بعد هناء الصيف… كيف نعيد التلاميذ إلى روتين المدرسة؟

لا يشكل الانتقال من أجواء الصيف وحريته وراحته إلى التزامات المدرسة وقوانينها الصارمة تحدياً للأطفال وحدهم، بل ينعكس أيضاً على حياة الأسرة كلها. السهر، واللعب، والراحة من الواجبات الدراسية، تتحول فجأة إلى استيقاظ باكر، والتزام الروتين، ومواجهة المتطلبات الأكاديمية. فكيف يمكن تكون هذه المرحلة الانتقالية أكثر سلاسة؟
تجيب الاختصاصية النفسية أليسا رشدان، في حديث لـ"النهار"، بالقول إنّ أول ما يحتاجه الطفل في هذه المرحلة هو التدرّج في إعادة الروتين، خصوصاً مواعيد النوم والاستيقاظ، مشددةً على ضرورة التحضير لأول يوم مدرسي قبل أسبوعين على الأقل من بداية العام الدراسي، بتقديم ساعة النوم يومياً شيئاً فشيئاً، ليتأقلم الطفل مع هذا التغير الزمني من دون صدمة جسدية أو نفسية. تضيف رشدان: "الجسم يحتاج وقتاً ليتأقلم، والطفل سيكون أكثر استعداداً إذا بدأنا التغيير خطوة بخطوة".
نصغي إلى مشاعره
إلى جانب تنظيم النوم، ترى رشدان أنّ الحوار أساسي، "ويجب أن نتحدث مع أولادنا عن مشاعرهم تجاه المدرسة، وأن نوفّر لهم مساحة آمنة ليعبروا عمّا يقلقهم أو يحمّسهم، من دون إصدار أحكام مسبقة أو التقليل من شأن ما يقولونه". وتلفت إلى أنّ بعض الأطفال يشعرون بالقلق والحماس معاً، وهذا طبيعي تماماً، "والأهم أن نطمئنهم إلى أننا دائماً إلى جانبهم، وأن مشاعرهم مفهومة ومشروعة".
تحذّر رشدان من الطريقة التي يتحدّث بها الأهل عن المدرسة أمام أطفالهم: "كثيرون يكرّرون عبارات مثل: الله يجيبك يا مدرسة لأرتاح... هذه الرسالة السلبية تؤثر في وعي الطفل. والأفضل أن نُظهر الحماسة، وأن نقدّم المدرسة بوصفها فرصة للتعلّم واللقاء بالأصدقاء، وليس بوصفها عقوبة".
وترى رشدان أنّ لإشراك الطفل في شراء المستلزمات المدرسية أثر نفسيّ مهمّ، "فحين يختار دفاتره وأقلامه بنفسه، يشعر بأنه شريك في التحضير، فيصبح متحمساً لبدء السنة الجديدة"، مع ضرورة تجنّب تحميل الأطفال هموم الأهل: "من الأفضل ألا نتحدّث أمامهم عن الضغوط المادية أو مشكلات الأقساط، لأن هذه المشاعر تنتقل إليهم وتزيد توترهم. المطلوب أن نحافظ على هدوئنا لنساعدهم على الشعور بالاستقرار".
بم توصي لجعل التجربة أقلّ توتراً؟
- سؤال الأطفال دورياً عن مشاعرهم.
- مشاركة الأبناء قصصاً ممتعة عاشها الأهل في أيام دراستهم (ليشعر الطفل بأن أهله يهتمّون لسعادته، وليس لدرجاته فحسب)
- قراءة قصص خاصّة بالعودة إلى المدرسة، كي يجد الأطفال أنفسهم في تجارب مشابهة وأنهم ليسوا وحدهم.
ختاماً
بالنسبة إلى رشدان، قد تكون العودة إلى المدرسة مناسبة لبناء روتين صحيّ وعلاقة أقوى بين الأهل وأبنائهم، "وحين نتعامل مع هذه المرحلة بهدوء ووعي، نخفّف التوتر ونحوّلها إلى تجربة إيجابية مليئة بالفرص".