أحمد منتش
المجازر والاعتداءات المتكررة التي ارتكتبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1948 في بلدة حولا الحدودية في جنوب لبنان، المحاذية لموقع العباد الاسرائيلي، مرورا بحقبة احتلال الشريط الحدودي ومن ضمنه البلدة طوال 22 عاماً (1978-2000) لا تعد ولا تحصى.
عام 1948 تسللت الى البلدة قوة كوماندوس إسرائيلية من موقع العباد متنكرة بلباس "جيش الإنقاذ العربي" الذي خاض مواجهة دامية مع القوات الإسرائيلية المتمركزة فيه، بعد انسحاب "جيش الإنقاذ" الى المالكية، وعمدت الى جمع عدد من أبنائها في أحد المنازل ثم فجرته، مما أدى إلى استشهاد نحو مئة شخص بينهم عدد من النساء.

وقبل احتلال البلدة عام 1978، سقط عدد من شبانها وغالبيتهم من أنصار الحزب الشيوعي اللبناني، في مواجهات وعمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال. وطوال مدة احتلال حولا والشريط الحدودي حتى تحرير الجنوب في أيارمايو عام 2000، مارس الاحتلال شتى أعمال القتل والاعتقال وعمليات الابعاد، مما أدى إلى نزوح معظم شباب البلدة وفتياتها، ولاسيما المحسوبين منهم على الشيوعي وحركات المقاومة. وفي حرب تموز عام 2006 بين إسرائيل و"حزب الله"، تعرضت البلدة لسلسلة غارات وقصف مدفعي، أدت إلى تدمير عدد من منازلها ونزوح عدد كبير من أبنائها.

أما معركة "إسناد غزة" فحولت حولا بلدة منكوبة. إذ سبقت احتلالها ورافقته واعقبت وقف النار، غارات كثيفة وعمليات اغتيال وتفجير وتدمير ممنهجة، أسفرت عن سقوط أكثر من 65 شهيداً ومفقوداً.
فمنذ اليوم الأول لاشتعال جبهة الجنوب في 8 تشرين الأول 2023، غداة عملية "طوفان الأقصى" في غلاف غزة، شنت إسرائيل أعنف الغارات والقصف المدفعي على بلدة حولا، من دون أي تمييز بين مدني أو مقاتل. وفي خلال تصاعد وتيرة الحرب وتمكنها من احتلال أحياء البلدة بكاملها بعد اتفاق وقف النار، وانتهاء مهلة الستين يوماً التي مددتها إسرائيل إلى اليوم الثلاثاء 18 شباط الجاري، واصلت قوات الاحتلال أعمال تفخيخ المنازل وتفجيرها وحرقها وتخريب البنى التحتية. ولغاية أمس عشية موعد انسحابها من البلدة، أطلقت القوات الإسرائيلية رمايات من أسلحة الرشاشة على مجموعة من الأهالي تخطت الساتر الترابي حيث الجيش اللبناني، مما أدى إلى استشهاد الفتاة خديجة حسين عطوي (16 عاماً). وسبق لها أن أطلقت النار على مجموعة أخرى حاولت الدخول بعد انتهاء مدة الستين يوماً وأوقعت أيضاً ثلاثة شهداء.
وقال أبو حسين "أن 65 من أبناء البلدة غالبيتهم من المدنيين والنساء وبينهم من أصرّ على عدم النزوح، استشهدوا جراء الغارات التي شنها الحربي والمسيّر والقصف المدفعي"، مشيراً الى "عدد قليل من المفقودين الذين يتوقع العثور عليهم بين ركام المنازل".
من آخر نقطة يتمركز فيها الجيش اللبناني عند المدخل الغربي للبلدة، حيث رفعت قوات الاحتلال سواتر ترابية أقفلت فيها كل المداخل الرئيسية والفرعية، باستثناء المدخل الشرقي من جهة موقع العباد، يمكن بالعين المجردة رؤية العديد من المنازل والأبنية المدمرة أو المحروقة، وسط البلدة وعند أطرافها وصولاً الى موقع العباد وموقع آخر لجهة مستوطنة المنارة المطلة على بلدة ميس الجبل والطرف الجنوبي لحولا التي انسحبت منها قوات الاحتلال صباح اليوم الثلاثاء، وانتشر الجيش اللبناني فيها وسمح بدخول الأهالي الذين أصروا على إعادة بنائها من جديد.
نبض