مراكز المعاينة الميكانيكية المقفلة: نهب معدات وتخريب مكاتب وما من مسؤول!

طاولات محطّمة، وغرفٌ منهوبة، ومداخل رئيسية مغلقة منذ أكثر من ثلاث سنوات تحوّلت إلى "منشر" لتجفيف الفرش. ومن مراكز كانت تضجّ بالمواطنين والطوابير الطويلة، إلى ساحات فارغة ومهملة يُنشر فيها الغسيل وتؤوي أحياناً قطعاناً من المواشي والحيوانات الضالة... هكذا غدت مراكز المعاينة الميكانيكية في لبنان، بعدما أُقفلت جميعها بقرار صادر عن وزير الداخلية السابق بسام مولوي في أيار 2022.
هذا الإقفال المستمرّ لم يُطفئ أنوار المراكز فحسب، بل انعكس ظلامه على الطرق اللبنانية التي باتت تعجّ بالسيارات المهترئة و"التعبانة"، ما يشكّل تهديداً يومياً للسلامة العامة، حتى أصبحت الحاجة إلى المعاينة ملحةٌ أكثر من أي وقت. فمن المسؤول عن هذا القطاع؟ وهل نشهد عودة قريبة للمعاينة؟
يشير رئيس الهيئة التأسيسية لنقابة عمال وموظفي المعاينة الميكانيكية في لبنان حسن الحسن، في حديث إلى "النهار"، إلى أنّ ملف المعاينة أهمل كثيرا خلال السنتين الماضيتين، مؤكداً أنّ مجهولين "دخلوا المراكز وحطموها ونهبوا معدات تقدّر قيمتها بملايين الدولارات".
ويضيف: "انهار هذا القطاع بالكامل بسبب الإهمال وعدم الاكتراث، فالمعدات على الأرجح، لم تعد صالحة لإعادة التشغيل بسبب التخريب الكبير التي تعرضت له، فضلاً عن تركها من دون صيانة لسنوات، فيما هي تحتاج إلى صيانة دورية".
بعد إقفال كل مراكز المعاينة الميكانيكية في أيار 2022 بقرار رسمي من وزير الداخلية السابق بسام مولوي، تعرّض هذا القطاع للنهب والتخريب. من المسؤول؟ وهل نرى عودة قريبة للميكانيك في لبنان؟ pic.twitter.com/WqvwkEuueq
— Annahar النهار (@Annahar) October 14, 2025
ويشدد على أن "النقابة أبلغت مرارا الجهات المعنية بموضوع التخريب والسرقات، ولكن لم يحصل أي تحرك، ولم يكن واضحاً من هي الجهة المسؤولة"، لافتاً إلى أن "وزارة الداخلية والشركة المشغلة تتقاذفان المسؤوليات: عندما نسأل الدولة تُحيلنا على الشركة، وحين نسأل الشركة تُحيلنا على الدولة. وربما لهذا السبب لم تُتخذ أي إجراءات لحماية مراكز المعاينة الميكانيكية".
إلى ذلك، تقول مصادر لـ"النهار" إن الدولة لم تتسلم المراكز بعد، إذ إنها لا تزال في عهدة الشركة المشغّلة القديمة والتي عملت طويلا رغم انتهاء مدة عقدها.
أما عن عودة المعاينة، فتكشف مصادر وزارة الداخلية لـ"النهار" أن الوزير أحمد الحجار مهتم بالملف وخصوصا بعد ارتفاع نسبة حوادث السير، وقد حضّ رئيس هيئة إدارة السير بالتكليف، محافظ بيروت مروان عبود على الإسراع في إعداد دفتر شروط المعاينة الميكانيكية، لإحالته على الوزارة التي ستقوم بدورها بإرساله إلى هيئة الشراء العام، تمهيداً للمضيّ في الملف وإطلاق المناقصة الجديدة.
في هذا الإطار، توضح مصادر هيئة إدارة السير أن دفتر الشروط يجري إعداده ليشمل تعاوناً مع القطاع الخاص، على غرار ما هو معتمد في الإمارات وفرنسا مثلاً، حيث تُمنح تراخيص لمرائب خاصة لتصليح السيارات تمكّنها من إجراء المعاينة، وتشير إلى أنّ العودة قد تكون قريبة.
وفي موضوع السرقات ومدى تأثيرها على إعادة تشغيل المعاينة، تشير المصادر إلى أن الشركة التي ستفوز بالمناقصة الجديدة ستتولى مراجعة المعدات الموجودة والإشراف على تشغيل مراكز المعاينة وتجهيزها بما يلزم.
لم يكن موظفو المعاينة الميكانيكية وحدهم المتضرّرين من هذا الإقفال، كما لم تتوقف تداعيات إهمال هذا القطاع على سلامة المواطنين فحسب، إذ لطالما شكّلت المعاينة مصدراً مالياً مهماً كان يُدرّ أرباحاً على خزينة الدولة.
ويبقى الأمل في التشغيل معلقا على الوعود، فهل تصدق؟