جدل "القرض الحسن" إلى الواجهة مجدداً: مخالفات تحت غطاء القانون

بعد أيام قليلة من إبرام اتفاق قرار وقف النار، بادرت مؤسسة "القرض الحسن" إلى إعلان إعادة افتتاح 16 فرعا لها موزعة بين بيروت والضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع. هذه المؤسسة اعتبرها الجيش الإسرائيلي من أهداف حربه، باعتبار أنها "تمول قسما كبيرا من نشاطات حزب الله"، وعمد مرارا إلى استهداف بعض فروعها، وأبرزها في حي السلم والشياح وصور.
اقرأ أيضاً: استهداف إسرائيلي لـ"القرض الحسن": ضرب البنية الاقتصادية لـ"حزب الله"!
إثر هذه الاستهدافات المباشرة، ظن كثر أن المؤسسة التي لطالما كانت محط جدل قد انتهت، علما أنها تقوم بمهمة المصارف من ناحية الإقراض والإيداع، وقد عمدت إلى استحداث صرافات آلية، فيما لا تزال خارج المنظومة المالية والمصرفية اللبنانية. هذا الجدل لم يتوقف قبل الحرب وخلالها، ويبدو أنه سيستمر بعدها، إذ صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية" بيان اعتبرت فيه أنه "نتيجة لقرارات مجلس الوزراء الأخير في 27/11/2024 الذي صادق فيه على التفاهم تطبيقا للقرار رقم 1701، بات يُفترض في "حزب الله" العودة إلى الدولة، وشرعنة ومؤسساته كافة، ومنها جمعية القرض الحسن، قبل إعادة افتتاح أي فرع لها".
في هذا السياق، يوضح المدير الإعلامي في مؤسسة "القرض الحسن" علي هزيمة أن "الجمعية لا تحتاج إلى رخصة من مصرف لبنان لقوننة عملها لكونها خدماتية غير ربحية، بل تحتاج فقط إلى علم وخبر من وزارة الداخلية والبلديات، وهذا ما استحصلت عليه عام 1987. ووفقا لهذا العلم والخبر، تطلع وزارة الداخلية على كل الخدمات التي نقدمها إلى أهلنا وعلى نتائج انتخابات أعضاء الجمعية التي تحصل دوريا"، واضعا بيان "القوات" في سياق "الجبهة السياسية الداخلية التي تعمل على ضرب المقاومة وبيئتها".
ويكشف هزيمة لـ"النهار" أن 90٪ من فروع المؤسسة دمّر جزئيا أو كليا جراء الحرب الأخيرة، مشددا على أن "الأضرار اقتصرت على الفروع ولم تطل أمانات الناس"، وموضحا أنه "بعد حرب تموز كانت لدينا الجرأة الكافية للاعتراف بأن أحد مخازن الذهب قد تضرر، وعوّضنا كل من كان لديه غرام ذهب في جمعيتنا، لكن هذا لم يحصل اليوم وسنعمل على إيجاد بدائل لكل فروعنا التي دمّرت كليا، وخدماتنا التي كنا نقدمها قبل الحرب ستضاف إليها خدمات جديدة قريبا".
ويعترف بأن متغيرات طرأت بعد انتهاء الحرب وفتح الفروع، أبرزها التأخر بضعة أيام في عملية فك الرهن وتسليم الذهب لأصحابه في حال سداد كل قيمة القرض، معتبرا أن "هذا التأخير سببه الإجراءات التي من شأنها ضمان أمانات الناس".
وتعتبر جهات اجنبية وعربية عدة "القرض الحسن" جزءاً أساسياً من البنية التحتية المالية لـ"حزب الله" وفقاً لما قاله المحامي الدولي، المستشار أول السابق لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، آدم سميث، لقناة "الحرة"، مشيراً إلى أن الجمعية "أقامت دولة داخل دولة، ومنعت اللبنانيين من تأسيس نظام مالي مستقر، مما جعلها هدفاً للعقوبات الدولية على مدى العقدين الماضيين، والآن أصبحت هدفاً للضربات العسكرية الإسرائيلية."
يذكر أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات على "القرض الحسن" عام 2007، وأعقبتها بعقوبات إضافية في 2021 على ستة موظفين فيه، اتهمتهم باستخدام حسابات شخصية في مصارف لبنانية لتحويل أكثر من 500 مليون دولار إلى الجمعية ومن خلالها على مدار العقد الماضي، مما أتاح لـ "القرض الحسن" الوصول إلى النظام المالي الدولي عبر هذه الحسابات.
وف يما يتعلق بقضية أجهزة الصراف الآلي التي وضعتها الجمعية عقب الأزمة المالية، تشير مصادر مصرفية إلى أن "هذه الأجهزة غير قانونية، وكان ينبغي على مصرف لبنان أن يتخذ إجراءات قانونية لمصادرتها"، وتؤكد "لم يتم شراء هذه الأجهزة عبر القنوات الرسمية، حيث تباع فقط للمؤسسات المصرفية المرخصة من قبل السلطات النقدية".