لبنان
28-01-2025 | 10:30
رسالة من جنبلاط إلى "حزب الله" وتحذير: للإسراع في تأليف الحكومة لأن أخطاراً كثيرة تحيط بلبنان
أعرب جنبلاط عن تشاؤمه مما هو قادم

الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
أعرب الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حديثٍ لـ"جريدة عكاظ" عن تشاؤمه مما هو قادم، مشدّداً على "أهمية وحدة لبنان وتماسكه وإمكان العبور إلى الضفة والهروب من تداعيات العالم الجديد وصراعاته".
ورداً على سؤال عن سرّ الانفراج الكبير في لبنان الذي أدى إلى حسم ملفَي رئيسَي الجمهورية والحكومة، قال:" ليس هناك سرّ، لكن هناك تغيرات إقليمية، ولبنان جزء منها، أدّت إلى الانفراج إذا صحّ التعبير. لقد سقط نظام البعث في سوريا في غضون أيام، وكذلك الضربات القاسية التي تلقاها حزب الله من إسرائيل. كنا نعيش في حال ما يسمّى توازن الرعب مع إسرائيل لكن هذا التوازن انهار. قد تمتلك مئات الصواريخ لكن إسرائيل تمتلك الآلاف من الصواريخ، بالإضافة إلى المعلومات، فضلاً عن الاختراقات في داخل حزب الله، بدءاً من اختراق أجهزة البيجر إلى اغتيال حسن نصرالله. كلّ هذه المعطيات، بالإضافة إلى نهاية النفوذ الإيراني في لبنان. وكما تعلم إيران حكمت لبنان 24 عاماً منذ تولّي بشار الأسد السلطة في سورية عام 2000.. كلّ هذا أدّى إلى انفراجة كبرى".
أضاف: "كنا من المطالبين بانتخاب الرئيس جوزف عون رئيساً للبنان، وكان من نتيجة الانفراجات انتخاب رئيس الحكومة نواف سلام الذي يتمتع بمصداقية عالية في لبنان، خصوصًا بعد الحكم الذي أصدره في المحكمة الدولية ضد مجرمي الحرب في إسرائيل".
وفي ما يتعلق بتعطيل التشكيل الحكومي اعتبر أن " هذه مشكلة قائمة في لبنان، ولكن لا بدّ أن ننبّه السياسيين اللبنانيين إلى هذا الأمر؛ فإسرائيل تستغلّ هذا الفراغ الحكومي، وما تزال تدمر القرى في الجنوب، وإذا ما تمّ التعطيل واستمر فإننا نعود إلى الماضي، وكأننا لم نجرِ اختيار رئيس حكومة جديد، وإسرائيل تستغلّ كلّ هذه الأشياء في لبنان باعتبار أنه لا توجد حكومة".
وعما إذا كان سبب التعطيل الجدل حول حقيبة المالية وما نصّ عليه اتفاق الطائف قال: "هذا ليس صحيحاً إطلاقاً. الاحتفاظ بأي حقيبة وزارية ليس من اتفاق الطائف، إلا إذا كان هذا حصل في الكواليس أن تكون حقيبة المالية لمكوّن مذهبيّ معيّن. لكن الأصل في الموضوع أن تكون الحقائب الوزارية مداورة، وأن تنتقل بين كلّ المكونات، وليست حكراً على مكون ما.أما وجود مثل هذا في اتفاق الطائف فليس صحيحاً".
وبالنسبة إلى رأيه بأن الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو من أسّس لـ"عرف" أن تكون المالية بيد المكون الشيعي، نفى ذلك، ورأى أن "هذا ليس صحيحاً، أو بالأحرى لا أذكر ذلك إطلاقاً؛ فوزارة المالية كانت متنقّلة بين كلّ المكونات السياسية والمذهبية في لبنان، وظهر لاحقاً في لبنان تصنيفات غريبة عجيبة، مثلاً خرجوا بفكرة وزارات سيادية وغير سيادية. مثلاً الدفاع والخارجية والداخلية هي وزارات سيادية، حسب التصنيف لبعض السياسيين في لبنان، ومنها إدراج وزارة المالية، وهذا ليس من الطائف بشيء. ودعني أقول إن هذا معيب في حق لبنان بأن هناك وزارات من الدرجة الأولى والثانية وأيضاً لبناني من الدرجة الأولى والدرجة الثانية".
