بين 2% و46% تباعد كبير في الأعداد... أرقام النزوح من الخاص إلى الرسمي غير صحيحة

باميلا شاهين
كان انتشار خبر انتقال نحو 46 في المئة من تلامذة لبنان من المدارس الخاصة إلى الرسمية مفاجئاً، ما أثار جدلاً واسعاً، مطلقاً علامات استفهام حول التحوّلات التي يشهدها القطاع التربوي او حول حقيقة الارقام التي تنشر في لبنان وفق مصالح فئوية وشخصية ونفعية، وما مدى دقة الارقام؟.
في هذا السياق، يوضح الباحث في "مركز الدراسات اللبنانية" وصاحب الاستطلاع الإلكتروني محمد حمود لـ"النهار"، أن "نسبة الـ46% لا تعبّر عن مجموع تلاميذ لبنان، بل عن المشاركين في الاستبيان الذي شمل 1089 وليّ أمر من كل المحافظات، من بينهم 46% قالوا إنهم نقلوا أبناءهم من المدارس الخاصة إلى الرسمية هذا العام".
ويضيف: "هذه النسبة مؤشر مهم لا يمكن تجاهله، إذ نرصد حركة التلاميذ بين القطاعين منذ سنوات. وبحسب الدراسات السابقة، تشهد ظاهرة النزوح من الخاص إلى الرسمي ارتفاعاً مستمراً سنة بعد سنة. ففي عام 2023، قال 39% من أهالي الطلاب إنهم نقلوا أبناءهم من التعليم الخاص إلى الرسمي، مقابل 20% نقلوهم من الرسمي إلى الخاص بحثاً عن بيئة تعليمية أكثر استقراراً. أمّا في عامي 2024 و2025، فقد تراجعت نسبة الأهالي الذين نقلوا أبناءهم من المدارس الرسمية إلى الخاصة بشكل ملحوظ، إذ بلغت 4% و3%، في حين ارتفعت نسبة الذين انتقلوا من الخاص إلى الرسمي من 30% إلى 46%".
في هذا الإطار، يقول الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر في حديث إلى "النهار"، إن "انخفاض أعداد التلاميذ في المدارس الخاصة، في أسوأ الحالات لا يتجاوز هذا العام العشرين في الألف، أي ما يوازي 2%". ويؤكد رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية عماد الأشقر من جهته أن "الحديث عن نزوح نصف تلاميذ المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية مبالغ فيه"، مشدداً على أن الأعداد الدقيقة لن تتّضح قبل 30 تشرين الثاني، أي قبل موعد تسليم المدارس الخاصة اللوائح بأسماء تلاميذها.
وتوضح مصادر في وزارة التربية أن التسجيل في المدارس الرسمية لا يزال مستمراً، ما يجعل تحديد الأرقام الدقيقة أمراً مبكراً، كاشفةً أن هناك زيادة في أعداد التلاميذ.
بين الأزمة الاقتصادية وارتدادات الحرب
يقول الأب نصر إن الانخفاض الذي يُسجّل ناجم حصراً عن الأزمة الاقتصادية، موضحاً أن "معظم المدارس الخاصة في الجنوب قد فتحت أبوابها والوضع فيها مستقر نسبياً"، في حين يشير الأشقر إلى أن ما يُسجَّل من تراجع في أعداد التلاميذ في بعض مدارس الضاحية الجنوبية "لا يعكس انتقالاً جماعياً إلى التعليم الرسمي، بل يرتبط أساساً بنزوح البعض إلى مناطق أخرى".
وبين ارتفاع تكاليف التعليم الخاص وتراجع مستوى التعليم الرسمي، يبقى حق التلميذ في تعليم عادل مرهوناً بالظروف، ويبقى السؤال: متى يصبح التعليم الرسمي الخيار الجيد والممكن والذي يقي الاهالي شر ارتفاع الاقساط المدرسية؟