفة جداً، وشهدت نقطة الدخول زحمة كبيرة، "الناس والسيارات متل التراب"، فلم ينقطع حبل الحقائب والأكياس والكراتين المحمّلة في المركبات، أو على أكتاف وفي أيادي الواصلين الى لبنان فرادى وعائلات.
إلا أن ما طبّع هذا النهار، هو تمكّن نحو 300 من أفراد العائلات المهجّرة من القرى الشيعية في سوريا من بصرى الشام في درعا والفوعة في إدلب ونبل والزهراء في حلب وغيرها الى السيدة زينب آنفاً، من الدخول الى لبنان من دون أن يتموا إجراءات التختيم لدى الامن العام اللبناني.
وكانت هذه العائلات، وفي معظمها نساء وأولاد، قد تمكّنت صباحاً من العبور سيراً على الأقدام بمركز الدخول الكائن في مبنى فوق الباحة الرئيسية لنقطة المصنع، والوصول الى حاجز التفتيش في الساحة الرئيسية إلا أنه لكونهم لم يستوفوا إجراءات الدخول، لم يسمح لهم بعبور الحاجز، فتجمعوا عنده، الأمر الذي خلق أجواء متوترة حتى بين أجهزة الأمن العام عينها.
وبعيد الثانية عشرة والربع ظهراً، وبغفلة عين وتغافل، وتحت وطأة التدافع إقتحم نحو 200 منهم الحاجز، ولم يحل إنزال العارضة الحديدية من منعهم عن مبتغاهم، إذ نجحوا برفعها وتوغلوا نزولاً وسط فوضى عارمة، قبل أن يتمكن عناصر الأمن العام من السيطرة على الوضع وإغلاق العارضة والباب الحديدي للحاجز.
فزاد الطين بلة، إذ إنقسمت العائلات بين من اصبح داخل الأراضي اللبنانية، يقبع على الأرصفة منتظراً لمّ شمله مع من بقيوا من افراد عائلاتهم خلف الحاجز.
توقفت حركة السير نزولاً بإتجاه لبنان، وانتشر الجيش بعديده ومخابراته وآلياته. بات على الذين استوفوا شروط الدخول أن يعبروا سيراً على الأقدام، من منفذ ضيّق عند الحاجز ووسط زحمة بشر. تراكم عدد المركبات المنتظرة الدخول، فتم تسييرها على مسرب خط سير المغادرين وتوقيف الاخير مؤقتاً. تحت رقابة مشددة للجيش، جرى إبعاد بقية العائلات المنتظرة جانباً، وفتح الباب تحت رقابة مشددة للجيش لعبور السيارات.
في جغرافية المكان ليس عند دائرة الدخول للأمن العام اللبناني حاجز تفتيش، بل يقع الحاجز على بعد 500 متراً نزولاً خلف عنبر الجمارك وبمقابل دائرة المغادرة عند الباحة الرئيسية للمصنع.
وعليه يقوم الوافدون بختم أوراقهم في دائرة الدخول ويعبرون المسافة الفاصلة عبر عنبر الجمارك ليصلوا الى حاجز الدخول الذي يدقق بأوراق الداخلين.
بالتالي قد يكون ذلك عاملاً ساعد في تجاوز تلك العائلات نقطة الدخول والوصول الى الحاجز، ثمة رجل مسنّ من بصرى الشام قال لـ "النهار": "هم قالوا لنا إدخلوا فدخلنا"، من دون أن يحدد من الذي قام لهم ذلك. إنما السؤال "كيف عبر العشرات من رجال ونساء وأطفال، مع أمتعتهم من دون أن يتنبه لهم أحد، وتركوا ليصلوا الى الحاجز، فشكلوا ضغطاً بشرياً وإنسانياً، الأمر الذي مكنّهم من الدخول من دون إحصاء رسمي لأسمائهم واعدادهم؟
تلك العائلات كما قالت لنا تخوض هجرتها الثانية، الهجرة الأولى من بلداتها في مختلف المحافظات السورية الى منظقة السيدة زينب في دمشق، لكن مع سقوط النظام، وعدم قدرتهم العودة الى بلداتهم لأنه "بيننا وبينهم دماء"، و "ما عاد عندنا أرزاق فيها"، فروا الى لبنان خوفاً من أعمال إنتقامية بحقهم، ومن الغارات الاسرائيلية.
لا يمكن الحديث عن دخول منظّم لتلك العائلات، ذلك أنه لم تكن ثمة باصات تنتظرهم، وفي كثير من الاحيان لم يكن ثمة سيارة لتقلّهم وهم إما سيقصدون أقارب وكثر لا يعرفون وجهتهم داخل لبنان. لكنهم بالمحصلة دخلوا سواء مستفيدين من ضغط حركة الدخول أو بسبب تراخ خلق واقعاً إنسانياً ضاغطاً.