كيف سيستفيد الخليج من صفقة ترامب مع إنفيديا والصين؟

بينما تنتظر دول الخليج وضوح نظام التراخيص الذي سينظم وارداتها السنوية من مئات الآلاف من أشباه الموصلات الأميركية المتقدمة الموعودة، قدّم اتفاق البيت الأبيض مع شركتي Nvidia و AMD لبيع رقائق أقل تطورًا إلى الصين بعض التطمينات.
فبموجب اتفاق تقاسم الإيرادات الذي وقّعه الرئيس دونالد ترامب في 10 آب/أغسطس، ستمنح الشركتان الحكومة الأميركية نسبة 15% من جميع مبيعاتهما في الصين من شرائح الذكاء الاصطناعي H20 و MI308، على التوالي، مقابل الحصول على موافقة وزارة التجارة لتصدير هذه المنتجات.
هذا الاتفاق لا يؤثر مباشرة على الأطر الخاصة بنقل كميات ضخمة من أشباه الموصلات الأميركية المتطورة، التي تم التوصل إلى تفاهم مبدئي بشأنها بين ترامب وقيادات من الإمارات والسعودية تحديدًا قبل وخلال زيارة الرئيس الأميركي إلى الخليج في منتصف أيار/مايو.
لكن الاتفاق يضع نبرة أكثر وديّة في العلاقات التكنولوجية الأميركية – الصينية مقارنة بإدارة جو بايدن السابقة، ويشير بشكل عام إلى أن البيت الأبيض يعتزم دعم المبيعات الخارجية حتى للمنتجات الحساسة.
وبحسب محمد سليمان، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن ومؤلف الكتاب المرتقب “غرب آسيا”، فإن دول الخليج التي تسابق لبناء مراكز ذكاء اصطناعي عالمية المستوى، مع الحفاظ على علاقات اقتصادية قوية مع كل من الولايات المتحدة والصين، يمكن أن تستفيد من “تراجع الاحتكاك في ديناميكيات الرقائق” بين الطرفين.
وقال سليمان لـ AGBI: “الخليج وجنوب شرق آسيا، وأي منطقة أخرى متلقية للرقائق وبنية الذكاء الاصطناعي، تفضّل منافسة أقل عدائية بين واشنطن وبكين، لأنها تتيح لها المناورة بين القوتين العظميين دون عواقب تجارية أو أمنية".
وفي اتفاق سابق مهد الطريق لشركة G42 الإماراتية لإبرام شراكة بقيمة 1.5 مليار دولار مع مايكروسوفت العام الماضي، تخلّت الشركة عن حصصها في شركات تكنولوجيا صينية وقطعت علاقاتها مع هواوي لتهدئة مخاوف الأمن القومي الأميركي.
أما الالتزامات الأحدث والأوسع نطاقًا لنقل أشباه الموصلات الأميركية إلى شركات محلية وأميركية في الإمارات والسعودية وقطر خلال الربيع الماضي، فما تزال بانتظار تحديد الشروط التي ستفرضها واشنطن للموافقة على هذه الصادرات ذات الاستخدام المزدوج.
ووفق ما نقلته وول ستريت جورنال الشهر الماضي، فقد تأخر حسم النظام الذي سيشرف على المبيعات إلى الإمارات تحديدًا، مع معارضة بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية لاحتمال أن يمنح ذلك الصين منفذًا خلفيًا إلى هذه التكنولوجيا المتطورة.
كما تعرّض اتفاق ترامب مع Nvidia وAMD بشأن نسبة الـ 15% لانتقادات حادة، واعتُبر ترتيبًا غير مسبوق قائمًا على “ادفع لتلعب” ويقوّض الأمن القومي الأميركي، لكنه لا يزال قائمًا مؤقتًا بانتظار استكمال التفاصيل القانونية.
وأشار وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت الأسبوع الماضي عبر قناة بلومبرغ إلى أن البيت الأبيض يفكّر في توسيع هذا النموذج ليشمل ليس فقط صفقات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بل قطاعات تصديرية كاملة أخرى.
ووفقًا لـ ثيا كندلر، الشريكة في مكتب المحاماة Mayer Brown في واشنطن، من المبكر تحديد ما إذا كانت مبيعات أشباه الموصلات إلى الخليج ستخضع لإطار مماثل، لكنها أكدت أن الأمر يستحق المتابعة.
وقالت كندلر، التي شغلت منصب مساعدة وزير التجارة لشؤون إدارة الصادرات في عهد بايدن: “مقابلة وزير الخزانة سكوت بيسنت أوضحت بجلاء أنهم يعتبرون هذا اختبارًا أوليًا. لذلك علينا أن نرى ما إذا كانت إدارة ترامب ستتبنّى هذا النموذج في كيفية تعاملها مع تراخيص بيع الرقائق للإمارات والسعودية".
وفي مذكرة بتاريخ 14 أغسطس، وصف دانيال آيفز، المدير الإداري وكبير محللي الأسهم التقنية في شركة Wedbush Securities بنيويورك، اتفاق تقاسم الإيرادات بين البيت الأبيض وNvidia وAMD بأنه “غير مألوف للغاية” ومن المرجح أن يثير المزيد من التساؤلات، لكنه في الوقت نفسه يمثل “إشارة إيجابية أخرى لأسهم التكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي خلال الـ 12 إلى 18 شهرًا المقبلة".
ويرى محللو Wedbush أن ترامب يسعى عبر تخفيف قيود التصدير إلى الصين لرقائق من الدرجة الثانية إلى تحقيق “توازن دقيق” بين حماية المصالح الأمنية الأميركية والحفاظ على هيمنة أميركا على حصتها في السوق العالمية في “سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي” مع بكين.
وأضافوا أن الشرق الأوسط هو “مثال مثالي” على كيفية سعي أميركا لترسيخ تكنولوجيتها لدى الحلفاء والشركاء، مشيرين إلى أن السعودية والإمارات ودولًا أخرى في طور بناء استراتيجيات وبنى تحتية للذكاء الاصطناعي ستعتمد على شركات مثل Nvidia، Microsoft، Alphabet، Google، Palantir، AMD وغيرها في الرقائق ومراكز البيانات والتطبيقات.