"مراسي رد سي"... شراكة سعودية-إماراتية تُدشّن عصراً جديداً للنهوض الاقتصادي في مصر

في خطوة استراتيجية تعكس التوجه المصري نحو استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للسياحة والتنمية العمرانية، شهدت العاصمة الإدارية الجديدة في مصر توقيع اتفاقية استثمارية كبرى بين الحكومة المصرية وتحالف إماراتي–سعودي، لإنشاء مشروع سياحي متكامل على ساحل البحر الأحمر باستثمارات تزيد عن 900 مليار جنيه مصري (18.5 مليار دولار)، وبمساحة تمتد على 10 ملايين متر مربع.

المشروع الجديد "مراسي رد سي"، الذي يقام بالشراكة بين "إعمار العقارية" الإماراتية و"سيتي ستارز" السعودية، يأتي في إطار خطة طموحة لتطوير الوجهات السياحية المصرية، وتحقيق مستهدفات رؤية مصر 2030، التي تسعى إلى رفع أعداد السياح إلى 30 مليون سائح سنوياً بحلول 2028، بالتوازي مع استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 42 مليار دولار خلال العام المالي الحالي بداية من مطلع تموز (يوليو).

مراسم توقيع عقد إنشاء المشروع السياحي مراسي البحر الأحمر (وكالات)

عوائد اقتصادية وتنموية واسعة

ووفقاً لبيانات مجلس الوزراء المصري، من المتوقع أن يوفر المشروع ما بين 150 و170 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال فترة الإنشاء، إضافة إلى نحو 25 ألف وظيفة دائمة عقب اكتمال التشغيل، ما يجعله محركاً مهماً لسوق العمل في قطاعات السياحة والضيافة والإنشاءات والخدمات اللوجستية.

ويؤكد رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تضع ملف السياحة والتنمية العمرانية ضمن أولوياتها القصوى، موضحاً أن الفترة المقبلة ستشهد تدفق استثمارات ضخمة في هذا المجال، سواء على سواحل البحر الأحمر أم على الساحل الشمالي، بهدف تحويلهما إلى وجهتين سياحيتين ناشطتين على مدار العام.

ويضيف أن إنشاء مارينا عالمية لليخوت ضمن المشروع سيُسهم في تحقيق قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد المصري.

ويتواكب ذلك مع تحسن ملحوظ في مؤشرات القطاع السياحي المصري، إذ كشفت البيانات الرسمية عن تحقيق إيرادات سياحية بلغت 12.5 مليار دولار خلال الفترة من تموز (يوليو) 2024 إلى آذار (مارس) 2025، بزيادة قدرها 14.7% مقارنة بـ10.9 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام السابق.

نافذة استراتيجية 

وتعليقاً على ذلك، يرى الرئيس التنفيذي لمجموعة "سوليد كابيتال أفريقيا والخليج العربي"، محمد رضا، في تصريح  إلى"النهار"، أن المشاريع السياحية العملاقة التي تنفذها الشركات الخليجية بالتعاون مع الحكومة المصرية على سواحل البحرين الأحمر والمتوسط تمثل نافذة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات الأجنبية الطويلة الأجل.

ويضيف أن هذه المشاريع تتجاوز كونها تطويراً عقارياً أو سياحياً إلى كونها جزءاً من رؤية شاملة تهدف إلى ترسيخ مكانة مصر كمركز إقليمي للاستثمار والسياحة، وتعزيز روابطها الاقتصادية مع دول الخليج، بما يحقق تكاملاً إقليمياً في قطاع حيوي قادر على دفع النمو المستدام لعقود مقبلة.

عوائد مباشرة

ويشير  إلى أن هذا المشروع يأتي امتداداً للنجاح الذي حققته الحكومة المصرية بإبرام صفقات عملاقة في قطاعي السياحة والتطوير العقاري، ولا سيما بعد مشروع "رأس الحكمة" على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويعكس قدرة الدولة على جذب تدفقات رأسمالية ضخمة في وقت تسعى فيه الحكومة لاستقطاب 42 مليار دولار كاستثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي الحالي، دعماً لخطة مبادلة القروض القائمة باستثمارات مباشرة، بما يسهم في خفض الدين الخارجي وتحسين هيكل الاقتصاد المصري على المدى الطويل.

ويتوقع أن يُسهم المشروع في تحقيق عوائد اقتصادية مباشرة أبرزها، دعم القطاع السياحي بقوة عبر جذب السياح العرب والأجانب وزيادة موارد النقد الأجنبي، وخاصة في ظل استهداف سياحة فاخرة عالية الإنفاق ترفع متوسط الدخل من السائح الواحد إلى مستويات غير مسبوقة، بالإضافة إلى تعزيز نشاط مطار الغردقة وميناء سفاجا.

بالإضافة إلى عوائد اقتصادية مثل زيادة موارد النقد الأجنبي، الإيرادات المرتبطة بالضرائب ورسوم تراخيص المراسي الدولية وخدمات المطارات والموانئ.

ويضيف أن العوائد الاقتصادية تتضمّن أيضاً فتح الباب أمام تنمية قطاعات صناعية وخدمية محلية وجذب استثمارات أجنبية في صناعات مواد البناء والطاقة الخضراء وتحلية المياه وإدارة المخلفات، فضلاً عن اللوجستيات والنقل البحري والجوي والبري، بما يخلق شبكة مصالح اقتصادية متكاملة تدعم الاقتصاد الوطني وتوفر آلاف فرص العمل، كما تمثل فرصة تاريخية لبناء منظومة سياحية متكاملة قادرة على منافسة الوجهات الإقليمية والدولية، وتحويل مصر إلى مركز رئيسي للسياحة العالمية.