اما عن موقفه من كل هذا الجدل، فأجاب:"موقفي الإسراع في التأليف الحكومي لأن هناك أخطاراً محيطة بلبنان. وأرى حروباً كبيرة في المنطقة، من غزة إلى الضفة إلى جنوب لبنان، لا بدّ لنا في لبنان من أن نكون متماسكين، وأن نتجاوز الفراغ الحكومي".
وعما إذا كان متشائماً قال: "هذا الواقع الحالي الذي تعيشه المنطقة، انظر إلى الفريق التوراتي في إسرائيل فهناك من يطالب باستيطان في جنوب لبنان، وفريق العمل الجديد في الإدارة الأميركية لا يرى وجوداً لفلسطين، والضفة هي للحلم التوراتي. نحن أمام مشهد مخيف، وهذا ينعكس على لبنان الذي يجب أن يتجنب كل أنواع التعطيل".
واعتبر ردًّا على سؤال أن "هناك مشهدًا جديدًا وأدوارًا جديدة في المنطقة. نحن نرى الدور السعودي الإيجابي العائد إلى لبنان بعد 15 عاماً، وأيضاً الانفتاح السعودي على سوريا، وهذا أمر مهم وإيجابي في المنطقة، وبالدرجة ينعكس على لبنان. وبالتالي، لبنان مرتبط بالتحوّلات الإقليمية".
وبالنسبة إلى قوة "حزب الله" وموقعه اليوم بعد الضربات الإسرائيلية، اعتبر أن " على السياسيين والعسكريين في حزب الله أن يدركوا أن الماضي انتهى، وأن عليهم التوجه إلى العمل السياسي وترك العمل العسكري. وكلام رئيس الجمهورية جوزف عون في خطاب القسم واضح، وهو أنه يجب أن يكون منهج لبنان، حين قال:"إن الذي بيننا وبين إسرائيل هي الهدنة»، لا نستطيع أن ندخل في حرب معلنة ضد إسرائيل لكن أيضاً لا نستطيع أن ندخل في تسوية، وهذا أضمن للداخل اللبناني".
وبالنسبة إلى ضرورة أن يذهب "حزب الله" إلى حوار مصارحة ومكاشفة، وأن يتحوّل إلى حزب سياسي، قال:" نعم هذا أمر صحيح، ولبنان بحاجة إلى ذلك، لكن هناك استحقاقات سريعة في الجنوب، منها الانسحاب الإسرائيلي وسيطرة الدولة على الجنوب بدلاً من أي قوة أخرى خارجة عن القرارات الدولية وعن اتفاق الطائف".
أضاف:" في المرحلة الحالية لا نريد توترات في داخل لبنان بالشكل الذي تقصده لحوار مع حزب الله حول موضوع السلاح. هناك حكومة جديدة ودولة، يجب أن يتمّ كلّ شيء عبر هذه الحكومة، ونزع السلاح من المليشيات كافة في لبنان، بما في ذلك السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وهذا ما تم عليه في الحوار في العام 2006. لبنان يتجه إلى مأزق كبير في حال رفضت إسرائيل الانسحاب من الجنوب، وفي استمرارها استباحة البشر والحجر. لكن لا مفر من المواجهة السياسية والوقوف صفاً واحداً وراء الجيش والدولة، وفي هذا المجال الأولوية تكمن في الإسراع في تشكيل الحكومة، وهذا فوق كل اعتبار".
سئل: هل تعتقد أن حزب الله تغير اليوم؟
أجاب:" أتمنى ذلك بكل صراحة، ولا أريد أن أتدخل في ولاءاته وفي عقيدته، وأن يعملوا على إعادة إعمار الجنوب وبعلبك والضاحية والمدن اللبنانية التي دمرتها إسرائيل، وأن يدركوا أن هناك «لبنان» جديداً بعد الزلزال الأخير الذي ضرب البلاد إثر عملية 7 أكتوبر".
