في غرفة عمليات بمستشفى الحياة الدولي في مدينة الموصل، ارتفع صوت العود في لحظة لا تشبه أي لحظة أخرى، حين قرر فريق طبي عراقي أن يحوّل الخطر إلى لحن، والجراحة المعقّدة إلى أداء حيّ لإنقاذ حياة إنسان وعلى أنغام "إنت عمري" لأم كلثوم.

مطرب وعازف عود من مدينة زاخو، كان يواجه ورماً دماغياً معقّداً تطلّب تدخلاً جراحياً شديد الحساسية. لكن المفاجأة لم تكن في طبيعة الورم فحسب، بل في الأسلوب الفريد الذي اختاره الأطباء: إبقاء المريض في حالة وعي تام، ومراقبة وظائفه العصبية أثناء الجراحة عبر موسيقاه.

View this post on Instagram

A post shared by Annahar Al Arabi (@annaharar)

ونشر الحساب الرسمي لمستشفى الحياة الدولي مقطع الفيديو، مرفقاً إياه بتعليق جاء فيه: "في واحدة من أندر اللحظات داخل مستشفى الحياة الدولي، أصرّ المريض على أن يمسك عوده ويعزف أثناء الجراحة. ورغم دقة العملية، كنا نعمل بثقة... لأن عزفه كان يقول لنا: أنا بخير. قصة نجاح نادرة، ملهمة، وإنسانية بكل ما للكلمة من معنى".

تعليق الحساب الرسمي لمستشفى الحياة الدولي على مقطع فيديو الجراحة (إنستغرام)

الدكتور أسامة المشهداني، مؤسس مستشفى الحياة الدولي ورئيس جامعة نينوى، صرّح لـ"وكالة شفق نيوز" بأن العزف لم يكن رمزياً على الإطلاق، بل أداة علمية دقيقة لتتبع استجابة الأعصاب أثناء العملية، وخصوصاً تلك المسؤولة عن حركة اليدين والتناسق الحركي. وقال: "كل نغمة كان يعزفها المريض كانت بمثابة اختبار حيّ لوظائف دماغه".

العملية نفّذها الجراح العراقي المعروف الدكتور يحيى الجحيشي، وسط بيئة طبية عالية التعقيم شملت حتى آلة العود، حرصاً على سلامة المريض.

ورغم أن هذا النوع من العمليات جرى في دول قليلة مثل سويسرا وفرنسا، فإنها تُعد خطوة نادرة وغير مسبوقة في العراق، وتعكس تطور الجراحة العصبية في البلاد.

خلال عملية إزالة ورم من دماغه... مريض يعزف على الساكسفون! (فيديو)

وختم المشهداني تصريحه بالقول: "نترقب نتائج المتابعة الطبية لما بعد العملية، ونأمل أن تفتح هذه الخطوة آفاقاً جديدة أمام الطب العراقي".