لا دليل على حصول ساركوزي على أموال ليبية ولا على أن القذافي موّل حملته!

للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الفرنسية، حكم على الرئيس السابق نيكولا ساركوزي بالسجن خمس سنوات مع التنفيذ بعد بضعة أسابيع بتهمة "تحالف مع عصابة اشرار وترك مقربين منه يتواصلون مع ليبيا (على عهد الزعيم الليبي الراحل) معمر القذافي في حكم وصفه ساركوزي بأنه قاس بلهجة توتر وغضب امام محكمة باريس القضائية.
وحضر ساركوزي مع أبنائه الثلاثة وزوجته كارلا بروني. وقال: "سأنام في السجن ولن أخاف، لانني بريء".
وفور انتهاء الجلسة، أعلن عن عزمه على استئناف الحكم. ووصفت رئيسة المحكمة ناتالي غافارينو أن "الوقائع المنسوبة اليه بالغة الخطورة ومن شأنها تقويض ثقة المواطنين".
وحسب الحكم سيستدعى الرئيس السابق، وهو في السبعين، إلى السجن خلال شهر.
ورأت القاضية أنه "بصفته وزيراً قبل أن يكون رئيساً للبلاد ورئيسا لحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية ترك ساركوزي بين عامي 2005 و2007 مستشاريه السياسيين كلود غيان الذي عمل وزيرا للداخلية في عهد ساركوزي ... ووزير الداخلية السابق وصديقه بريس أورتوفو اجراء لقاءات سرية مع مسوؤل ليبي لا تفسر إلا بالسعي للحصول على أموال". غير أن القضاة لم يأخذوا برواية النيابة المالية التي قدمت ساركوزي كمستفيد من الفلسفات عبر تمويل ليبي لحملته الانتخابية، فبرؤوه من تهم التستر على اختلاس أموال عامة ليبية والفساد السلبي والتمويل غير المشروع لحملة انتخابية.
ووجدت المحكمة ان تحويلات مالية خرجت بالفعل من ليبيا لكن عناصر الملف لم تثبت ان هذه الأموال وصلت في نهاية المطاف إلى حملة ساركوزي .
فعلاً، إنه حكم مذهل كون لا إثبات على حصول ساركوزي على المال أو أنه مول حملته من القذافي. والأغرب أن ساركوزي هو الذي شن حرباً لقلب نظام القذافي وقتله، وإن يكن الزعيم الليبي أفلت ستة اشهر من الحرب عليه ولم يقل يوماً إنه مول ساركوزي. وكان القذافي قام بأول زيارة إلى فرنسا في عهد ساركوزي بعد رفع باريس الحظر الذي فرض عليه اثر اسقاط طائرة اليوتا الفرنسية وقتل مئات الركاب الفرنسيين والأفارقة. تجدر الإشارة إلى ان استقباله في باريس في كانون الأول / ديسمبر 2007 أثار انتقادات شديدة، اذ إن قصر الاليزيه في عهد ساركوزي وغيان وافق على نصب خيمة في قصر الضيافة بناء على طلب من القذافي الذي وصل إلى قصر الرئاسة الفرنسية بسيارة ميرسيدس بيضاء من نوع ليموزين طويل، وهو ما أثار سخرية في حينه.
وعام 2011، شاركت فرنسا مع بريطانيا والولايات المتحدة في عملية "هرمتان" العسكرية لإطاحة نظام القذافي.
ويتهم ساركوزي منذ زمن طويل بتلقي الملايين من القذافي دون أي إثبات. حتى ان مجلة "لو بوان" كتبت نسبت إلى مصادر عدة أن عميلاً فرنسياً كلف بقتل القذافي قبل ان يبوح باسراره . وقيل ان بشير صالح مدير مكتب السابق للقذافي الذي يسكن حاليا في جوهانسبورغ كان ينقل حقائب مال إلى ساركوزي لكن لم يكن هناك أي برهان على ذلك، وإنما إشاعة بان ساركوزي سهل انتقاله إلى أفريقيا. فلا شك أن عدم وجود إثبات على إيجاد الأموال يحول الحكم على ساركوزي إلى قساوة غير معهودة وقد تتسم بلون سياسي لكسر اليمين في فرنسا .