وعما إذا كان لقاؤه أحمد الشرع قد جرى بالاتفاق مع حلفائه في لبنان، نفى ذلك، وقال:" كلا.. ذهبت وابني تيمور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان الشيخ سامي أبي المنى، وباعتباري رئيس تكتل نيابيّ ورئيساً سابقاً للحزب، مع بعض الشخصيات من الطائفة التوحيدية، فلم أمثّل أيّ أحد آخر. وكان لقاءً إيجابياً مع الشرع لأنني أعرف أن قوة ووحدة واستقرار سوريا من مصلحة لبنان والمنطقة، وبالتالي عنوان سوريا هو دمشق، ومن هنا جاءت زيارتي".
سئل: نقل عنك في وسائل الإعلام قولك: "يجب أن تنسوا ماضي أحمد الشرع، فهل هذا صحيح؟ أجاب: " لم أقل ذلك. قلت في كلمتي أمام الشرع يجب الاحتفاظ بسجن صيدنايا وسجن تدمر والسجون الأخرى، حتى تتعلم الأجيال القادمة ماذا فعل حزب البعث بالسوريين كما تفعل بقية الدول، فمعتقل صيدنايا يشبه معتقل «أوشفيتز» في بولندا".
وعما إذا كان الشرع قادرًا على أن يكون عنوان المرحلة الجديدة في سوريا، رأى أنه " يجب أن نعطي فرصة للشعب السوري الذي انتزع حريته من نظام البعث، وأعتقد أنه مع أحمد الشرع يستطيع أن يكمل مشروع سوريا الجديدة بعد الحوار الوطني المزمع عقده، وأيضاً على المجتمع الدولي دعم هذه الإدارة لتتمكّن من العمل وتحقيق الاستقرار".
سئل: لكن تصنيف الشرع إرهابياً ما يزال قائماً، فكيف تنظر إلى هذا الأمر؟ أجاب:"في الحرب الأهلية اللبنانية صنّفني الأميركيون إرهابياً، الكاثوليك الإيرلنديون صنّفوا أيضاً كحركة إرهابية، ولاحقاً صافحت ملكة بريطانيا أحد قادتها، وياسر عرفات تم تصنيفه لسنوات على أنه إرهابي، ثم حصل على جائزة نوبل للسلام. المهم الآن هو مساعدة سوريا في هذه المرحلة وعدم الالتفات إلى الأحاديث التحريضية ضد الإدارة العسكرية الجديدة".
وعن تصوّر الشرع للعلاقة مع لبنان، أوضح جنبلاط بأنه "كان جدّاً منفتحاً على الحوار مع لبنان، ولديه رغبة في فتح حوار واسع، وهذا هو المطلوب في المرحلة الحالية أن تكون العلاقات من دولة إلى دولة. كان هناك المجلس اللبناني - السوري الأعلى، وهذا لم يكن نافعاً وليس له أهمية. اليوم نتطلّع إلى الحوار دولة لدولة ضمن قواعد الاحترام المتبادل، ولقد لمست حرصه على هذه العلاقة".
قيل له: أنت ضيف دائم على كل من يحكم سوريا، من حافظ الأسد إلى الشرع، أجاب: "لقائي مع حافظ الأسد كان لقاء الضرورة نتيجة الأوضاع اللبنانية آنذاك، وكنت دوماً أختار طريق دمشق وسأبقى كذلك، ولا أريد حقيقة فتح صفحة الجروح لأنها باتت من الماضي".
