كيف تُغيّر الخوارزميّات طريقة تعلّم طلاب اليوم؟

يشهد التعليم حول العالم تحوّلاً غير مسبوق مع دخول أدوات الذكاء الاصطناعي إلى الصفوف. من كتابة النصوص إلى حلّ المسائل المعقّدة، أصبح بإمكان الطلاب الوصول إلى تقنيات لم تكن متاحة قبل سنوات قليلة. لكن هذا التقدّم يطرح أسئلة جوهرية: كيف يمكن الحفاظ على التفكير النقدي والإبداعي في زمن الإجابات الجاهزة؟ وهل تستطيع المدارس الاستفادة من هذه التقنيات دون أن تفقد قيمها التربوية الأساسية؟
الذكاء الاصطناعي محفّز للتفكير
الخبيرة التربوية في التعليم والتدريب ليال غدار ترى أنّ الهدف يجب أن يكون تحويل الذكاء الاصطناعي من أداة للاستهلاك السريع إلى وسيلة لبناء مهارات التحليل والنقد. وتقترح أنشطة عملية مثل:
كتابة مسودات باستخدام الذكاء الاصطناعي ثم إعادة صياغتها بأسلوب الطالب الخاص.
مقارنة ما ينتجه مع مصادر موثوقة لكشف الأخطاء أو التحيّزات.
مناقشة النتائج في الصف لإشراك الطلاب في تحليلها وتقييمها.
بهذا، يصبح التعلم تفاعلياً، ويحتفظ الطالب بدوره في التفكير والإبداع.
دور المعلّم في العصر الرقمي
تشدّد غدار على أنّ المعلّم يبقى محور العملية التربوية حتى مع التطوّر التكنولوجي. فدوره يتحوّل من مصدر أساسي للمعلومات إلى موجّه يساعد الطلاب على طرح الأسئلة الصحيحة، تقييم الإجابات، وبناء مواقف نقدية من المواد المتاحة رقمياً. وهذا يتطلّب تدريباً مستمراً للمعلّمين على استخدام الأدوات الرقمية بفعالية، كي يصبحوا شركاء حقيقيين في دمج التكنولوجيا بالتعليم.
مناهج وأساليب تقييم جديدة
تشير غدار إلى ضرورة تحديث المناهج بحيث تضمّ أنشطة بحث وتحليل، إلى جانب تقييمات تركّز على تفسير الإجابات، المشاريع القصيرة، والأسئلة المفتوحة، بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين. كما تدعو إلى تدريب الطلاب على مهارات المواطنة الرقمية، بما في ذلك احترام الخصوصية والملكية الفكرية أثناء استخدامهم لهذه الأدوات.
خمس أدوات يعتمد عليها طلاب المدارس
وفق أحدث الأبحاث، هذه أبرز الأدوات التي تدعم التعلّم المدرسي:
ChatGPT – Study Mode: لتوليد الأفكار وإنشاء اختبارات وبطاقات مراجعة تفاعلية.
Google Gemini for Education: لتصميم أنشطة تعليمية واختبارات شخصية داخل Google Workspace.
QANDA: لحل المسائل الرياضية خطوة بخطوة باستخدام نموذج MathGPT المتخصّص.
Quizlet: لإنشاء بطاقات تعليمية واختبارات تفاعلية تدعم المذاكرة الذكية.
Grammarly Docs: لتصحيح النصوص واقتراح مصادر ومساعدة الطلاب في تحسين كتاباتهم.
كلها أدوات يمكن أن تدعم التعلّم إذا استُخدمت تحت إشراف تربوي واضح.
لبنان: الواقع والحلول
رغم أنّ العالم يتجه سريعاً نحو التعليم الرقمي، تشير غدار إلى أنّ لبنان يواجه تحديات مثل ضعف الإنترنت ونقص التجهيزات. لكنها ترى أنّ الحل يكمن في خطط تدريجية لتطوير البنية التحتية، تدريب المعلمين، ووضع سياسات تحمي بيانات الطلاب وتشجّع على الاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا. الهدف هو أن تتحوّل هذه الأدوات إلى فرصة لتعزيز التفكير النقدي والإبداعي، لا إلى بديل من العقل البشري ودوره في التعلم.