رسالة نصية تكشف إمبراطورية سرقة الهواتف

في حادثة بدأت بواقعة شخصية، وانتهت بكشف شبكة إجرامية دولية، تمكن خبير الأمن السيبراني الإسباني مارتين فيجو من تتبع عصابة معقّدة متورطة في سرقة الهواتف الذكية وبيانات المستخدمين، بعد أن سُرق هاتف شريكته خلال حفل موسيقيّ في ربيع هذا العام.
بداية القصة: رسالة غامضة تتحول إلى خيط تحقيق
بعد يومين من الحادثة، تلقّى فيجو رسالة نصيّة تزعم أنها صادرة عن خدمة iCloud التابعة لشركة "أبل"، مرفقة برابط بدا مشبوهاً. وبفضل خبرته في الأمن الرقمي، قرر تتبع مصدر الرسالة، ليكتشف أن الأمر يتجاوز محاولة احتيال فردية، بل يتعلّق بشبكة منظّمة تعمل عبر أوروبا وأميركا اللاتينية وآسيا.
وبحسب التحقيقات، نجحت الشرطة بين عامي 2022 و2024 في تفكيك أجزاء من هذه الشبكة في 6 دول، واعتقلت 17 شخصاً، غير أن نشاطها عاد إلى الظهور أخيراً.
سرقة متطوّرة تتجاوز الجهاز نفسه
صرّح فيجو لصحيفة El Pais الإسبانية بأن العصابة لم تعد تكتفي بسرقة الهواتف وبيعها، بل ابتكرت منظومة متكاملة تشمل:
سرقة الهاتف ونقله للخارج.
محاولة كسر القفل الرقميّ للاستيلاء على بيانات الضحية وحساباته البنكية.
تفكيك الجهاز وتعديله لإعادة بيعه في أسواق أخرى.
وتشير بيانات وزارة الداخلية الإسبانية إلى تسجيل 120,510 بلاغات سرقة هواتف في عام 2024، مقارنة بـ 162,000 حالة في 2019، وهو انخفاض نسبيّ بعد جائحة كورونا، لكن الهواتف ما زالت تمثل هدفاً مغرياً للعصابات لما تحويه من بيانات مصرفية وشخصية.
تقنيات احتيالية وسرقة رموز PIN
من أبرز أساليب العصابة إرسال رسائل نصية موجّهة بدقة إلى كلّ ضحية، تبدأ بصفحة رسمية حقيقية لكسب الثقة، ثم تنتقل إلى موقع مزيّف مطابق لموقع iCloud لسرقة رمز PIN الخاص بالمستخدم.
ويعتبر فيجو أن هذا الرمز أكثر خطورة من البصمة أو التعرف على الوجه، لأنه يسمح بمسح بيانات الضحية البيومترية واستبدالها، ثم الوصول إلى التطبيقات البنكية والمحافظ الإلكترونية مثل Apple Wallet.
الشرطة الإسبانية أوضحت أن العصابة أنشأت أكثر من 5,300 موقع إلكتروني مزيّف، واستطاعت فتح نحو 1.3 مليون هاتف ذكيّ متطوّر حول العالم، بينها 30 ألف جهاز في إسبانيا وحدها.
التفكيك وإعادة البيع عبر الصين
عندما تفشل العصابة في سرقة رمز PIN، يتم شحن الأجهزة إلى الصين، حيث تُجرى عمليات تقنية معقّدة لتغيير مكونات الهاتف، بما في ذلك رقم IMEI، لإعادة طرحه في الأسواق الدولية وكأنه هاتف أصلي.
ويشير فيجو إلى أن عملية إعادة برمجة IMEI بالغة التعقيد، لأنها تتطلب خبرة تقنية عالية، خاصة أن شركة أبل تملك أنظمة قادرة على كشف المكونات غير الأصلية.