وقال رداً على سؤال:"كان آخر لقاء مع الأسد في يونيو 2011، ويمكن أن أقول إن هذا اللقاء لا ينسى. وكانت الثورة السورية في بدايتها، سألته خلال الحديث «عليّ الأمان» فأجاب عليك الأمان، فقلت له ما هي قصة الطفل حمزة الخطيب. قال لي لم نعذبه... أجهزة الأمن قتلته وسلّمته لأهله... حينها صدمت من هذا الجواب. وأكملت الحديث، كان يقرأ كل ما يدور في رأسي ويستعدّ للأجوبة. وقلت له ماذا عن عاطف نجيب، مدير الأمن السياسي في درعا في تلك الفترة، الذي أمر بإطلاق النار على المتظاهرين، فأجاب كان على الآخرين أن يدّعوا عليه، ولكن لم يدّعِ عليه أحد، وكأن النظام السوري يقبل هذه الادّعاءات وكان يتحدّث كأنه في سويسرا".
وعمّا إذا كان يثق بوعود بشار الأسد حين كان في الحكم، قال:" أبداً إطلاقاً عرف بكذبه عالميًا".
سئل: بمَ كذب على لبنان؟ أجاب:" ليس على لبنان فقط، بل على الكلّ بمن فيهم حليفته تركيا التي كانت تربطه علاقة جيدة بها، وكذب على وزير الخارجية التركي السابق أحمد داوود أوغلو. كان يكذب حتى على المقرّبين منه. تصور أنه كذب على بثينة شعبان وأعطاها موعد لقاء لكنه كان يخطط للهرب".
سئل: كيف تصف بشار الأسد؟ قال:"شخص جبان، هرب من سوريا، ولم يدافع عن نفسه، حتى أن أخاه هرب من دون أن يبلغه وهرب ماهر إلى كردستان، ومن ثمَّ إلى روسيا".
وقال:" الأسد كان مشكلة لبنان. مارس كل أنواع الاغتيالات بحق اللبنانيين. دخل النظام السوري على دم كمال جنبلاط وخرج على دم الشهيد رفيق الحريري. وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان بضغط عربي دولي رغماً عنه استمرّ بعد ذلك بالاغتيالات ولم يتوقّف".
سئل: هل سيرفع لبنان دعاوى قضائية ضد أركان النظام السوري؟ أجاب:" نعم من الضروري ذلك. وبعد تأليف الحكومة اللبنانية لا بدّ من رفع دعاوى قضائية بحق الضباط السوريين المتورطين باغتيالات بحق السياسيين اللبنانيين".
وقال رداً على سؤال:" تركيا دولة محورية وإقليمية، وفي زيارتي التقيت الرئيس رجب أردوغان، وكانت في سياق الوضع في سوريا، وكيف يتمّ دعم الإدارة الجديدة. وأرى أن التعاون التركي - السعودي سيغيّر الوضع في سوريا نحو الأفضل بكل تأكيد".
وبالنسبة إلى الوضع في السويداء، لفت إلى أن "الأمور في السويداء ستتبلور بين الأحزاب والحركات والمجتمع المدني، ولكنني فعلاً لا أريد أن أعطي دروساً في الوطنية أو السياسة. من يريد سوريا يجب أن يكون في دمشق ويتعامل مع دمشق. بالنسبة إلى السويداء لا أريد أن أدخل في هذا الموضوع. لهم تقاليدهم وعاداتهم وخصوصياتهم، وهم جزء من المجتمع السوري. لهم وضعهم الخاص، وأتجنب أيّ حديث في التفاصيل. وأنا عربي أولاً قبل أيّ انتماءات مذهبية. ولكنني أريد أن أشير إلى أن الثورة السورية الكبرى التي انطلقت من السويداء، والتي بدأها سلطان باشا الأطرش، هي العنوان الحقيقي للمرحلة، لأن الثورة السورية آنذاك هي التي وحّدت سوريا، وأعرف أن كثرًا من أهالي السويداء يدركون ذلك".
سئل: كيف تلقيت خبر هروب الأسد؟ أجاب:"عندما سيطرت الإدارة العسكرية على حلب وهرب جيش الأسد، قلت آنذاك في مذكراتي انتهى الأسد حينها، ومع بعض الأصدقاء في باريس قلت إن نظام الأسد انتهى، وكانوا ما يزالون في حلب فقط".
