يحتلّ لباس الحبر الأعظم موقعاً فريداً في الذاكرة الكنسيّة، إذ لا يُنظر إليه بوصفه زينةً احتفاليّة فحسب، بل كعلامة هويّة روحيّة تُجسّد امتداداً لتقليد رسوليّ عمره أكثر من ألفي عام.

فكل قطعة من ثياب البابا، لوناً وقماشاً وتطريزاً، تحمل في تفاصيلها معنى لاهوتياً ورمزاً يعبّر عن دور خليفة بطرس في قيادة الكنيسة الجامعة.

وفي مواكبتنا لقدوم البابا لاوون إلى لبنان، نسأل عن رموز إطلالته البيضاء التي طبعت حضور الباباوات عبر التاريخ، وفي ما يأتي التفاصيل.

دلالات الزي الابيض للبابا (انترنت)

لماذا يرتدي البابا الابيض؟

يُعرَف الحبر الأعظم بظهوره الأبيض الناصع، ذاك اللون الذي رسّخه تاريخياً البابا بيوس الخامس، إذ أبقى عادة الدومينيكان البيضاء بعد انتخابه. ومنذ ذلك الحين، صار البياض علامةً مميّزة لهيبة السدة البابوية ورمزاً للنقاء والصفاء الرسوليّ.

لماذا يرتدي البابا الابيض (انترنت)

ماذا يشمل رداء البابا الأبيض وما دلالاته؟

يشمل الزيّ اليوميّ للبابا الآتي:

• العباءة البيضاء (السطانة): تحتوي على 33 زراً في دلالة إلى السنين التي عاشها المسيح على الأرض. ويرمز هذا الرداء الأبيض الذي رافق بابا روما منذ القرن الثالث عشر بعدما كان الأحمر اللون الرسمي، إلى البراءة ، المحبّة والقداسة، الصفات التي يتحلّى بها الباباوات عبر التاريخ.
• القلنسوة الصغيرة (الزوكتّو): التي يرتديها البابا على رأسه. كان الغرض منها إبقاء رأس البابا دافئاً، وترمز إلى دور البابا الراعي لشعبه.
• الفاشيا أو الحزام المطرّز بشعار البابا: يمثّل تفانيه بالخدمة التي دعاه إليها المسيح وحمايته لها. كما يرمز إلى استعداده الدائم للخدمة ومواكبة الكنيسة.
• البيلّغرينا أو الرداء الأبيض القصير: يغطي كتفي البابا، تشبه العباءات التي كان يرتديها الحجاج الكاثوليك قديماً. وفيما يرتديها الكرادلة والأساقفة أيضاً، إلّا أنّ اللون الأبيض مخصص للبابا فقط.
  
  

فيما يكتمل الحضور بالخاتم الرسوليّ "خاتم الصيّاد" الذي يجسّد سلطة بطرس الرسول. ويعلّق البابا على صدره الصليب الحبريّ الذي يرافقه في كل تنقّل، علامةً لثبات الكلمة وبُشرى الخلاص.

رموز ارتداء البابا اللون الابيض (انترنت)

لون حذاء البابا ورمزيّته

قديماً، كان ينتعل البابا حذاءً أحمر في دلالة إلى استعداده للشهادة من أجل البشارة بالمسيح. أمّا بعد انتخاب البابا الراحل فرنسيس، فقد تغيّر هذا النهج، إذ اختار انتعال حذاء بسيط في دلالة إلى التواضع والغوص في العمل التبشيري. وقد اختار البابا لاوون الرابع عشر بدروه الاستمرار بهذا النهج وانتعال حذاء بسيط.

لون حذاء البابا ورمزيته (انترنت)

رداء البابا الأبيض رمز لإطلالة رئيس الكنيسة الكاثوليكية

في الحقيقة، وبعيداً من رمزية ارتداء نساء ملكيات اللون الأبيض في حفل تنصيب البابا، ليس لباس البابا تفصيلاً بروتوكولياً، بل نصٌّ روحيّ حيّ يُقرأ وفي هيبته معنى الرسالة. فبياضه يذكّر بأن قداسة المنصب ليست في المظاهر، بل في دعوة الخدمة. وألوانه الطقسيّة تروي مسيرة الكنيسة بين الفرح والفصح، وبين التوبة والرجاء. أمّا تقاليده المتوارثة، فتبقى صدى لذاكرة رسوليّة لا تزال تشعّ نوراً في عالم يزداد ظلاماً.