الشريك ورئيس الاستحواذات في "بيكر مكنزي" لـ"النهار": تحولات قوية في أسواق الشرق الأوسط

تشهد أسواق الدمج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط نشاطاً قوياً، يعكس ثقة المستثمرين في إمكانات اقتصاداتها، وتنامي شهية رؤوس الأموال الإقليمية والدولية لعقد صفقات نوعية في قطاعات متعددة، كما يشير إلى مرحلة جديدة من إعادة هيكلة الأصول وتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الشركات والمؤسسات عبر الحدود.
وتلعب مكاتب الاستشارات القانونية والمالية دوراً محورياً في إنجاز هذه الصفقات من خلال تقديم الخبرة المتخصصة لضمان الامتثال للإطار التشريعي والتنظيمي وتيسير المفاوضات المعقدة؛ ومع تنامي عدد هذه الصفقات وتنوعها تتزايد الحاجة إلى دعم احترافي يواكب سرعة وحجم التحولات في الأسواق.
في هذا السياق، يدير مكتب "بيكر مكنزي"، حزمة من الصفقات المتنوعة التي تمتدّ عبر قطاعات استراتيجية تشمل الطاقة، الرعاية الصحية، التكنولوجيا، والخدمات المالية، مع حضور متزايد في أسواق إقليمية بارزة بمنطقة الشرق الأوسط.
يتناول هاني ناصف، الشريك بالمكتب ورئيس إدارة الاستحواذات والاندماجات، مع "النهار" ملامح هذه الصفقات، كما يسلّط الضوء على التحوّلات الاقتصادية والتشريعية التي تشهدها المنطقة، ورؤيته لآفاق سوق الدمج والاستحواذ في المرحلة المقبلة.
في ما يأتي نص الحوار:
ما أبرز ملامح الصفقات التي يديرها المكتب حالياً؟ وهل تتركز جميعها داخل مصر؟
يتولى مكتب "بيكر مكنزي" حالياً إدارة ما يقارب الـ 25 صفقة دمج واستحواذ في مراحل مختلفة، تشمل قطاعات حيوية مثل الطاقة، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والتكنولوجيا، والصناعة. وتتنوع هذه الصفقات من حيث الحجم والنطاق، إذ تضمّ عمليات استحواذ استراتيجية وتحالفات تجارية عابرة للحدود.
وشهدت مصر خلال السنة المالية 2024 ارتفاعاً ملحوظاً في عدد صفقات الدمج والاستحواذ مقارنة بالعام السابق، ما يعكس اهتماماً متنامياً من المستثمرين المحليين والدوليين بالسوق المصرية، ولا سيما في ظل الإصلاحات الاقتصادية الجارية.
ورغم أن أغلب هذه الصفقات تتركّز داخل مصر، فإن عدداً منها يمتدّ إلى أسواق أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، ما يعكس الطابع الإقليمي لأنشطة المكتب.
هل يدير المكتب صفقات خارج السوق المصرية؟ وما أبرز ملامحها؟
نعم، للمكتب حضور قوي في صفقات عابرة للحدود، وتحديداً داخل منطقة الشرق الأوسط. ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن شركة المحاماة العالمية "بيكر مكنزي"، استناداَ إلى بيانات إل إس إي جي (LSEG) الخاصة بأنشطة صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية المعلنة، فقد بلغ عدد الصفقات الإقليمية التي تمّ تنفيذها في مصر بشكل عام، خلال عام 2024، نحو 16 صفقة، وهو ما يعكس تركيزاً واضحاً على الصفقات الإقليمية والدولية.
وبرزت المملكة العربية السعودية كأكبر وجهة غير مصرية للصفقات الصادرة خلال العام بـ 5 صفقات، تلتها الأردن والإمارات العربية المتحدة، كلّ منهما بـ 3 صفقات. ويعكس هذا التوسّع اهتماماً متزايداً من قبل المستثمرين بالفرص المتاحة في هذه الأسواق، ولا سيما السوق السعودية، خاصة في ظلّ التحولات الاقتصادية والتنظيمية التي تشهدها المملكة.
ما تفاصيل مشاركة المكتب في صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة؟
نفخر بكوننا المستشار القانوني للحكومة المصرية في صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة، وهي من أكبر صفقات الاستثمار المباشر في تاريخ السوق المصرية، حيث تولى المكتب مسؤولية تقديم الاستشارات القانونية الكاملة للحكومة، بما في ذلك هيكلة الصفقة وتنسيق الجوانب التشريعية والتنظيمية، ما ساهم في تهيئة بيئة قانونية ملائمة لتنفيذ الصفقة.
وتُعدّ هذه الصفقة نموذجاً ناجحاً يعكس الثقة المتزايدة في السوق المصرية، خاصة مع الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، وعلى رأسها تحرير سعر الصرف، الذي أسهم في تحسين مناخ الاستثمار وفتح المجال أمام تنفيذ صفقات بهذا الحجم.
وكيف ترون التحولات الاقتصادية في مصر وتأثيرها على بيئة الاستثمار؟
شهد الاقتصاد المصري تحولات جوهرية عززت ثقة المستثمرين، أبرزها تحرير سعر الصرف الذي شكل نقطة انطلاق لتحسين البيئة الاستثمارية، إضافة إلى اهتمام متزايد من المستثمرين الأجانب بقطاعات الطاقة والسياحة والخدمات الاستهلاكية.
كذلك، شهدت مصر إصلاحات تشريعية مهمة شملت قانون حماية المنافسة، قانون العمل الجديد، قانون الضريبة الموحدة، وتفعيل نظام الرخصة الذهبية، ما ساهم في تسهيل الإجراءات وتقليل البيروقراطية.
ويعكس إطلاق أول سوق طوعية لتداول شهادات الكربون أيضاً التزام الدولة بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر، ويعزز جاذبية مصر للاستثمارات المستدامة.
وهل تشكل التحديات الجيوسياسية المحيطة عائقاً أمام استقطاب الاستثمارات؟
رغم التحديات الإقليمية، أثبتت السوق المصرية قدرتها على جذب الاستثمارات بفضل الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية، خاصة أن وضوح السياسات المالية وتحرير سعر الصرف وتيسير الإجراءات جميعها عوامل ساعدت في تعزيز ثقة المستثمرين، ما جعل هذه التحديات أقل تأثيراً مقارنة بما تحقق من استقرار نسبي في البيئة الاستثمارية.
وكيف يمكن تحقيق التوازن بين تحصيل الإيرادات الضريبية وتحفيز الاستثمار في مصر؟
يتطلب الأمر تشريعات مرنة تحفّز الاستثمار من دون المساس بقدرة الدولة على تحصيل الإيرادات.
وقد ساهم تعديل قانون الضريبة الموحّدة في تبسيط الإجراءات، ما عزز ثقة المستثمرين وساعد على خلق بيئة أعمال أكثر تنافسية، من دون الإضرار بالحصيلة الضريبية.
ما أبرز مقترحاتكم لتبسيط الإجراءات الضريبية وتحفيز الاستثمار؟
نرى أن تبسيط وتنقية القوانين واللوائح واستقرارها، وتقليل الموافقات اللازمة، وتحديد مدد وآليات واضحة لإصدارها، كلّها خطوات تعزّز ثقة المستثمرين.
كما أن الاهتمام بمنظومة العدالة، والتوسع في آليات التصالح المرنة لتقليل القضايا الضريبية، وحصر الضرائب والرسوم بوضوح وشفافية، تمثل جميعها محاور أساسية لتحفيز الاستثمار وزيادة جاذبية السوق.