وأكد رداً على سؤال أنه بدأ بكتابة مذكّراته، وأنه قدّم للبنان وللحزب ما يمكن تقديمه، و"الآن تيمور يسير على النهج نفسه، وأوصيه بأن يتعلّم من تجربته الخاصة، ولا أعطيه توجيهات على الإطلاق".
ورداً على سؤال عن سرّ الانفراج الكبير في لبنان الذي أدى إلى حسم ملفَي رئيسَي الجمهورية والحكومة، قال:" ليس هناك سرّ، لكن هناك تغيرات إقليمية، ولبنان جزء منها، أدّت إلى الانفراج إذا صحّ التعبير. لقد سقط نظام البعث في سوريا في غضون أيام، وكذلك الضربات القاسية التي تلقاها حزب الله من إسرائيل. كنا نعيش في حال ما يسمّى توازن الرعب مع إسرائيل لكن هذا التوازن انهار. قد تمتلك مئات الصواريخ لكن إسرائيل تمتلك الآلاف من الصواريخ، بالإضافة إلى المعلومات، فضلاً عن الاختراقات في داخل حزب الله، بدءاً من اختراق أجهزة البيجر إلى اغتيال حسن نصرالله. كلّ هذه المعطيات، بالإضافة إلى نهاية النفوذ الإيراني في لبنان. وكما تعلم إيران حكمت لبنان 24 عاماً منذ تولّي بشار الأسد السلطة في سورية عام 2000.. كلّ هذا أدّى إلى انفراجة كبرى".
أضاف: "كنا من المطالبين بانتخاب الرئيس جوزف عون رئيساً للبنان، وكان من نتيجة الانفراجات انتخاب رئيس الحكومة نواف سلام الذي يتمتع بمصداقية عالية في لبنان، خصوصًا بعد الحكم الذي أصدره في المحكمة الدولية ضد مجرمي الحرب في إسرائيل".
وفي ما يتعلق بتعطيل التشكيل الحكومي اعتبر أن " هذه مشكلة قائمة في لبنان، ولكن لا بدّ أن ننبّه السياسيين اللبنانيين إلى هذا الأمر؛ فإسرائيل تستغلّ هذا الفراغ الحكومي، وما تزال تدمر القرى في الجنوب، وإذا ما تمّ التعطيل واستمر فإننا نعود إلى الماضي، وكأننا لم نجرِ اختيار رئيس حكومة جديد، وإسرائيل تستغلّ كلّ هذه الأشياء في لبنان باعتبار أنه لا توجد حكومة".
وعما إذا كان سبب التعطيل الجدل حول حقيبة المالية وما نصّ عليه اتفاق الطائف قال: "هذا ليس صحيحاً إطلاقاً. الاحتفاظ بأي حقيبة وزارية ليس من اتفاق الطائف، إلا إذا كان هذا حصل في الكواليس أن تكون حقيبة المالية لمكوّن مذهبيّ معيّن. لكن الأصل في الموضوع أن تكون الحقائب الوزارية مداورة، وأن تنتقل بين كلّ المكونات، وليست حكراً على مكون ما.أما وجود مثل هذا في اتفاق الطائف فليس صحيحاً".
وبالنسبة إلى رأيه بأن الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو من أسّس لـ"عرف" أن تكون المالية بيد المكون الشيعي، نفى ذلك، ورأى أن "هذا ليس صحيحاً، أو بالأحرى لا أذكر ذلك إطلاقاً؛ فوزارة المالية كانت متنقّلة بين كلّ المكونات السياسية والمذهبية في لبنان، وظهر لاحقاً في لبنان تصنيفات غريبة عجيبة، مثلاً خرجوا بفكرة وزارات سيادية وغير سيادية. مثلاً الدفاع والخارجية والداخلية هي وزارات سيادية، حسب التصنيف لبعض السياسيين في لبنان، ومنها إدراج وزارة المالية، وهذا ليس من الطائف بشيء. ودعني أقول إن هذا معيب في حق لبنان بأن هناك وزارات من الدرجة الأولى والثانية وأيضاً لبناني من الدرجة الأولى والدرجة الثانية".
