مضت سنة على ولادة لجنة وقف الأعمال الحربية "الميكانيزم" من دون أن تحدث خروقا كبيرة، وقد تحولت إلى صندوق بريد لنقل الشكاوى مع تبني رئيسها الأميركي وجهة نظر إسرائيل والتغاضي عن اعتداءاتها المتواصلة، وسط شكوك في موقف السلطة وتساهلها حيال "حزب الله".

لم تؤدّ "الميكانيزم" المهمات المطلوبة منها رغم تمسك لبنان بها، ولا تعيرها تل أبيب الاهتمام المطلوب، إذ يستكمل جيشها ضرباته في أكثر من منطقة، ولا يكتفي بذلك، بل يعمل على بناء جدران وقضم مساحة في جنوب الليطاني. ولا تتأخر في تقديم رزمة من الشكاوى في وجه الجيش اللبناني واتهامه بالتقصير حيال "حزب الله"، وأنه يغطي على نشاطاته وعدم سحب سلاحه ومنصاته من المستودعات، رغم أن رئيس اللجنة الجنرال جوزف كليرفيلد يشيد بما يقوم به الجيش على مسمع موفدة بلاده مورغان أورتاغوس، على عكس ما يصدر عن السناتورين في الكونغرس ليندسي غراهام وجوني أرنست.
ومن الملاحظات اللبنانية على الأميركيين أنهم بدلوا ثلاثة جنرالات خلال سنة، في دلالة على عدم اكتراث، إذ إن اللجنة لا تجتمع إلا بطلب إسرائيلي لا لبناني، فيما يتم القفز فوق ممثل "اليونيفيل"، علما أن الجانبين الإسرائيلي والأميركي لا يبديان اهتماما بممثل فرنسا. وما حصل أخيرا في إلغاء زيارة قائد الجيش لواشنطن كشف عمق التشكيك في خطة الجيش بفعل إصرار "حزب الله" على رفض التسليم بحصرية السلاح في يد الدولة.

وتوازيا مع مسلسل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، يؤكد عميد متقاعد كان يشارك في اجتماعات اللجنة الثلاثية في الناقورة قبل الحرب الأخيرة أن الأميركيين لا يعطون "الميكانيزم" الدور المطلوب لأنهم "لا يركزون إلا على إبراز مصلحة إسرائيل وحشر الجيش اللبناني واتهامه، بغض النظر عما يقوم به "حزب الله".

وجاء إنشاء "الميكانيزم" امتدادا لمندرجات القرار 1701، وأصبحت خماسية بعد الحرب.

في غضون ذلك، يرى الخبير العسكري الياس فرحات أن وتيرة اجتماعاتها "بطيئة جدا وأن رئيسها الأميركي لا يدعو الأعضاء إلى الاجتماع بالوتيرة المطلوبة، ويتم التهرب من مطلب لبنان، مع الإشارة إلى اعتداءات إسرائيل وارتفاع خروقها في الجنوب وصولا إلى البقاع، وتواصل التفجيرات وأعمال القتل اليومية، ولا تقوم بالواجبات المطلوبة منها، أقله حيال لبنان".

وهل من الأسلم للبنان التمسك بها؟

يجيب فرحات: "لا بديل منها، ومن مصلحة لبنان التمسك بها.وكان من الأفضل لو كانت مرجعيتها الأمم المتحدة لاواشنطن. ويعمل الأميركي على تحويل مهمتها من وقف لإطلاق النار إلى التفرغ لمراقبة "حزب الله" وتحركاته والسكوت عن كل ما يأتي من جهة إسرائيل، وتكليف الجيش مهمات لا تخدم إلا مصلحة الأخيرة.
يتعامل الإسرائيلي من زاوية مصالحه لا أكثر، بالتنسيق مع الأميركيين. ورغم كل الملاحظات على اللجنة "لا خيار أمام لبنان إلا التمسك بها".
من جهة أخرى، يبقى العامل الجديد الذي طرأ على مسار عضوية اللجنة، ألا يبقى المشاركون فيها من العسكريين فحسب،إذ إن أميركا تطالب بتطعيمها بمدنيين، الأمر الذي لم يعترض عليه الرؤساء الثلاثة، وكان محل قبول عند الرئيس نبيه بري،شرط ألا تتجاوز المساحة إشراك المدنيين في المسائل التقنية.لكن المفاجأة أن تل أبيب لم تبدِ قبولا بهذا الطرح، ولم تعطِ أيّ اشارة إيجابية حيال إعلان الرئيس جوزف عون الاستعداد لمفاوضات مع إسرائيل، شرط ألا تتخطى السقف الأمني ولا تكرر نسخة اجتماعات مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.