رحلة إلى قلب كوريا... دراما على الشاشة وتجربة في الشارع

تخيّل أنك تهبط في مطار إنشون الدولي، لتدخل إلى قلب مدينة لا تهدأ… سيول. عاصمة تجمع بين التاريخ العريق وضوء الشاشات العالمية، لتتحول في السنوات الأخيرة إلى مسرح حيّ للموجة الكورية الجنوبية التي خرجت من حدود الكيبوب والدراما والسينما، وامتدت إلى الشوارع والمقاهي والقصور وحتى المطابخ.
في يوليو 2025، استقبلت سيول أكثر من 1.36 مليون زائر دولي، وهو رقم قياسي يكشف كيف أصبحت المدينة وجهة يسافر إليها الناس ليعيشوا لحظاتهم المفضلة من جديد. بعضهم يزور جزيرة نامي ليستحضر مشهدًا دراميًا أحبّه، وآخرون يدخلون قصر غيونغ بوك ليشعروا أنهم جزء من التاريخ.
هذا القصر بالتحديد أصبح محطة أساسية للسياح، كما يوضح المرشد السياحي Jiho Kim: "قصر غيونغ بوك يعتبر أكبر قصر متبقٍ في كوريا وأقدمها. بفضل ذلك، تم تصوير العديد من المسلسلات والأفلام فيه. وكما تعرفون، هناك الكثير من الأعمال المتعلقة بمملكة جوسون، لذلك نلتقي السياح باستمرار في هذا المكان".
لكن سحر التجربة لا يقتصر على المشاهدة. ارتداء الهانبوك، الزّي التقليدي الكوري، صار طقساً سياحياً لا يُفوّت. ويضيف Jiho Kim: "إذا زرت قصر غيونغ بوك، فسترى العديد من الأشخاص يرتدون الملابس التقليدية الكورية. أعتقد أن هذا يرجع إلى الموجة الثقافية الكورية، لأننا في الكثير من المسلسلات أو الأفلام نرى هذه الثقافة بوضوح. هذا التيار يجعل السياح يحبون ارتداء الهانبوك داخل القصر".
ولأنّ الكاميرا لم تعد محصورة بالشاشة، كيف غزت الدراما الكورية العالم؟
في الحقيقة، أصبحت المقاهي الصغيرة التي ظهرت في المسلسلات، وحتى مواقع تصوير الأعمال العالمية مثل "Squid Game" أو "Parasite"، وجهات سياحية يقصدها عشاق الفن السابع. بل إن بعض الأزواج يختارون التقاط صور زفافهم في القصور التاريخية، بحثًا عن لمسة رومانسية مميزة.
وإذا ابتعدنا قليلاً من الكاميرا، فسنجد أن المطبخ الكوري يقدّم بدوره مغامرة لا تقل إثارة. النودلز الحارة (راميون) تحوّلت إلى أيقونة، وأسواق الطعام الشعبي تمتلئ بأطباق مثل التوكبوكي والكيمباب، حيث تحكي كل نكهة قصة من الثقافة.
ويشير Jiho Kim إلى وجهة أساسية لعشاق الأكل: "أوصيك بزيارة شارع ميونغ دونغ في وسط سيول. هناك محلات المكياج والأزياء، إضافة إلى أكشاك الأكل الكوري التي تبقى مفتوحة حتى العاشرة مساءً. الشارع مكتظ بالسياح طوال اليوم، كما توجد مطاعم كورية حلال يمكنكم تجربتها".
لكن سيول ليست فناً وأكلًا فقط. فالكثير من الزوار ينجذبون إلى ثقافة الاستجمام من خلال حمّامات الجينجِل بانغ التقليدية، أو إلى السياحة العلاجية والتجميلية التي باتت كوريا رائدة فيها عالمياً. وفي موازاة ذلك، تقود الأزياء الكورية موجة جديدة من الشغف، بحيث تتحول شوارع مثل ميونغ دونغ ودونغ ديمون إلى منصات عرض حيّة لآخر صيحات الموضة المرتبطة بنجوم الكيبوب.
وسط كل هذا التنوع، تبقى نقطة قوة سيول في توازنها بين الماضي والحاضر. ويشرح Jiho Kim: "يمكننا أن نجرب التوازن بين الماضي والحديث بشكل جيد في سيول. فقد كانت العاصمة لأكثر من 600 سنة، وما زالت تحتفظ بالقصور والآثار جنباً إلى جنب مع المباني الحديثة. كثيرون من السياح يقولون إن المدينة جميلة جداً لهذا السبب. وإذا أردت أن ترى ذلك بوضوح، فأوصيك بزيارة قصر دوكسو، حيث تجتمع العمارة القديمة والحديثة في المكان نفسه".
هكذا تكتب سيول قصتها: مدينة تجمع التاريخ مع الحداثة، والمطبخ مع الدراما، والأزياء مع الطقوس الشعبية. ومع خدمات Yalla Korea، التي تأسّست عام 2016 التي تقدم إلى السيّاح العرب باقات مخصصة ورحلات جماعية إلى كوريا واليابان وخدمات تنسيق تجميلي، تصبح الرحلة أكثر من مجرد زيارة… بل تجربة متكاملة تعيشها بكل تفاصيلها.