اما عن موقفه من كل هذا الجدل، فأجاب:"موقفي الإسراع في التأليف الحكومي لأن هناك أخطاراً محيطة بلبنان. وأرى حروباً كبيرة في المنطقة، من غزة إلى الضفة إلى جنوب لبنان، لا بدّ لنا في لبنان من أن نكون متماسكين، وأن نتجاوز الفراغ الحكومي".
وعما إذا كان متشائماً قال: "هذا الواقع الحالي الذي تعيشه المنطقة، انظر إلى الفريق التوراتي في إسرائيل فهناك من يطالب باستيطان في جنوب لبنان، وفريق العمل الجديد في الإدارة الأميركية لا يرى وجوداً لفلسطين، والضفة هي للحلم التوراتي. نحن أمام مشهد مخيف، وهذا ينعكس على لبنان الذي يجب أن يتجنب كل أنواع التعطيل".
واعتبر ردًّا على سؤال أن "هناك مشهدًا جديدًا وأدوارًا جديدة في المنطقة. نحن نرى الدور السعودي الإيجابي العائد إلى لبنان بعد 15 عاماً، وأيضاً الانفتاح السعودي على سوريا، وهذا أمر مهم وإيجابي في المنطقة، وبالدرجة ينعكس على لبنان. وبالتالي، لبنان مرتبط بالتحوّلات الإقليمية".
وبالنسبة إلى قوة "حزب الله" وموقعه اليوم بعد الضربات الإسرائيلية، اعتبر أن " على السياسيين والعسكريين في حزب الله أن يدركوا أن الماضي انتهى، وأن عليهم التوجه إلى العمل السياسي وترك العمل العسكري. وكلام رئيس الجمهورية جوزف عون في خطاب القسم واضح، وهو أنه يجب أن يكون منهج لبنان، حين قال:"إن الذي بيننا وبين إسرائيل هي الهدنة»، لا نستطيع أن ندخل في حرب معلنة ضد إسرائيل لكن أيضاً لا نستطيع أن ندخل في تسوية، وهذا أضمن للداخل اللبناني".
وبالنسبة إلى ضرورة أن يذهب "حزب الله" إلى حوار مصارحة ومكاشفة، وأن يتحوّل إلى حزب سياسي، قال:" نعم هذا أمر صحيح، ولبنان بحاجة إلى ذلك، لكن هناك استحقاقات سريعة في الجنوب، منها الانسحاب الإسرائيلي وسيطرة الدولة على الجنوب بدلاً من أي قوة أخرى خارجة عن القرارات الدولية وعن اتفاق الطائف".
أضاف:" في المرحلة الحالية لا نريد توترات في داخل لبنان بالشكل الذي تقصده لحوار مع حزب الله حول موضوع السلاح. هناك حكومة جديدة ودولة، يجب أن يتمّ كلّ شيء عبر هذه الحكومة، ونزع السلاح من المليشيات كافة في لبنان، بما في ذلك السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وهذا ما تم عليه في الحوار في العام 2006. لبنان يتجه إلى مأزق كبير في حال رفضت إسرائيل الانسحاب من الجنوب، وفي استمرارها استباحة البشر والحجر. لكن لا مفر من المواجهة السياسية والوقوف صفاً واحداً وراء الجيش والدولة، وفي هذا المجال الأولوية تكمن في الإسراع في تشكيل الحكومة، وهذا فوق كل اعتبار".
سئل: هل تعتقد أن حزب الله تغير اليوم؟
أجاب:" أتمنى ذلك بكل صراحة، ولا أريد أن أتدخل في ولاءاته وفي عقيدته، وأن يعملوا على إعادة إعمار الجنوب وبعلبك والضاحية والمدن اللبنانية التي دمرتها إسرائيل، وأن يدركوا أن هناك «لبنان» جديداً بعد الزلزال الأخير الذي ضرب البلاد إثر عملية 7 أكتوبر".
وعما إذا كان لقاؤه أحمد الشرع قد جرى بالاتفاق مع حلفائه في لبنان، نفى ذلك، وقال:" كلا.. ذهبت وابني تيمور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان الشيخ سامي أبي المنى، وباعتباري رئيس تكتل نيابيّ ورئيساً سابقاً للحزب، مع بعض الشخصيات من الطائفة التوحيدية، فلم أمثّل أيّ أحد آخر. وكان لقاءً إيجابياً مع الشرع لأنني أعرف أن قوة ووحدة واستقرار سوريا من مصلحة لبنان والمنطقة، وبالتالي عنوان سوريا هو دمشق، ومن هنا جاءت زيارتي".
سئل: نقل عنك في وسائل الإعلام قولك: "يجب أن تنسوا ماضي أحمد الشرع، فهل هذا صحيح؟ أجاب: " لم أقل ذلك. قلت في كلمتي أمام الشرع يجب الاحتفاظ بسجن صيدنايا وسجن تدمر والسجون الأخرى، حتى تتعلم الأجيال القادمة ماذا فعل حزب البعث بالسوريين كما تفعل بقية الدول، فمعتقل صيدنايا يشبه معتقل «أوشفيتز» في بولندا".
وعما إذا كان الشرع قادرًا على أن يكون عنوان المرحلة الجديدة في سوريا، رأى أنه " يجب أن نعطي فرصة للشعب السوري الذي انتزع حريته من نظام البعث، وأعتقد أنه مع أحمد الشرع يستطيع أن يكمل مشروع سوريا الجديدة بعد الحوار الوطني المزمع عقده، وأيضاً على المجتمع الدولي دعم هذه الإدارة لتتمكّن من العمل وتحقيق الاستقرار".
سئل: لكن تصنيف الشرع إرهابياً ما يزال قائماً، فكيف تنظر إلى هذا الأمر؟ أجاب:"في الحرب الأهلية اللبنانية صنّفني الأميركيون إرهابياً، الكاثوليك الإيرلنديون صنّفوا أيضاً كحركة إرهابية، ولاحقاً صافحت ملكة بريطانيا أحد قادتها، وياسر عرفات تم تصنيفه لسنوات على أنه إرهابي، ثم حصل على جائزة نوبل للسلام. المهم الآن هو مساعدة سوريا في هذه المرحلة وعدم الالتفات إلى الأحاديث التحريضية ضد الإدارة العسكرية الجديدة".
وعن تصوّر الشرع للعلاقة مع لبنان، أوضح جنبلاط بأنه "كان جدّاً منفتحاً على الحوار مع لبنان، ولديه رغبة في فتح حوار واسع، وهذا هو المطلوب في المرحلة الحالية أن تكون العلاقات من دولة إلى دولة. كان هناك المجلس اللبناني - السوري الأعلى، وهذا لم يكن نافعاً وليس له أهمية. اليوم نتطلّع إلى الحوار دولة لدولة ضمن قواعد الاحترام المتبادل، ولقد لمست حرصه على هذه العلاقة".
قيل له: أنت ضيف دائم على كل من يحكم سوريا، من حافظ الأسد إلى الشرع، أجاب: "لقائي مع حافظ الأسد كان لقاء الضرورة نتيجة الأوضاع اللبنانية آنذاك، وكنت دوماً أختار طريق دمشق وسأبقى كذلك، ولا أريد حقيقة فتح صفحة الجروح لأنها باتت من الماضي".
وقال رداً على سؤال:"كان آخر لقاء مع الأسد في يونيو 2011، ويمكن أن أقول إن هذا اللقاء لا ينسى. وكانت الثورة السورية في بدايتها، سألته خلال الحديث «عليّ الأمان» فأجاب عليك الأمان، فقلت له ما هي قصة الطفل حمزة الخطيب. قال لي لم نعذبه... أجهزة الأمن قتلته وسلّمته لأهله... حينها صدمت من هذا الجواب. وأكملت الحديث، كان يقرأ كل ما يدور في رأسي ويستعدّ للأجوبة. وقلت له ماذا عن عاطف نجيب، مدير الأمن السياسي في درعا في تلك الفترة، الذي أمر بإطلاق النار على المتظاهرين، فأجاب كان على الآخرين أن يدّعوا عليه، ولكن لم يدّعِ عليه أحد، وكأن النظام السوري يقبل هذه الادّعاءات وكان يتحدّث كأنه في سويسرا".
وعمّا إذا كان يثق بوعود بشار الأسد حين كان في الحكم، قال:" أبداً إطلاقاً عرف بكذبه عالميًا".
سئل: بمَ كذب على لبنان؟ أجاب:" ليس على لبنان فقط، بل على الكلّ بمن فيهم حليفته تركيا التي كانت تربطه علاقة جيدة بها، وكذب على وزير الخارجية التركي السابق أحمد داوود أوغلو. كان يكذب حتى على المقرّبين منه. تصور أنه كذب على بثينة شعبان وأعطاها موعد لقاء لكنه كان يخطط للهرب".
سئل: كيف تصف بشار الأسد؟ قال:"شخص جبان، هرب من سوريا، ولم يدافع عن نفسه، حتى أن أخاه هرب من دون أن يبلغه وهرب ماهر إلى كردستان، ومن ثمَّ إلى روسيا".
وقال:" الأسد كان مشكلة لبنان. مارس كل أنواع الاغتيالات بحق اللبنانيين. دخل النظام السوري على دم كمال جنبلاط وخرج على دم الشهيد رفيق الحريري. وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان بضغط عربي دولي رغماً عنه استمرّ بعد ذلك بالاغتيالات ولم يتوقّف".
سئل: هل سيرفع لبنان دعاوى قضائية ضد أركان النظام السوري؟ أجاب:" نعم من الضروري ذلك. وبعد تأليف الحكومة اللبنانية لا بدّ من رفع دعاوى قضائية بحق الضباط السوريين المتورطين باغتيالات بحق السياسيين اللبنانيين".
وقال رداً على سؤال:" تركيا دولة محورية وإقليمية، وفي زيارتي التقيت الرئيس رجب أردوغان، وكانت في سياق الوضع في سوريا، وكيف يتمّ دعم الإدارة الجديدة. وأرى أن التعاون التركي - السعودي سيغيّر الوضع في سوريا نحو الأفضل بكل تأكيد".
وبالنسبة إلى الوضع في السويداء، لفت إلى أن "الأمور في السويداء ستتبلور بين الأحزاب والحركات والمجتمع المدني، ولكنني فعلاً لا أريد أن أعطي دروساً في الوطنية أو السياسة. من يريد سوريا يجب أن يكون في دمشق ويتعامل مع دمشق. بالنسبة إلى السويداء لا أريد أن أدخل في هذا الموضوع. لهم تقاليدهم وعاداتهم وخصوصياتهم، وهم جزء من المجتمع السوري. لهم وضعهم الخاص، وأتجنب أيّ حديث في التفاصيل. وأنا عربي أولاً قبل أيّ انتماءات مذهبية. ولكنني أريد أن أشير إلى أن الثورة السورية الكبرى التي انطلقت من السويداء، والتي بدأها سلطان باشا الأطرش، هي العنوان الحقيقي للمرحلة، لأن الثورة السورية آنذاك هي التي وحّدت سوريا، وأعرف أن كثرًا من أهالي السويداء يدركون ذلك".
سئل: كيف تلقيت خبر هروب الأسد؟ أجاب:"عندما سيطرت الإدارة العسكرية على حلب وهرب جيش الأسد، قلت آنذاك في مذكراتي انتهى الأسد حينها، ومع بعض الأصدقاء في باريس قلت إن نظام الأسد انتهى، وكانوا ما يزالون في حلب فقط".
وأكد رداً على سؤال أنه بدأ بكتابة مذكّراته، وأنه قدّم للبنان وللحزب ما يمكن تقديمه، و"الآن تيمور يسير على النهج نفسه، وأوصيه بأن يتعلّم من تجربته الخاصة، ولا أعطيه توجيهات على الإطلاق".
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
شمال إفريقيا
10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
اقتصاد وأعمال
10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
النهار تتحقق
10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته.
العالم
10/6/2025 5:00:00 PM
مرحبا من "النهار"...